تعيش إسرائيل مرحلة دقيقة من التحول الميداني والسياسي، تجمع بين انفراج أمني نسبي في الجنوب، بعد عامين من التوتر منذ هجوم 7 أكتوبر، وفي ظل تبادل إسرائيل وحركة حماس إشارات ميدانية محدودة حول ملف الأسرى والمفقودين - وتصاعد جديد في التوتر الحدودي شمالا عقب حادثة إسقاط طائرة إسرائيلية دون طيار من قِبل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبلبنان، وسط تبادل روايات متضاربة بين الجانبين. للمرة الأولى وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنهاء حالة الطوارئ في جنوب البلاد للمرة الأولى منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، وهو القرار الذي وصفه بأنه «انعكاس للواقع الأمني الجديد في الجنوب»، مؤكدا أن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية «أعادت الاستقرار بفضل العمليات الحاسمة ضد حركة حماس». وقد منحت حالة الطوارئ المعلنة قيادة الجبهة الداخلية صلاحيات خاصة لتقييد التجمعات وإغلاق المناطق منذ ذلك التاريخ، قبل أن تُرفع بشكل كامل بعد أكثر من عامين من استمرارها في الجنوب وحده. ويأتي هذا التطور في وقت تتبادل فيه إسرائيل وحركة حماس إشارات ميدانية محدودة حول ملف الأسرى والمفقودين، حيث كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش سمح لعناصر من حماس بالعمل ميدانيا في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، للمشاركة في جهود البحث عن جثث الأسرى الإسرائيليين. وأوضحت مصادر أن الحركة قدمت معلومات للفريق المصري الميداني حول مواقع دفن الجثث، ما اعتبره مراقبون مؤشرا على تحركات إنسانية، تحت إشراف مصري، قد تمهد لصفقة أوسع. روايات متضاربة بالتوازي مع الهدوء النسبي في الجنوب، شهدت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية توترا جديدا بعد إعلان قوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل) أنها أسقطت طائرة إسرائيلية دون طيار حلقت ب«طريقة عدوانية» فوق دورية تابعة لها في بلدة كفركلا جنوبلبنان، مؤكدة أنها «طبقت التدابير الدفاعية لتحييدها». وردّ الجيش الإسرائيلي بنفي أي نية عدائية تجاه قوات الأممالمتحدة، مؤكدا أن الطائرة كانت تقوم ب«نشاط روتيني للاستطلاع وجمع المعلومات»، وأنه بعد إسقاطها أُلقيت قنبلة يدوية في موقع سقوطها ل«منع الوصول إلى مكوناتها التقنية». كما أوضح أن الحادث وقع قرب مواقع «يونيفيل»، دون أن يسفر عن إصابات. لكن بيان قوات حفظ السلام أشار إلى أن الرد الإسرائيلي تضمن قصفا بقذيفة دبابة قرب البعثة الأممية، ما فاقم التوتر في منطقة تشهد أصلا احتكاكات متكررة منذ الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، التي انتهت باتفاق هش لوقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي. توازن هش يشير مراقبون إلى أن الجنوب الإسرائيلي يستعيد استقراره تدريجيا، بينما يبقى الشمال نقطة اشتعال محتملة مع استمرار الطلعات الجوية والعمليات المحدودة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. وتأتي حادثة إسقاط الطائرة في وقت تستعد فيه بعثة «يونيفيل» لتقليص وجودها تدريجيا حتى نهاية عام 2026، ما يثير تساؤلات حول مستقبل مهامها في ظل احتدام التوترات الإقليمية.