دخلت إيران مرحلة جديدة من الضغوط الدولية مع إعادة تفعيل العقوبات الأممية، بعد فشل المساعي الدبلوماسية في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط تباينات حادة مع الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية حول برنامجها النووي. وكشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي أنهى زيارته إلى نيويورك، أن بلاده توصّلت إلى تفاهمات أولية مع الأوروبيين، غير أن الموقف الأمريكي بقي عقبة أساسية. وقال في تصريحات صحافية:"طلبت واشنطن أن نسلّم كل اليورانيوم المخصب مقابل تأجيل استئناف العقوبات لثلاثة أشهر فقط، وهذا أمر غير مقبول"، مضيفاً أن بلاده تفضّل العقوبات على تلك المطالب التي وصفها ب"غير المنطقية". وأكد بزشكيان أن إيران لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، حتى في حال إعادة فرض العقوبات، لكنه اتهم الغرب بعدم الجدية في المحادثات النووية، مشيراً إلى أن المفاوضات سبقت الهجوم الإسرائيلي الأخير على بلاده من دون أن تحقق اختراقاً. وفي خطوة احتجاجية عملية، أعلنت طهران استدعاء سفرائها لدى ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة للتشاور، ووصفت قرار دول الترويكا الأوروبية بتفعيل"آلية الزناد" بأنه"ظالم وغير مسؤول". جاء ذلك بعد فشل المسعى الروسي-الصيني في مجلس الأمن لتأجيل العقوبات؛ إذ لم يحصد سوى أربعة أصوات من أصل 15، ما مهد الطريق لعودة العقوبات المعلقة منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015. إلى جانب ذلك، لوّحت طهران بتعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم توقيعها اتفاقاً جديداً مع الوكالة في القاهرة مطلع سبتمبر الجاري. ويطالب الأوروبيون إيران بتمكين المفتشين الدوليين من دخول جميع المنشآت النووية، وضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصب، فضلاً عن العودة إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة مشاورات مع بزشكيان على هامش اجتماعات الأممالمتحدة، مؤكداً أن الفرصة ما زالت قائمة للتوصل إلى تسوية، لكن"الوقت بات ضيقاً للغاية"، على حد قوله. إلا أن المرشد الإيراني علي خامنئي شدد الجمعة على أن بلاده لن تخضع للضغوط الخارجية، في إشارة واضحة إلى أن الدخول في عصر العقوبات أصبح أمراً واقعاً. وبينما يتصاعد التجاذب بين طهرانوواشنطن والعواصم الأوروبية، يرى مراقبون أن إعادة تفعيل العقوبات سيضاعف من عزلة إيران الاقتصادية والسياسية، ويدفعها إلى خيارات أكثر تشدداً في ملفها النووي، الأمر الذي ينذر بمزيد من التوتر في المنطقة والعالم خلال المرحلة المقبلة.