أسعار النفط تسجل تراجعا طفيفا    الزمالك المصري يحجب رقم 10 الموسم المقبل بعد اعتزال شيكابالا    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    ترمب: اتصالي مع بوتين لم يحقق تقدمًا وأريد أن أرى أهل غزة آمنين    مجلس شؤون الأسرة يرأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع التشاوري الثالث لمجموعة عمل تمكين المرأة    رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن إتمام مشروع سد النهضة    إحباط تهريب (3000) قرص "إمفيتامين" في الشرقية    نادي الصقور السعودي يعلن عن فعالياته لعام 2025    دروس قيادية من يوشع عليه السلام    من الخطوط الهندسية إلى عبير الزهور    ليفربول يفتح دفتر التعازي في وفاة جوتا    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    وزير الخارجية يصل إلى موسكو في زيارة رسمية لروسيا    منتخب التشيك يجهز الأخضر لملحق المونديال    ضبط (6) مخالفين في عسير لتهريبهم (100) كجم "قات"    حرس الحدود بجدة ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة أبناء عبدالعزيز السالم    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    حمد الله يشارك في تدريبات الهلال    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    توقيع اتفاقيات بنحو 27 مليار دولار بين القطاع الخاص في السعودية وإندونيسيا    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أبانمي ترعى برنامج عطاء الصيفي بمشاركة ٢٥٠ يتيم    الأهلي يكشف شعاره الجديد ويدشّن تطبيقه ومنتجاته    شدد على أهمية الانخراط في تسوية سياسية عادلة.. المبعوث الأممي يدعو اليمنيين لإنهاء الحرب    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    أمطار على جنوب وغرب المملكة الأسبوع المقبل    التعليم: 500 مليون ريال مبادرات وشراكات لدعم التدريب    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    صراع قوي في ربع نهائي مونديال الأندية.. نهائي مبكر بين بايرن وباريس.. وريال مدريد يواجه دورتموند    أطلقت مشروع (تحسين الأداء المالي للأندية).. "الرياضة" تنقل أعمال لجنة الاستدامة المالية إلى رابطة المحترفين    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    "الغذاء والدواء": جميع المنتجات تخضع للرقابة    «الكتابات العربية القديمة».. أحدث إصدارات مركز الملك فيصل    الإنجاز والمشككون فيه    الجامعات السعودية تنظم ملتقى خريجيها من البلقان    أخضر السيدات يخسر أمام هونغ كونغ في التصفيات الآسيوية    اللقاءات الثقافية في المملكة.. جسور وعيٍ مستدام    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الشكوى هدية    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ عدة مناشط دعوية في الجوامع والمساجد    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    أمير منطقة جازان يشهد توقيع اتفاقيات انضمام مدينة جيزان وثلاث محافظات لبرنامج المدن الصحية    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجمل الرحلات بين السفن و«ظلظل» في عروس الشمال
تعقيباً على مقال الحمدان:
نشر في الجزيرة يوم 10 - 08 - 2014


سعادة رئيس التحرير .. مع الود والاحترام
المشرف على صفحة (عزيزتي الجزيرة) .. مع التقدير
قرأت الجزيرة عدد يوم الثلاثاء 9-10-1435 رقم العدد 15286، موضوعاً اجتماعياً عن الترابط الاجتماعي والأكلات الشعبية بقلم الأستاذ محمد الحمدان في صفحة عزيزتي الجزيرة بعنوان (أكثر من موضوع)، وأكتب هنا عن بعض الذكريات وأجمل الرحلات بين السفن .. وظلظل.
فأصدقاء الوالد - رحمه الله - الذين عشت معهم ذكريات طويلة جداً في الرحلات والكشتات البرية امتدت معهم إلى 33 سنة من عمري، اجتمعوا طيلة السنوات الماضية بالمحبة والاحترام والأخوة وصلة الرحم - توفي والدي - وبعض أصدقائه رحمهم الله تعالى، وبقي بعض أعضاء الشبة البرية متعهم الله بالصحة والعافية.. توقفت تلك الرحلات مؤخراً، وشدني الحنين وكتبت:
بين السفن وظلظل
عشت مع الرفاق أجمل أيام العمر
صباحات تضيء بأشعة الشمس
ومساءات تحت أضواء القمر
ذكريات انغرست في شعيب السفن
وجلسات سعادة تحت طلحة ظلظل
هنا لا املك إلا حروفي واشتياقي
في حائل أكثر من (650) رحلة برية جمعتني معهم في كل شهر رحلتان.. نذهب إلى أحضان الطبيعة.. إلى الجبال وروعة العشب والأشجار وإلى بعض الشعاب حين يشتد الحنين وأستعيد تلك الأيام.. عودتنا أنا وإخواني على محبتهم واحترامهم.. وتتوالى الصبحات.. وتتكرر الليالي.. ونعاود الطلعات.. وتمضي السنوات.. وكل هذا كلمح البرق..
و مع كل عام جديد.. أقول سأنسى تلك السنوات لكن حينما يهل العام تأتي تفاصيل الطلعات البرية إلى محيط قلبي بكل شوق.
ومن جديد تشتعل مواقد الشوق وتزداد لهفتي لتلك الأيام ليت العمر يرجع سنوات للوراء لكي أوثق جزءاً بسيطاً منها وبعض السفريات.. في كل مساء تغرد عصافير قلبي وتهرب إلى أحضان تلك الأزمان -الموشومة - بالسعادة والأنس والجمال (غصباً) عني بعض لحظاتي مجدولة بالبكاء، فالحنين يسبقني ويهزمني دائماً إلى الماضي التليد حباً لكبار السن عشت معهم أهم أيام عمري في أيام الربيع وفي فصل الشتاء، إنهم من أطيب من عرفت في حياتي.
سعيدة طلعاتنا فيها العلوم الجميلة والحكايات المتنوعة وفيها السعادة الأجمل والأخوة الصادقة والمزحات الطريفة، وفنون الطبخات والأكلات الشعبية اللذيذة - التي أنعم الخالق عز وجل بها علينا.. إنهم كالفجر حضورهم رائع في أزمنتي أحبهم كحبي لوالدي - رحمه الله -، في أيامنا الحالية نعيش غربة مزعجة جداً رغم حضور وسائل التقنية الحديثة.. لكن الأيام الطيبة والعلاقات البسيطة بدأت تختفي مع رحيل كبار السن الأجداد والآباء والأمهات.. ذهبت أيام الطيبة والبراءة والحضور الاجتماعي الهادئ بين الناس للأسف.. وأظل أهتف دائماً وأبوح لمن هم في عمري إن العمر بدون كبار السن يظل ناقصاً.. وإن البوصلة التي زرعتها في قلبي تتجه كثيراً لمحطات (السفن وظلظل ) فهي الأجمل
أيتها الأيام تسرقين منا العمر.. دائماً أتصالح مع ذكرياتهم، فهي أجمل موال أسمعه يزورني في منامي ويقظتي، إنها ذكريات تتشامخ وتسكن في العقل والقلب معا، لا أدري كيف تحولت السنوات إلى لحظة وكيف تحولت الذكرى الحنين ..
حاولت مراراً أن أفلت من (حنيني) لتلك الرحلات لكن فشلت مرارا، أشعر أحيانا بحاجتي إلى ذكرياتهم، ولأني لا أحمل جواز سفر أو موعد حجز أو أقص تذكرة، فأذهب لوحدي شمالاً إلى شعيب السفن ومرات أخرى أذهب إلى طلحة ظلظل جنوباً، لأجلس بعض الوقت وأداعب حصوات البطحاء أحاول لملمة التراب بيدي حتى لا تتبعثر الذكريات، وأحاول أحرث التراب بأطراف يدي لعلي أسمع خطواتهم ولعلني أسمع ضحكاتهم المتكررة، ولعلها تنطق وتحكي لي بعض الحكايات التي ارتوت منها عبر جيل من العمر.. ولكن يتحول اللقاء مع التراب إلى صمت غريب.. وأتذكر تفاصيل تلك الجلسات.. أتذكر في صباحات السفن الباردة جدا نشتاق وبسرعة لأشعة الشمس الدافئة.. وفي ظلظل نبحث عن ظل الشجر.. سبحان مغير الأجواء والأحوال. شاهدنا فيها روعة الأمطار والسيول.. والربيع
يزعجني كثير الغياب.. ويزع فيني الأمل لحظات الانتظار لعل بعض الطلعات تلك تعوووود.. فأسافر لتلك الأيام عبر طائرة القلم وأزيز الكتابة، لعلني أصل إلى أغلب تفاصيل تلك الجلسات البرية الممتعة أذكر بعضها وأجدها كالميلاد الرائع المتكرر وأبتسم كثيرا لبعض المواقف الطريفة، لأنها تقدم لي بعض عطور الفرح وشموخ الشوق، مسارات زمنية ماضية من عمري سكنت ذاكرتي طويلا تنشط ذاكرتي وتبهج خيالي، لأنها نقشت على صدري حب كبار السن في حياتي من كان عمري آنذاك 14 سنة تعلمت منهم الحب والاحترام والبر بالوالدين وصلة الرحم، وساعدني ذلك في ازدياد مساحات خبرتي بعد توفيق الخالق سبحانه وتعالى.
كثير من النداءات تصلني من أجل الذهاب مع الآخرين من الأصدقاء والزملاء في العمل.. تظل رحلات البر مع أصدقاء الوالد في المقام الأول ومن ثم مع الآخرين.
أثناء تلك الكشتات كانت هناك حوارات ونقاشات ودية ورسمية (وسوالف) مفتوحة على مدار الوقت، طبعا يتخللها بعض الصمت والهدوء، كلام عن أهمية الثقافة الدينية في حياة كل إنسان.. وحديث عن المجالات الاجتماعية وعن بعض الأدب والثقافات المختلفة، وعن مواقف الحياة في الزمن الماضي، وعن أحداث الدنيا في الوقت الحاضر والتبدلات والمفاهيم التي تغيرت .. إنها جوانب كلاميه إبداعية الكل يدلو بدلوه عن بعض الحقائق والآراء والانطباعات والطرائف، وطرح بعض الرؤى المستقبلية يستعرضون أحاديث متنوعة وهادفة ومتميزة، يستعرضون خبراتهم بكل صدق في حياتهم الاجتماعية وكيف عاشوا الأزمنة الصعبة جدا في بدايات - وطننا الغالي - وكيف حرثوا الأرض في سنوات مضت من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهم وعن تربية الأبناء والأحفاد على الوجه الجميل والأفضل ..
وأثناء تلك الرحلات في المساء نشتاق لضوء القمر لنتغنى باللحظات السعيدة التي عشناه.. في البر الذي يمنحك ويعطيك سعة التصور والخيال.. واجهنا بعض المواقف الصعبة لكن تبقى ممتعه ولذيذه منها:
1 - واجهنا تقلبات الطقس والبرد القارس جداً .. خاصة في أواسط فصل الشتاء.
2 - الأجواء الحارة في بعض الرحلات في فصلي الصيف والخريف.
3 - الأمطار الغزيرة والجميلة. وفي مرات نادرة مصحوبة بالبرد والثلج
4 - الرياح الشديدة وتحركها وقدومها من جهة الشمال أو الغرب.
5 - الغيوم الجميلة.
فراق تلك السنوات والرحلات تزيدني حيرة وتعباً وانكساراً.. مرة أستسلم للرحيل والبعد عنها بأي (أسلوب)كان، موانئ الفراق مررنا بها وسنمر على غيرها وهذه سنّة الحياة، لكن فراق والدي الأصعب ومن ثم فراق بعض أصدقائه، فدوام الحال من المحال ولكن في هذا العيد عام 1435ه عايدت أحد أصدقاء الوالد وهو عضو دائم في الرحلات البرية السابقة.. فلما شاهدني - بكى - ونزلت الدموع من عينيه.. جلسنا أكثر من ساعة نتحدث عن (الشبة) وأعضاء الرحلات وذكرياتهم والفراق وتوقف الرحلات. ألف مشوار قطعته معهم ذهاباً وإياباً .. الشكر لله سبحانه الذي وفقنا لصحبة الأخيار من الرجال قربت لنا بر الوالدين وحب الكبار والعمل الاجتماعي والإنساني.. منها نزف قلمي حبراً.. وكتبت حباً لوالدي - رحمه الله - وأصدقائه وهم بنفس الوقت أصدقائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.