أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الضربات التي شنتها الولاياتالمتحدة ضد منشآت نووية إيرانية في يونيو الماضي، أدت إلى تدمير ثلاثة مواقع، مؤكداً أن إعادة تشغيلها ستستغرق سنوات، داعياً طهران إلى البدء من جديد في مواقع مختلفة إذا اختارت إعادة البناء. تصريحات ترامب التي نشرها عبر منصته الخاصة"تروث سوشيال" أمس (السبت)، جاءت في وقت تتباين فيه التقديرات الأمريكية الرسمية بشأن نتائج تلك الضربات، ففي تقرير نشرته شبكة"NBC News"، كشف خمسة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أن التقييم الرسمي يشير إلى تدمير موقع واحد فقط من بين ثلاثة، بينما تعرض الموقعان الآخران لأضرار جزئية، قد تعيق نشاطاتهما النووية مؤقتاً، لكنها لا تمنع استئناف التخصيب على المدى القريب. وفي حين ذكرت مصادر أن الهجوم على منشأة "فوردو" النووية تحت الأرض قد يؤخر التخصيب لمدة تصل إلى عامين، أشار التقرير إلى أن ترمب كان قد رفض خطة موسعة لشن ضربات أوسع على المنشآت الإيرانية، ما كان سيؤدي إلى أضرار أكثر شمولاً. وفي مقابل التصعيد الأمريكي، لوّحت طهران باتخاذ خطوات أكثر حدة، فقد صرح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم رضائي، أن بلاده قد تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، أو ترفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى ما يتجاوز 60%، في حال استمرار الضغوط الغربية والعقوبات الدولية. وقال رضائي، في مقابلة مع وكالة "تسنيم": إن إيران تحتفظ بخيارات متعددة، من بينها إنتاج وتصدير أجهزة طرد مركزي متطورة، وتوسيع نطاق التعاون النووي، مشيراً إلى أن تفعيل آلية"سناب باك" من قبل الأوروبيين لن يغير شيئاً، نظراً لأن طهران تخضع بالفعل لأقصى درجات العقوبات. من جانبه، هاجم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأوروبيين، متهماً إياهم بعدم امتلاك أي أساس"أخلاقي أو قانوني" لتفعيل آلية الزناد. وشدد على أن أي جولة جديدة من المباحثات لن تنعقد إلا في حال استعداد الأطراف الأخرى للوصول إلى اتفاق"عادل ومتوازن". في المقابل، دعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا إيران إلى استئناف الجهود الدبلوماسية فوراً، محذرين من إعادة فرض عقوبات الأممالمتحدة في حال عدم حدوث تقدم ملموس بحلول نهاية الصيف، وهو الموعد الذي وضعته الدول الأوروبية كمهلة نهائية. ووسط هذا التوتر، لا تزال المفاوضات النووية معلقة، خاصة بعد انسحاب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيران عقب الضربات، ما يجعل من الصعب تقييم البرنامج النووي الإيراني بدقة. وقد أقر دبلوماسيون أوروبيون بأن التوصل إلى اتفاق شامل قبل نهاية أغسطس يبدو غير واقعي في ظل المعطيات الراهنة. ومع استمرار حالة الشد والجذب بين واشنطنوطهران، والتصعيد بين الأطراف الأوروبية والإيرانية، يبدو أن الملف النووي الإيراني يتجه إلى مرحلة أكثر تعقيداً، قد تُعيد المنطقة إلى حافة مواجهة جديدة، أو تفتح نافذة ضيقة أمام مسار دبلوماسي مشروط ومتشظٍ.