بوش لمبارك والامير عبدالله : لا علاقة للاسلام بالارهاب لائحة مطالب اميركية من باكستان ومشرف يؤكد التعاون الكامل أعضاء في مجلس الشيوخ يسعون الى اقالة مدير "سي آي اي". أسامة بن لادن المشتبه الرئيسي وافغانستان الهدف الأول

اعلنت الولايات المتحدة، بلسان وزير الخارجية كولن باول، ان اسامة بن لادن متهم بتدبير الاعتداءات في نيويورك وواشنطن، وكثفت جهودها باتجاهين عسكري وديبلوماسي لبناء تحالف دولي ضد الارهاب. وعزز الاتجاه الى اتهام ابن لادن ما كشفه باول من أن الولايات المتحدة تقدمت بلائحة مطالب من السلطات الباكستانية، كما زادت احتمالات القيام بعمل عسكري ضد افغانستان بعدما كشف باول ان نائبه ريتشارد آرميتاج سيجري محادثات في موسكو بشأن أفغانستان، مشيراً إلى "خبرة واسعة" لروسيا في هذا البلد. وسجل امس رحيل كثيف للاجانب العاملين في منظمات الامم المتحدة في افغانستان.
وتلقت الادارة الاميركية ردوداً أثارت ارتياحها حتى الآن بالنسبة الى بناء تحالف دولي. واجرى الرئيس جورج بوش اتصالات جديدة لتدعيم فكرة تحالف تقوده الولايات المتحدة من أجل "هزيمة الارهاب الدولي". وقال بوش انه أجرى اتصالاً مع عدد من قادة الدول، بينهم الرئيس المصري حسني مبارك وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وقال مصدر رفيع في البيت الابيض ان بوش ابدى تقديره لرسائل التعزية والمواقف التي ابدتها السعودية ومصر، وأكد خلال الاتصالين ان الارهاب "عدو مشترك"، وان الولايات المتحدة تدرك ان ان الارهاب "لا علاقة له بالاسلام ويجب ألا يربط به".
وكان بوش حض الشعب الأميركي على معاملة الأميركيين العرب والمسلمين باحترام لمواطنتهم كأميركيين "يحبون العلم" الأميركي "كما نحن الثلاثة" في مخابرة هاتفية مع حاكم نيويورك جورج باتاكي وعمدة نيويورك رودلف جولياني. وقال متعهداً بالانتصار على "الحرب" ضد الولايات المتحدة: "يجب أن نكون متنبهين، ونحن نربح هذه الحرب، في معاملتنا لهم" باحترام ومساواة كأميركيين. وزاد: "علينا أن لا نحمّل العرب والمسلمين مسؤولية أعمال هذا الارهاب". وناشد الأميركيين معاملة آلاف من العرب الأميركيين الذين يعيشون في نيويورك بصفتهم مواطنين مثل أي مواطن أميركي آخر.
وازداد حض الأميركيين على عدم لوم العرب والمسلمين بعدما تعرضت الجاليتان لهجمات وتهديدات ومضايقات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بعد اندلاع الكراهية نتيجة كشف التحقيق أن عرباً ومسلمين شاركوا في العمليات الارهابية.
وتعرض عدد من الأفراد والجوامع والأندية إلى هجمات في دالاس حيث رميت متفجرات على مبنى "المجتمع الإسلامي"، وفي شيكاغو حيث قامت تظاهرات عداء وهجمات على مصالح عربية وإسلامية ضمنها رمي المتفجرات، وفي ديترويت ميتشيغان حيث تعيش أكثرية عربية وإسلامية.
وشدد بوش، الذي أكثر من تصريحاته وتحركاته بعدما توارى عن الأنظار في الساعات الأولى للاعتداء لأسباب أمنية، على ان مكافحة الارهاب ستشمل المنفذين ومن يؤويهم ويمولهم ويشجعهم. وقال: "لقد شاهدنا الحرب الأولى في القرن الواحد والعشرين". وتابع: "انا واثق بأنه ستكون هناك موافقة عالمية على خطوات" واشنطن. واضافت مصادر البنتاغون ان بوش أمر القيادة العسكرية بالبدء برسم خطط عسكرية، وذلك بعد اجتماع مع مجلس الأمن القومي.
وأعلن وزير العدل الأميركي جون اشكروفت أن الولايات المتحدة ستستفيد من هذه الحملة للقضاء على المنظمات الأخرى التي "لا تضمر الخير للولايات المتحدة". وأوضح أنه يجري الآن بناء تحالف من خلال الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى مستعدة للمساعدة. وتابع: "اننا نأخذ في الاعتبار أن الذين نفذوا العمليات يتمتعون بالخبرة، وعلينا أن نفكر أسرع منهم وأذكى منهم".
وأشار مسؤولون أميركيون الى أن التعاطي مع ملف الارهاب سيكون هذه المرة مختلفاً. وأضاف هؤلاء ان سياسة الولايات المتحدة الخارجية وعلاقاتها مع الدول ستكون قيد المراجعة على أساس الدول التي ستقف الى جانب الولايات المتحدة في معركتها ضد الارهاب. وتابع هؤلاء ان واشنطن ستتقدم بأفكار وخطوات تطبيق واضحة للمجتمع الدولي وتطلب منهم الانضمام الى المعركة.
وفي مجال التحضيرات العسكرية للرد على الاعتداءات قال عدد من الخبراء العسكريين ان البنتاغون يقوم بإعداد عدد من السيناريوات العسكرية، وان عدداً منها كان موضوعاً وجاهزاً للتطبيق بعد حادثي تفجير السفارتين في كينيا وتنزانيا. وكانت ادارة الرئيس السابق كلينتون رفضت القيام بحملة عسكرية واسعة ضد ابن لادن في كانون الأول ديسمبر 2000.
وتردد في العاصمة واشنطن ان اعضاء في مجلس الشيوخ، وتحديداً السيناتور ريتشارد شلبي والسيناتور فريد تومبسون، يقومان بحملة بعيدة عن الأضواء لدعوة رئيس الاستخبارات المركزية جورج تينيت للاستقالة.
ولا تزال اعمال رفع الركام مستمرة في نيويورك التي اعلن رئيس بلديتها امس ان عدد المفقودين ارتفع الى 4763 في حصيلة غير نهائية.
ماذا تريد اميركا من التحالف؟
ويأخذ التحالف الدولي الذي تتوقعه الولايات المتحدة في عزمها الانتصار في حرب الارهاب ضدها شكلاً مختلفاً عن التحالف الدولي ضد العراق أثناء حرب الخليج الثانية مطلع العقد الماضي. فما يميز بين التحالفين ان الولايات المتحدة لن تنتظر أياً كان ليقرر ان كان طرفاً جدياً في التضامن الدولي، ولن تكتفي بتعهدات وتصريحات وبيانات. فهي تتوقع شراكة بلا تردد او تحفظ او تلكؤ، والا فإنها ستقرر وحدها كيف يُنزل العقاب وأين.
وتعهد مجلس الأمن تعهد أول من أمس بالتضامن لمحاسبة من وراء مرتكبي عمليات الطائرات الانتحارية الارهابية ومن يؤوي المنظمات الارهابية ويقدم لها الدعم. لكن اميركا تريد شراكة استخبارية، واجراءات ضد الأفراد والمنظمات، وفسح المجال الجوي لعمليات عسكرية تقوم بها اما وحدها أو في اطار حلف شمال الأطلسي.
أوساط الأمم المتحدة تتوقع أكثر من عملية اميركية في أكثر من مكان. وفيما تتربع افغانستان على قائمة المناطق المرشحة، يزداد الكلام عن دول أخرى اذا ثبت تورطها بالعمليات الأخيرة، وبينها العراق. لكن التحالف الدولي الذي تريده الولايات المتحدة ليس من أجل التكاتف الفعلي والملموس في معاقبة الاعتداءات الاخيرة فحسب، وانما أيضاً في اجراءات أوسع تطالب بها الحكومات إزاء منظمات تستضيفها. وهذه احدى نقاط الخلاف التي قد تشكل بعداً جديداً للتحالف الدولي ومن يضمه.
وتلاحظ أوساط الأمم المتحدة ان التحالف ضد "طالبان"، في افغانستان، مثلاً، سهل نسبياً بسبب استعداد روسيا والهند وايران ودول أخرى للشراكة في هذا الحلف. وقد تردد ان اوزبكستان وطاجيكستان ايضاً على استعداد للدخول في التحالف الى جانب الدول الأخرى في المنطقة، باستثناء الصين. لكن باكستان تبقى المفتاح، وواشنطن تريد دعماً ملموساً وليس مجرد الاعراب عن الاستعداد.
اما إذا كان الطلب الأميركي ان تحصل الولايات المتحدة على دعم اوتوماتيكي لكل جبهة أخرى تعتبرها طرفاً في الحرب عليها، عندئذ تبرز الصعوبة. وهذا بالذات ما لا تريد الولايات المتحدة سماعه، ولا هي على استعداد للمساومة عليه.
حلف شمال الأطلسي، لأول مرة في تاريخ قيامه منذ 52 سنة، أحيا المادة الخامسة التي تنص على الدفاع الجماعي في مساعدة الولايات المتحدة في حربها. وصرح امينه العام جورج روبرتسون في بروكسيل امس اف ب بانه يعود للولايات المتحدة "تقرير ما تعتزم القيام به" اثر الاعتداءات على اراضيها وكيفية الاستفادة من دعم الحلف الاطلسي. وجدد تأكيد وقوف الحلف الاطلسي واعضائه الى جانب الولايات المتحدة واستعداده لتطبيق معاهدة واشنطن التي انشأت حلف شمال الاطلسي في 1949 خصوصاً البند الخامس منها "ولكن قبل تطبيق المادة الخامسة ينبغي على الولايات المتحدة اولا ان تحدد ما اذا كان الهجوم من الخارج، وثانيا عرض ما تنوي القيام به امام الحلف للرد على الهجوم". واذا طبق البند الخامس فسيكون ذلك للمرة الاولى في تاريخ الحلف 52 عاما.
وباستثناء العراق، عبرت جميع الدول العربية عن الأسى لخسارة الأرواح، وبعضها تعهد التعاون الاستخباري الممكن للقضاء على مخططي العمليات.
لكن مشكلة دخول الدول العربية في شراكة في التحالف الدولي الذي يُصنع الآن انه هذه الدول معرضة هي نفسها للانتقام خصوصاً أن العدو هذه المرة مجهول الهوية، فيما كان اثناء التحالف ضد العراق عدواً معرّفاً. هناك أيضاً البعد الاسلامي الذي يجعل من الصعوبة التحالف العلني. هناك الخوف من تصدير اسامة بن لادن ومنظمة "القاعدة" عمليات انتقامية الى عقر دار الدول العربية. وهناك أيضاً خلاف على ما يمكن اعتباره ارهاباً وما هو تنظيمات للتحرر من الاحتلال.
سيولة للاسواق الدولية
اقتصادياً استمر اغلاق بورصة نيويورك لليوم الثالث على التوالي وواصلت المصارف المركزية أمس جهودها لتعزيز السيولة النقدية بضخ نحو 40 بليون دولار بعد ضخ نحو 120 بليون دولار في الاسواق الدولية أول من أمس، في محاولة لاعادة الثقة في الاسواق بعد الهجمات المدمرة في نيويورك وواشنطن الثلثاء الماضي راجع ص 11.
النفط
وتذبذب الخام في بورصة النفط الدولية في لندن مع توقع الخبراء "ان يعتمد مستوى الاسعار على اي عمل عسكري اميركي او اطلسي في مناطق منابع النفط او المحيطة بها". وقالوا: "ان اي ضربة اميركية سريعة وقوية تحقق اهدافها قد تقود الى ارتفاع موقت في اسعار الخام لتعود بعدها الاسعار الى الاستقرار". لكن "اذا استمرت المعركة طويلاً وهاجم انتحاريون مواقع نفطية قد يرتفع النفط الى مستوى قياسي يتناسب مع حجم العمليات الحربية والتوتر الذي يرافقها".