يشهد التعليم الجامعي في العصر الحديث تحولات واضحة في أساليب التعلّم؛ نتيجة للتطور التكنولوجي، واعتماد أساتذة الجامعات على الوسائل الرقمية في عرض المحتوى العلمي. ومن أبرز هذه التحولات انتشار الاعتماد على العروض التقديمية (السلايدات) بوصفها المصدر الرئيس للمذاكرة والتحضير بين الطلاب. وقد أدى هذا التغيّر إلى تراجع دور الكتب والمراجع الأكاديمية، التي كانت تمثل في السابق الركيزة الأساسية لاكتساب المعرفة والفهم العميق للمقررات. وتنبع أهمية دراسة هذه الظاهرة من تأثيرها المباشر على جودة العملية التعليمية ومستوى تحصيل الطلاب؛ إذ تثير تساؤلات حول مدى كفاية السلايدات كمصدر للتعلم، وانعكاس ذلك على الفهم، والتحليل، وتنمية المهارات الأكاديمية. ومن أسباب اعتماد طلاب الجامعة على السلايدات 1- أساليب التدريس الحديثة ساهمت في ذلك، حيث يعتمد كثير من الأساتذة على السلايدات كمصدر أساسي للمحاضرات ويُدرجون منها أسئلة الامتحانات. 2- الضغط الأكاديمي وضيق الوقت يدفعان الطلاب للبحث عن طرق مختصرة للمذاكرة، فيجدون في السلايدات وسيلة عملية وسريعة مقارنة بالكتب الطويلة. 3- سهولة الوصول.. فالسلايدات غالبًا تُنشر عبر المنصات التعليمية أو مجموعات التواصل الاجتماعي، ما يجعلها في متناول الجميع. وأخيرًا، أسهمت ثقافة التحصيل السريع في تعزيز هذا الاتجاه، إذ أصبح كثير من الطلاب يركّزون على النجاح بدرجات عالية دون السعي إلى الفهم العميق أو التوسع في القراءة. رغم أن السلايدات تُعد وسيلة مفيدة لتبسيط المعلومة وتنظيمها، فإن الاعتماد الكامل عليها يحمل آثارًا سلبية على المستوى الأكاديمي. فمن أبرزها ضعف الفهم التحليلي للمفاهيم، لأن السلايدات تقتصر على عرض النقاط الأساسية. كما يؤدي هذا النمط إلى انخفاض مستوى التفكير النقدي؛ إذ لا يُتاح للطلاب فرصة التعمق في النقاش أو المقارنة بين الآراء كما تفعل الكتب. ولمعالجة ظاهرة الاعتماد المفرط على السلايدات في التعلم الجامعي، يُوصى بعدة إجراءات عملية. 1- ينبغي لأعضاء هيئة التدريس تشجيع الطلاب على الرجوع إلى الكتب والمراجع الأصلية عبر إدماج أسئلة تحليلية في الاختبارات تتطلب فهماً أوسع من محتوى السلايدات. 2- يجب أن تُصمَّم السلايدات لتكون مدخلًا تمهيديًا للموضوع وليست بديلاً كاملاً عنه، بحيث تحفّز الطالب على البحث والتوسع. 3- يمكن للجامعات تنظيم ورش عمل لتدريب الطلاب على مهارات البحث والقراءة الأكاديمية، بما يعزز استقلالية المتعلم. وأخيرًا، من المهم تنمية ثقافة التعلم الذاتي لدى الطلاب، ليصبحوا أكثر وعيًا بأهمية تنويع مصادر المعرفة وعدم الاقتصار على وسيلة واحدة مهما كانت سهلة ومباشرة.