تستقبل الطائف الزوار والسياح باعتبارها وجهةً لا غنى عنها لقضاء عطلة صيفية ممتعة في ربوعها المأنوس، وتزخر المحافظة بالعديد من الأماكن التي تمثل عامل جذب بفضل الثراء التاريخي والثقافي الفريد، وتعد الردّف -جنوب محافظة الطائف- نقطة توقف لا غنى عنها لأولئك الباحثين عن الأصول التاريخية والطبيعية. والردّف ليست سوى واحدة من أهم الوجهات الجاذبة في الطائف التي تتمتع بموقع استثنائي ومكانة خاصة جداً باعتبارها من أقدم المصايف بالمملكة، وتعكس المفهوم الحقيقي للسياحة بالطريقة الأكثر وضوحاً، فتمنح الزائر فرصة التواصل مع الطبيعة، واستشعار روح التاريخ واكتشاف الآثار والنقوش التي توفر لمحة عن تراثها الثقافي المتجذر منذ القدم، وبطبيعة الحال تتعدد الاتجاهات السياحية بالطائف ولكن تظل الردّف من الخيارات المثالية للذين يبحثون عن تجربة سياحية ممتعة. يقول الباحث منصور الحارثي ل"الرياض": تمثل منطقة الردّف أحد أبرز المعالم الطبيعية التي تجمع بين عبق التاريخ وروعة التكوين الجغرافي، وتتميز هذه المنطقة بتكويناتها الصخرية الفريدة ونقوشها الأثرية التي تعكس حقبًا تاريخية متنوعة، إلى جانب كونها وجهة سياحية وحضارية مهمة في المملكة، ويشكل الردّف نموذجًا للتفاعل بين الطبيعة والإنسان، إذ تطورت المنطقة عبر الزمن من موطن للنقوش القديمة ومورد طبيعي إلى مركز حضاري بارز ضمن رؤية 2030. وعن الأهمية التاريخية والجغرافية أوضح الحارثي أنه تكتسب منطقة الردّف اسمها من ترادف صخورها التي تميز تضاريسها الفريدة، وتُعد هذه الصخور شاهدة على حقب تاريخية متعددة، حيث اكتُشفت نقوش أثرية تعود للعهد الهجري الأول، مما يفنِّد الاعتقاد السابق بأنها ثمودية، وتضمنت هذه النقوش أسماء شخصيات وعبارات دعائية وأبيات شعر وحكم. وتابع الحارثي: في العصور القديمة، كانت الردّف ملاذًا طبيعيًا للسكان المحليين بفضل مواردها المائية وتربتها الخصبة، وشكّلت هذه الموارد قاعدة للحياة الزراعية والرعوية، كما لعبت دورًا محوريًا في طرق التجارة التي مرت عبر الطائف، وكانت الردّف ملتقى للأفكار والمعتقدات، حيث ألهمت طبيعتها الشعراء والأدباء، مما عزز مكانتها الثقافية. وفيما يتعلق بالتحولات الحديثة قال: شهدت الردّف تحولًا كبيرًا في العصر الحديث بفضل جهود التنمية، وتُعد الحديقة العامة في الردّف، التي تمتد على مساحة تتجاوز 565 ألف متر مربع، إحدى أهم المشروعات الحضارية التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية السياحية في الطائف، وتضم مساحات خضراء واسعة، وبحيرات صناعية، ونوافير راقصة، ومسارات للمشي، مما يجعلها مقصدًا ترفيهيًا وثقافيًا للزوار. وأضاف الحارثي من أبرز التحسينات التي شهدتها المنطقة أيضًا إنشاء مرافق حديثة تعكس رؤية 2030، إذ أصبحت الردّف وجهة سياحية متكاملة تقدم فعاليات متنوعة تُبرز التراث الثقافي السعودي. وعن دورها في السياحة الوطنية ذكر أنه أصبحت منطقة الردّف عنصرًا محوريًا في استراتيجية المملكة لتنمية السياحة، نظرًا لارتفاعها البالغ 1700 متر فوق سطح البحر وقربها من وسط الطائف، حيث توفر المناخ المعتدل الذي يميزها عن غيرها من الوجهات السياحية، كما وتسهم الردّف في تحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال جذب السياح المحليين والدوليين، حيث تجمع بين الجمال الطبيعي والمرافق الحديثة. واختتم بقوله: تعد منطقة الردّف نموذجًا فريدًا للتناغم بين التراث الطبيعي والتطور الحضاري، من خلال تاريخها الممتد ونقوشها الأثرية إلى مشاريعها الحديثة، وتجسد رؤية المملكة في تحقيق التوازن بين الحفاظ على الإرث التاريخي والتنمية المستدامة، وستبقى الردّف وجهة تعكس هوية الطائف وتجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. جمال الطبيعة في الردّف نقوش على صخرة الباحث منصور الحارثي