صعّدت إيران من لهجتها تجاه الخطوات الأوروبية الرامية إلى إعادة فرض العقوبات الأممية عبر ما يُعرف ب"آلية الزناد"، معتبرة أن هذه الآلية تفتقر لأي شرعية قانونية وتشكل أداة ضغط سياسي ودعائي أكثر من كونها تهديداً فعلياً. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، في مؤتمر صحافي بطهران أمس (الأربعاء)، إن "تفعيل آلية الزناد يخالف جميع المعايير القانونية والدولية"، مشدداً على أن آثارها محدودة ولا تتجاوز البعد النفسي والإعلامي. وأضاف أن "أوروبا بدلاً من أن تحاسب الأطراف التي نكثت بوعودها منذ انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، اختارت أن تصطف إلى جانب واشنطن وتفعل هذه الآلية". ووصف جهانغير العقوبات بأنها "أداة للحرب النفسية" هدفها النيل من معنويات الشعب الإيراني، مؤكداً أن الإيرانيين "أثبتوا عبر التجربة أنهم قادرون على الصمود في وجه الضغوط". تصريحات المتحدث القضائي جاءت بعد يوم واحد من موقف مشابه لوزارة الخارجية الإيرانية التي اتهمت الأوروبيين بالسعي لإجبار طهران على القبول بالمطالب الأمريكية. وقال المتحدث باسم الوزارة، إسماعيل بقائي، إن واشنطن "لا تُبدي أي حسن نية وتستغل الأوروبيين لزيادة الضغط غير القانوني على إيران". وكانت الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) قد أبلغت مجلس الأمن الأسبوع الماضي بنيتها تفعيل آلية العودة السريعة للعقوبات إذا لم تسمح طهران لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى ثلاث منشآت نووية تعرضت لهجمات أميركية في يونيو الماضي، إضافة إلى تقديم بيانات دقيقة عن نحو 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والانخراط في مفاوضات مباشرة مع واشنطن حول اتفاق نووي جديد. وفي موازاة ذلك، أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني رفض بلاده القاطع لأي محاولات غربية لفرض قيود على برنامجها الصاروخي، واصفاً هذه المطالب بأنها "مساس بسيادة إيران"، كما أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان، إبراهيم رضائي، أن القوات المسلحة "ستدافع عن البلاد بقوة وحزم"، منتقداً فرنسا التي قال إنها "تتجاوز الملف النووي" لتسعى إلى تقويض القدرات الدفاعية الإيرانية. وكان البرلمان الإيراني قد جدّد في أغسطس الماضي رفضه لأي "إملاءات غربية"، مؤكداً تمسكه بالبرنامجين النووي والصاروخي باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في سياسة الردع الإيرانية. في المقابل، شددت الخارجية الفرنسية على أن تفعيل "آلية الزناد" ليس هدفه تقويض المفاوضات، بل رسالة سياسية للضغط على طهران من أجل العودة إلى طاولة الحوار. وقالت مصادر في باريس إن العقوبات لن تدخل حيّز التنفيذ قبل مرور شهر كامل، ما يتيح فرصة لإيران للتجاوب مع مطالب المجتمع الدولي.