حذرت أكثر من 100 منظمة إنسانية دولية، من بينها"أطباء بلا حدود" و"منظمة العفو الدولية" و"أوكسفام"، من خطر تفشي مجاعة جماعية في قطاع غزة، في ظل استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس، وانهيار شبه كامل للمنظومة الإنسانية. وفي بيان مشترك صدر أمس (الأربعاء)، دعت المنظمات إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح جميع المعابر البرية أمام تدفق المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن المساعدات من غذاء وماء ودواء ومستلزمات إيواء ووقود، "عالقة في المستودعات، خارج وداخل القطاع، بسبب منع وصولها أو تسليمها". وقالت المنظمات إن المدنيين، بمن فيهم موظفو الإغاثة، باتوا يعانون من الهزال وسوء التغذية، في ظل ظروف متدهورة تُنذر بكارثة إنسانية واسعة النطاق. جاءت هذه التحذيرات عقب إعلان المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أكثر من 1000 فلسطيني قُتلوا عند نقاط توزيع المساعدات منذ نهاية مايو الماضي، غالبيتهم من المدنيين. كما اتهمت المفوضية الجيش الإسرائيلي باستخدام"قوة قاتلة" في تلك المواقع، كثير منها كان بالقرب من "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة تحظى بدعم أمريكي-إسرائيلي، ويكتنف الغموض مصادر تمويلها. وفي السياق ذاته، أعلن البيت الأبيض أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سيتوجه إلى أوروبا في الأيام المقبلة، لعقد محادثات تهدف إلى التوصل لاتفاق نهائي بشأن إنشاء "ممر إنساني" آمن ومستدام إلى غزة. من جانبها، أكدت السلطات الإسرائيلية أنها تتيح مرور كميات كبيرة من المساعدات، لكنها تتهم حماس بعرقلة توزيعها، وسرقة جزء منها لإعادة بيعها، بل وتوجيه سلاحها نحو المدنيين المنتظرين في طوابير المساعدات. إلا أن المنظمات الإنسانية رفضت هذه الاتهامات، مشيرة إلى أن الاحتلال يفرض قيودًا مفرطة على دخول المواد الأساسية، ما يجعل إيصال الإغاثة أمرًا شبه مستحيل. في موازاة الأزمة الإنسانية، لا تزال جهود التهدئة بين إسرائيل وحماس تراوح مكانها. إذ تسلّم الوسطاء من قطر ومصر رد حركة حماس على المقترح الأخير، إلا أن الرد لم يكن مرضيًا– بحسب مصادر مطلعة تحدثت لصحيفة "يديعوت أحرنوت". وأشار مصدر دبلوماسي إلى أن الوسطاء طالبوا حماس بإجراء "تحسينات كبيرة" على ردها للسماح باستئناف المفاوضات، بينما وصفت جهات في القدس الرد بأنه "مخيّب للآمال". ورغم ذلك، تبقى التقديرات الإسرائيلية متفائلة بإمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، شرط أن يُظهر الطرفان مرونة إضافية. وكشفت القناة 12 العبرية، أن معظم النقاط الخلافية تم تجاوزها، باستثناء مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي أعادت احتلالها مؤخراً. وبحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن الاتفاق المتوقع يتضمن إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، ونقل 18 جريحاً، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، على أن تُنفذ الصفقة خلال هدنة تمتد ل60 يوماً. وسيتم تنفيذ الاتفاق على خمس مراحل، مع اشتراط إسرائيلي يمنع حماس من إقامة احتفالات علنية عند إطلاق سراح الأسرى، مثلما جرى في الهدنة السابقة. ورغم مرور نحو أسبوع على تقديم المقترح، لم تصدر حماس حتى الآن موقفًا رسميًا بشأنه، ما يضيف مزيدًا من الغموض على مسار المفاوضات. في سياق متصل، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، التي دعت لضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، مؤكدة أن هذه التصريحات تشكل"استخفافًا خطيرًا بالقانون الدولي" و"إمعانًا في تقويض حل الدولتين". وحذّرت الوزارة من أن تلك الدعوات تسهم في تصعيد دوامة العنف، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حازمة لوقف هذه السياسات "الاستيطانية التوسعية". ووسط مأساة إنسانية غير مسبوقة في غزة، وتعثر مسار الهدنة، يبقى المدنيون الفلسطينيون هم الضحية الأكبر، بين نار القصف والحصار وخذلان العالم.