أثبتت العقود الماضية أن المملكة هي المصدر الآمن للطاقة الصادرة من النفط الأحفوري، عن طريق امتلاك قدرات فنية وخبرات عملية مكنتها من تأمين الطاقة لدول العالم بأسعار معقولة للمنتج والمستهلك، فضلاً عن قدرتها على سد أي نقص في الطاقة يشهده العالم لسبب أو لآخر، وعززت هذه القدرات الاستثنائية ثقة جميع الدول في المملكة، لتكون المصدر الموثوق لتوفير الطاقة للجميع. ولم تكتف المملكة بأن تكون المصدِّر الأول للنفط، ورأت أن تواكب مستجدات أسواق الطاقة العالمية، وتشارك دول العالم الأول اهتمامها بإنتاج الطاقة النظيفة من مصادرها المتجددة، تحسباً لنفاد متوقع للنفط في باطن كوكب الأرض، بحسب أبحاث ودراسات دولية أشارت إلى ذلك. حبا الله المملكة بموارد طبيعية متعددة، تمكنها من تحقيق كل تطلعاتها في ملف الطاقة المتجددة، من غاز وأشعة شمس وحركة أمواج ورياح وغيرها، وتعمل البلاد على استغلال هذه الموارد، مع تعزيز قدرتها على استخدام الطاقة النووية بحلول 2030، وفي وسط هذه التطلعات، تشدد المملكة على اتباع أقصى درجات الحرص للحد من الانبعاثات الضارة، وتحث دول العالم على هذا الأمر، يضاف إلى ذلك جهود المملكة لتكون القدوة والمثل للدول المستهلكة في التعامل التكنولوجي البيئي المبتكر مع كل تداعيات الطاقة النظيفة في كل المراحل، من التنقيب والإنتاج والمعالجة والإمداد والتصنيع والاستهلاك، هذه السياسة كشف عنها وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بكل ثقة واقتدار في حشد دافوس الأخير. جهود المملكة في ملف الطاقة المتجددة، لم يكن وليد المصادفة، وإنما جاء وفق مخطط شامل ومتدرج، جاءت به رؤية 2030 قبل نحو 5 سنوات، هذه الرؤية تسعى وتخطط أن تكون السعودية المصدر الأول والآمن للطاقة المتجددة، مثلما كانت في النفط، ويدل على ذلك التوجه إنشاء مدينة نيوم المواكبة للثورة التكنولوجية الإلكترونية النظيفة، وتحديداً الطاقة الهيدروجينية، لتكون وقوداً لوسائل النقل، وهذه الخطوة تعزز جهود العالم لحماية المناخ وطبقة الغلاف الجوي لكوكب الأرض من خلال استخدام الطاقة النظيفة بكافة أشكالها الصديقة للبيئة. حديث وزير الطاقة في دافوس، وكأنه يبعث رسائل مهمة للعالم، تكشف عن سياسة المملكة في التعامل مع الطاقة خلال المرحلة المقبلة، منها أن المملكة أثبتت مقدرتها بأن تكون مصدر الطاقة بجميع أنواعها، وهي تؤمن بالحيادية لمصادرها، طالما هناك جهود تكرس لتقليل جميع الانبعاثات الغازية الناشئة من جميع قطاعات الصناعة ذات الصلة بالطاقة، والقطاعات الأخرى التي لا ترتبط بالطاقة.