اختتمت فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2020 الجمعة بالإجماع على ما أثاره وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان من فكر تكنولوجي مبتكر بربط قضية تغير المناخ برمتها بقلة اهتمام المنتجين بالاستثمار في الانبعاثات مع ضرورة توفر أربعة عناصر رئيسة يجب أن تحققها صناعة الطاقة في العالم مثلما تحققها المملكة الآن وهي «الاستدامة» و»الأمن» و»سهولة الوصول»، و»الاستقرار» وهذا ما تسنى للعالم مشاهدته عن كثب عقب هجمات 14 سبتمبر الماضي على أكبر منشآت النفط والغاز في المملكة حيث أثبتت المملكة بأنها المنتج الموثوق به في ظل أمن إمدادات الطاقة الوافرة المستقرة المستدامة، وحرص المملكة بصفتها اكبر منتج ومصدر للطاقة أن تكون القدوة للدول المستهلكة في التعامل التكنولوجي البيئي المبتكر مع كافة أنواع الطاقة في كافة المراحل من التنقيب والإنتاج والمعالجة والإمداد والتصنيع والاستهلاك. وحمل ختام المنتدى أصداء أقوى رسالة وجهها وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان للعالم من على منبر دافوس بأن المملكة بصفتها مستضيفة أعمال مجموعة العشرين على مدى العام الجاري 2020 إلى اجتماع القمة في نوفمبر القادم لن تتنازل عن مساعيها الوطنية وتكنولوجياتها المتطورة تجاه المفهوم الذي ستطرحه مجدداً في قمة العشرين القادمة المتعلق بالاقتصاد الدائري منخفض الانبعاثات الكربونية وهو الحل الأمثل والمنحى الذي عكف عليه سموه موعزاً لعلماء الطاقة بالمملكة بقيادته شخصياً للغوص في أعماق هذا المفهوم والتوصل للطرق التي تعظم استخدام الكربون وكافة انبعاثات الصناعة وتحويلها لمنتجات مربحة محققة نظرية الكل رابح، في حين أن أغلب الانبعاثات تأتي من الموارد الأحفورية الهيدروكربونية بما في ذلك الاستخراج ومنها النفط الصخري الذي تتزعم الولاياتالمتحدة إنتاجه على المستوى العالمي وتراهن بتنافسيته. إلا أن أكثر ما شد انتباه حشد دافوس حينما ربط وزير الطاقة، بخبرته العريقة على مدى عقود على حد وصفهم، بين الجهود الخارقة التي تشنها المملكة للتحول الضخم للطاقة النظيفة وإنشاء مدينة نيوم المواكبة للثورة التكنولوجية الإلكترونية النظيفة التي تقوم على الطاقة الهيدروجينية وقوداً لوسائل النقل معززة بذلك جهود العالم لحماية المناخ وطبقة الغلاف الجوي لكوكب الأرض من خلال استخدامها للطاقة النظيفة بكافة أشكالها الصديقة للبيئة. وشهدت جلسات المنتدى الجانبية والرئيسة الدفاع القوي المستميت من قبل وزير الطاقة تجاه المسببات الحقيقية لتغير المناخ وإنتاج الطاقة النظيفة والخطى الشاسعة التقدم التي قطعتها المملكة نحو تنويع مزيج الطاقة الخاص بها وتنفيذ مشروع كفاءة الطاقة وتقليل الاستهلاك المحلي وكثافة الطاقة في اقتصاد المملكة والتوجه نحو السيارات الأكثر كفاءة ونقاء والمشروعات البيئية الأخرى الناجحة التي تنفذها المملكة لتكون أكثر كفاءة من أي دولة أخرى في العالم. مشيراً سموه إلى أن المملكة هي الدولة الوحيدة التي لديها قدرات فائضة قابلة للاستخدام والتي تم استخدامها بالفعل بضع مرات من أجل التخفيف من أي حالات نقص في الإمداد. وأوضح سموه أن المملكة تحافظ على مسار عمل جيد لمحاولة إيجاد حلول مشتركة لمشكلة تغير المناخ بأكثر من طريقة شاملة ممكنة ومن الواضح أننا كمنظمين لقمة العشرين يجب أن نتحلى بروح المبادرة والمشاركة كما يجب أن نراعي أيضاً تطلعات وأولويات المشاركين الآخرين وإذا أردنا أن نكون منظمين جيدين ونتحلى بروح المشاركة يجب أن نبادر بتقديم الأفكار والاقتراحات كما يجب أن نراعي أفكار واقتراحات الآخرين أيضاً، والمملكة لديها الكثير تود إبرازه ونحن لسنا مثل منتجي البترول الذين يخشون من إظهار أنفسهم أمام العالم، بل نرغب في انتهاز الفرصة لاستعراض وممارسة قدرتنا على تقديم وعرض الأشياء التي نقوم بها وهذا هو ما يتعين على المنتجين ذوي المسؤولية أن يفعلوه. فنحن لدينا موارد واسعة من البترول والغاز وأشعة الشمس ونعمل على استغلال الموارد الثلاثة ونريد التأكد من أن العالم يهتم بكل مصادر الطاقة وقال سموه إن 2,6 مليار من مواطني العالم لا يمكنهم حتى الحصول على وقود نظيف للطبخ متسائلاً كيف إذاً أن نتحدث عن إتاحة الطاقة بينما يوجد لدينا مشكلة كبيرة تتعلق بالفقر في الطاقة، فنحن نريد التأكيد من أننا نهتم بإمدادات الطاقة وتوفيرها من كل مصادرها ولكننا أيضاً يجب أن نعمل على الحد من الانبعاثات وبالرغم من حدة الأطروحات في منتدى دافوس 2020 التي ربطت تغير المناخ بالنفط دون غيره كمسبب رئيس، إلا أن قادة تلك الأطروحات لم يجدوا جواباً حيال الخطر الأعظم الذي يسببه البشر أنفسهم من إخلال مدمر للطبيعة التي يعيشون في ظلها من صنوف شتى من النفايات غير المحللة في أعماق المحيطات واعتداءات بشرية بحرائق غابات حية أفنت 500 مليون حيوان ومليارات الأشجار والأغطية الخضراء في أستراليا على امتدادات مهولة تعادل مساحات عدة دول. كما لم يجدوا أيضاً جواباً لنفيات الدواء والمستشفيات والكثير من القضايا المشابهة التي عزت أكبر نسب الانبعاثات من الفرد واحتياجاته غير النفطية منها المباني حيث بلايين المباني تشيد وانبعاثاتها نشطة مستدامة. وتساءل كثير من المحللين حول كيفية تحويل وسائل النقل لخلق مستقبل أكثر استدامة، ومع استمرار نمو عدد السكان والاقتصادات ارتفع الطلب على التنقل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. ومع ذلك، فإن الحالة الحالية للنقل العالمي أبعد ما تكون عن الكمال، حيث إن عدد المركبات في ارتفاع، مما يدفع انبعاثات النقل والوفيات على الطرق إلى مستويات غير مسبوقة. وفي الوقت نفسه، لا يزال هناك مليار شخص من سكان الريف يفتقرون إلى الطرق التي تسير في جميع الأحوال الجوية، في حين أن وسائل النقل العام في المدن المزدهرة في العالم غالباً ما تكون غير ميسرة أو لا يمكن تحملها. ويتعين على العالم أيضاً توفير الطاقة لحوالي 1,3 شخص على كوكب الأرض لا تتوفر لهم كهرباء حتى الآن. وقال سموه والأهم في مجال الطاقة إننا حققنا أهدافنا لطريقة تتوافق في المقام الأول مع تطلعاتنا وأهدافنا الوطنية وإدراكنا لحقيقة أننا كموردين للطاقة يتعين علينا الاهتمام بما يتطلبه منا مستهلكونا وعملاؤنا وما يتوقعونه منا وقد ذهبنا إلى أبعد من هذا حيث أثبتنا في مناسبات عديدة قدرتنا على أن نكون المنقذين لمفهوم الطاقة. وحملت توصيات المنتدى بأن على العالم أن يستفيد كثيرًا من معالجة قضايا التلوث من وسائل النقل والانتقال نحو تنقل أكثر استدامة، حيث يمكن أن يترجم النقل الأفضل إلى 2.6 تريليون دولار إضافية في إجمالي الناتج المحلي السنوي، مع وفورات في الانبعاثات قدرها 1.8 قيقا طن من ثاني أكسيد الكربون، وتقليل وفيات الطرق بعدد 800,000 حالة وفاة متوقعة. وعلى الرغم من أن هذه الأهداف قد تبدو طموحة، إلا أنه يمكن تحقيقها بفضل الابتكار التكنولوجي والالتزام العالمي المتجدد ليصبح مستقبل النقل الأفضل بيئياً في المتناول. ويجب على قادة النقل في العالم التحرك لعرض الحلول الملموسة التي لديها القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي تنقل الناس والبضائع مع التركيز بشكل خاص على كيفية تحقيق النقل المستدام المعزز للنمو الاقتصادي القوي والشامل. الجلسة التي تناولت أجندة المملكة في قمة العشرين 2020 وضمت عدداً من الوزراء السعوديين في دافوس (رويترز)