حمد الشعيفاني - دارين في حراك بيئي غير مسبوق، أطلقت جمعية أصدقاء البيئة بالشراكة مع بلدية محافظة القطيف، وبدعم من وزارة البيئة والمياه والزراعة، وحرس الحدود، وعدة جهات حكومية وخاصة وغير ربحية، مبادرة توعوية وتنظيفية نوعية حملت عنوان "صيدي ما يلوث"، وذلك ضمن برنامج الجمعية المستدام "معًا لشواطئ مستدامة"، واستمرت على مدار يومي الأربعاء والخميس 16 و17 يوليو 2025 في مرفأ دارين بمحافظة القطيف، وسط مشاركة مجتمعية واسعة شملت 150 متطوعًا ومتطوعة، و15 جهة حكومية ومجتمعية. جاءت المبادرة بهدف تنظيف الشواطئ من الملوثات البحرية، ورفع الوعي البيئي بمخاطر التلوث البلاستيكي وسلوكيات الصيد الخاطئة، من خلال تنفيذ لقاءات ميدانية مباشرة مع الصيادين بلغاتهم الأصلية، سواء العربية أو الإنجليزية أو الأردية، إلى جانب محتوى توعوي رقمي يعزز الرسائل البيئية ويصل إلى أكبر شريحة ممكنة. وتمكن المشاركون في الحملة من جمع وفرز كميات كبيرة من النفايات بلغت 1.120 طنًا، توزعت بين مخلفات بلاستيكية بنسبة قاربت النصف، ومخلفات من الخشب والشباك المهترئة، إضافة إلى نفايات عامة متنوعة تراكمت بفعل الإهمال المتكرر للساحل. وقد كشفت الحملة حجم التدهور البيئي في الموقع، حيث رُصدت مشاهد مؤلمة شملت طيورًا بحرية نافقة، وشباكًا ممزقة، وصناديق بلاستيكية متهالكة، وزيوتًا متسربة من محركات قوارب الصيد، وأخشابًا متناثرة على طول الشاطئ، ما دفع الأستاذة دلال القحطاني، الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البيئة، إلى وصف المشهد بأنه كارثة بيئية صادمة، مشيرة إلى أن ما تم جمعه لا يمثل إلا ما لفظه البحر، بينما يبقى الجزء الأعظم مجهولًا في أعماق المياه. وأكدت القحطاني في تصريحها أن هذا الواقع البيئي يتطلب تحركًا عاجلًا وحازمًا، من خلال سن غرامات واضحة على الممارسات السلبية، وتفعيل الحوافز التشجيعية للصيادين الملتزمين، وتكثيف البرامج التوعوية الموجهة بلغاتهم الأصلية لضمان وصول الرسالة بالشكل الأمثل. وشهدت المبادرة حضورًا لافتًا من عدد من الجهات المتعاونة، من بينها المراكز البيئية الوطنية، وإدارة الثروة السمكية، وميناء الملك عبدالعزيز، والهلال الأحمر السعودي، وجمعيات الصيادين، إلى جانب مبادرة "قطاع" المتخصصة في نقل النفايات، فيما ساهمت شبكة القطيف الصحية ممثلة بمستشفى القطيف المركزي في إجراء فحوصات طبية للمتطوعين قبل وبعد تنفيذ الحملة، وقدمت إرشادات توعوية حول الإنهاك الحراري والإسعافات الأولية، بما يعكس صورة مثالية للتكامل المجتمعي والصحي والمؤسسي نحو بيئة آمنة. ونظرًا لطبيعة الشاطئ الطينية والمشبعة بالزيوت والتي أعاقت دخول الفرق بشكل كامل، فقد اقتصرت المرحلة الأولى من المبادرة على مرفأ دارين، على أن تُستكمل لاحقًا في مرفأ القطيف فور تحسن الأحوال الجوية، وذلك حفاظًا على سلامة المشاركين وتعزيزًا لأثر المبادرة البيئي. وقد خرجت الحملة بعدد من التوصيات التي تتضمن ضرورة توفير نقاط ذكية وآمنة لتجميع مخلفات الصيد داخل المرافئ، والعمل على ربط تجديد تراخيص الصيادين بمدى التزامهم بالسلوك البيئي السليم، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية للصيادين بلغاتهم الأم، والتوسع في تنفيذ المبادرة لتشمل شواطئ أخرى في المنطقة الشرقية، بالتزامن مع إطلاق حملات إعلامية مرئية ودرامية تسلط الضوء على مخاطر التلوث البحري وتدعم الوعي العام. وفي ختام حديثها، شددت الأستاذة دلال القحطاني على أن سواحلنا تستحق أن تُحمى لأجلنا ولأجل الأجيال القادمة، مؤكدة أن صون البيئة مسؤولية تبدأ بالوعي وتنتهي بالفعل