يُعرّف الغضب على أنه رد فعل عاطفي في مقابل موقف يعاكس توقعاتنا أو مبادئنا وقد تكون نتيجة هذا الغضب محمودة أو مذمومة، أما المحمود منه فهو ما استرد معه المرء حقا من حقوقه، والنوع الآخر هو ما يكلف المرء شيئا من صحته النفسية والجسدية. منذ الأزل تناول الفلاسفة موضوع الغضب باعتباره حالة غير طبيعية وجنونية يفقد فيها المرء رُشده مما ينتج عن هذا تصرفات غير مسؤولة يؤذي بها نفسه ومن حوله، صُنّف الغضب على المستوى 150 في سلم مراحل الوعي بحسب تصنيف الدكتور الفيلسوف الراحل ديفيد هوكينز وهو ما اعتبره دليلا على مؤشر سيطرة الطاقة السلبية على الفرد، كما وصفه بأنه ضعف وسلوك بدائي غير ناضج. في خروجنا من دائرة الأمان إلى دائرة الخطر نصبح عرضة لضغط مستمر فالتنافس ورغبتنا غير المنطقية أحيانا في تحقيق أفضل النتائج تصيبنا بالغضب والإحباط في حال لم تتحقق تلك النتائج وكانت غير مرضية لنا، نوبة الغضب هذه سوف تعتلي مشاعرنا فنبدأ بالبحث عن مسوغات هذا الإخفاق وفي بعض الحالات نلجأ لأن نسقطه على غيرنا، ولن تنتهي هذه الحادثة عند هذا الحد والذي لا يدركه الكثير أن نوبات الغضب تمتد آثارها على المدى البعيد فتترك داخلنا ندباً نفسياً أو حتى داخل الطرف الآخر الذي تعرض للتقريع نتيجة نوبة الغضب التي ألمت بنا، والشواهد الطبية في ذلك كثيرة، وهنا أود أن أتطرق إلى علم طبي قرأت عنه مؤخرا يسمى - علم الميتاهيلث - الذي وجد في سبعينات القرن الماضي، وهو علم ما وراء الصحة ويتناول علم الميتاهيلث هذا الجانب من الأضرار النفسية التي تُصيب الفرد بعلّة جسدية إثر تعرضه لصدمة ما وكما يؤكد على أن أجسادنا تتغير لحظيا تزامنا مع التغيرات المحيطة بنا. إنّ تعرضنا للصدمات أمر وارد وطبيعي ومعرفة كيفية التعامل معها يضمن لنا صحة وجودة حياة أفضل، ففي تقبلنا لحالات الاستياء والنظر للنصف الممتلئ من الكأس خطوة أولى لتصفية الذهن جزئيا من هذه الغمامة. معرفة المرء أن للبشر قدرات محدودة عامل أساسي يساعد على وضع أهداف قابلة للتحقيق وبالتالي يرتفع منسوب الرضا عن النفس. إنّ الابتعاد عن المغالاة في تقدير الذات والتذكر بأن البشر جميعهم على حد سواء يساهم أيضا في تقبل أخطاء البشر، لا تستدعي ماضيك المؤلم وتجاوزه، ولا ننسى وصية نبي هذه الأمة عليه الصلاة والسلام حين أوصانا وقال: «لا تغضب».