uقد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون-حفظهم ورعاهم- الدورة السادسة والأربعون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اليوم الأربعاء الموافق 3 ديسمبر 2025م، في قصر الصخير بمملكة البحرين ، برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المعظم- حفظه الله ورعاه- رئيس الدورة الحالية، ومشاركة معالي الاستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وفي مستهل الكلمة، رفع معالي الأمين العام إلى مقام حضرة صاحبِ الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة – حفظه الله ورعاه – أصدق مشاعرِ التهاني والتبريكات لترؤسه هذه الدورة المباركة السادسة والأربعون للمجلس الأعلى الموقر، دورةٍ نتفاءل ببزوغ نورها، ونستبشر بحكمتها، ونعقد الآمال على رؤيتها، لتكون – بعون الله تعالى – قمةَ خيرٍ وبركة، وتكاملٍ ووحدة، وقُربى وأُلفة، تجسد ما عُرف عن قادتنا – وفقهم الله – من عزمٍ لا يهون، وإخلاصٍ تزهر به الإنجازات، وتُصان به المكتسبات. كما رفع معالي الأمين العام إلى مقام حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت -حفظه الله ورعاه – أصدق التهنئة وأسمى عبارات الثناء على ما تميّزت به رئاسة سموّه للدورة الخامسة والأربعين من حكمةٍ راسخة، ورؤيةٍ نافذة، وحرصٍ صادق على دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، وما قامت به حكومة دولة الكويت، من جهدٍ سخيٍّ وعملٍ دؤوب لتعزيز هذه المسيرة المباركة، وتأكيد ما تتطلع إليه شعوبنا من وحدة الصف، وصفاء الهدف. وذكر معالي الأمين العام خلال الكلمة ما شهدناه هذا العام حادثتين مؤلمتين أظهرتا للعالم أجمع أن المصير الخليجي مصيرٌ واحد، وأن الأمن الخليجي أمنٌ واحد، وأن الكلمة إذا اجتمعت عَلَت، وإذا تفرقت وَهَنَت، حادثتان برهنتا أن ما يجمع دولنا ليس فقط الجوار، بل القرار والدار والذِّمار، وأن الخطب مهما اشتدّ فلن يفلّ من عزيمتنا ولن يفكّ عُرى وحدتنا، الحادثة الأولى الهجمات الصاروخية الإيرانية التي طالت دولة قطر، في عدوانٍ مرفوضٍ وانتهاكٍ صريح لسيادتها ومجالها الجوي ومبادئ حسن الجوار، ومخالفةٍ جليّة للقانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، الحادثة الثانية العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر، خلال جهود الوساطة القطرية لغرز بذور السلام في غزة، مما أدى إلى استشهاد البطل بدر الدوسري – رحمه الله –، وسقوط مدنيين، وتعريض حياة المقيمين والدبلوماسيين للخطر في منطقة سكنية مكتظة بالمدارس والبعثات الدبلوماسية، في اعتداءٍ صارخ على الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن. مشيراً أن الشدة تُظهر المعدن، وتكشف جوهر الأخوّة، فقد هبّت دول مجلس التعاون قاطبةً، لإسناد دولة قطر ودعم أمنها وسيادتها، وأكد المجلس أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من أمن دول المجلس جميعًا، وأن أي تهديد تتعرض له دولة خليجية، هو تهديد مباشر لكل دول المجلس. وأشار معاليه إلى مواقف دول مجلس التعاون تجاه القضية الفلسطينية صامدةً وثابتةً ثبات القيم، لا تنحرف ولا تتبدل، وما تزال دول المجلس تؤكد مركزية هذه القضية، وضرورة إنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، مشيداً في هذا المقام بدور المملكة العربية السعودية في قيادة الجهود الدولية لتنفيذ حل الدولتين، ونرحب بنتائج المؤتمر الدولي للتسوية السلمية بالقضية الفلسطينية في نيويورك (سبتمبر 2025)، وما حمله من دعمٍ صريح للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ونرحب كذلك بمخرجات قمة شرم الشيخ للسلام – 14 أكتوبر 2025، وبالاتفاق الذي وقّعته دولة قطر ومصر وتركيا والولايات المتحدة، والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى لوقف الحرب على غزة، مؤكدين ضرورة التزام الأطراف كافة باتفاق وقف إطلاق النار، مثمنين أيضًا ما تقدمه دول المجلس من مساعداتٍ إنسانية وإغاثية لدعم أبناء الشعب الفلسطيني. كما أكد معاليه أن السياسات الحكيمة لدول مجلس التعاون أثمرت نموذجًا ناجحًا للعمل الإقليمي المشترك، جمع بين الاستقرار السياسي، والازدهار الاقتصادي، والتعاون الأمني، حتى أصبح مجلس التعاون منارةً مضيئة تُقصد للشراكات الإقليمية والدولية، وأن أبرز ما تحقق خلال عام 2025، أولاً، الشراكات الدولية، نجاح القمة الخليجية – الأمريكية التي التأمت في 14 مايو 2025 بالرياض، عقد قمة مجلس التعاون والآسيان، والقمة الثلاثية مع الصين في 27 مايو 2025 بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، عقد 13 اجتماعًا وزاريًا مشتركًا مع دول عربية وصديقة ومجموعات دولية، استمرار الأمانة العامة في متابعة تنفيذ مذكرات التفاهم وخطط العمل مع الدول والمنظمات الدولية، ثانيًا، التعاون العسكري، البدء بتنفيذ قرارات وتوصيات الدورة الاستثنائية لمجلس الدفاع المشترك، والذي عقد تنفيذاً لتوجيهاتكم السديدة – حفظكم الله ورعاكم – في ضوء العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر تنفيذ العديد من التمارين العسكرية المشتركة، حيث يعقد حالياً تمرين اتحاد 25 الخاص بالقوات البحرية الخليجية، استمرار عقد اجتماعات اللجان العسكرية المتخصصة، لتعزيز قدرات الردع المشتركة، ثالثًا، التكامل الاقتصادي والتنمية، إنشاء الهيئة الخليجية للطيران المدني، اعتماد التعديلات على بعض مواد الاتفاقية الموحدة للضريبة المضافة والانتقائية، إطلاق منصة الخليج الصناعية، وبدء تنفيذ المركز الخليجي للثورة الصناعية الرابعة، التقدم في مشروع الاتحاد الجمركي عبر تشغيل منصة تبادل البيانات الجمركية (2026)، تعزيز السوق الخليجية المشتركة، وتنظيم تجارة الخدمات، وآليات الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية، توقيع بيان بدء مفاوضات التجارة الحرة مع ماليزيا، رابعًا، الشؤون التشريعية والقانونية، إصدار دليل الصياغة التشريعية للأنظمة الموحدة، تعزيز النزاهة عبر الأدلة الخليجية الخاصة بمكافحة الفساد، اعتماد عدد من القرارت للمجموعة الخليجية لدى مجلس حقوق الإنسان، اعتماد الأسابيع الخليجية، للرقابة المالية والإدارية، ولحماية القيم الدينية والأخلاقية للأسرة، خامساً، الشؤون الأمنية، اعتماد الاستراتيجية الخليجية الامنية لمكافحة جرائم غسل الأموال 2026-2030، الإعداد لمؤتمر الأمن الخليجي/ العالمي2027 في دولة الإمارات العربية المتحدة، الإعداد لأعمال التمرين التعبوي (امن الخليج العربي 4) في دولة قطر، التحضير للبدء بتنفيذ مشروع النقطة الواحدة عند السفر جواً وذلك بشكل ثنائي بين الدول في حال جاهزيتها. واختتم معالي الأمين العام كلمته بأن المجلس الوزاري خلال اجتماعه التحضيري، رفع لمجلسكم الموقر ما توصّل إليه من نتائج وتوصيات، ونسأل الله – جل في علاه – أن يبارك أعمال هذه القمة، وأن يجعل خطاها موفقة، ومسعاها مباركًا بتوفيقٍ من الله ثم بتوجيهاتكم الحكيمة والسديدة، وأن يديم على دولنا نعمة الأمن والأمان، والاستقرار والازدهار.