أعلنت إيران موافقتها على عقد جولة جديدة من المحادثات النووية مع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا)، يوم الجمعة المقبل في مدينة إسطنبول التركية، في محاولة أخيرة لتفادي إعادة فرض العقوبات الدولية، التي تهدد بها العواصم الأوروبية. ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، أن طهران استجابت لطلب "الترويكا الأوروبية" لاستئناف المحادثات بشأن الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وأضاف أن الاجتماعات ستُعقد على مستوى نواب وزراء الخارجية، مشيراً إلى أن الجولة المقبلة تأتي في لحظة حرجة من التصعيد الإقليمي والضغوط الدولية. ويأتي الإعلان بعد أيام من اتصال هاتفي جمع وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث بمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وهو الاتصال الأول منذ الهجوم الأخير على المنشآت النووية الإيرانية. وتلوّح الدول الأوروبية بتفعيل "آلية الزناد"، التي تتيح لها إعادة فرض عقوبات أممية على طهران، إذا لم يتم التوصل إلى نتائج ملموسة في المحادثات النووية قبل نهاية شهر أغسطس. وبموجب القرار الأممي رقم 2231، يمكن تفعيل العقوبات تلقائياً بحلول 18 أكتوبر 2025، إذا اعتُبر أن إيران لا تمتثل لالتزاماتها. وفي هذا السياق، قالت مصادر أوروبية: إن استئناف المحادثات لا يلغي التهديد بالعقوبات، بل يشكل محاولة أخيرة لتفاديها، في ظل فشل المحادثات غير المباشرة التي عُقدت سابقاً بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عُمان. وكانت تلك المحادثات قد وصلت إلى طريق مسدود، خاصة بشأن مسألة تخصيب اليورانيوم؛ إذ تسعى القوى الغربية إلى خفض مستوى التخصيب الإيراني إلى أدنى حد ممكن للحد من فرص التسلّح النووي، وهو ما ترفضه طهران حتى الآن. وفي تطور موازٍ، هاجم كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، الأطراف الأوروبية الثلاث، معتبراً أنها "فقدت دورها كشريك فاعل في الاتفاق النووي"، بعد دعمها السياسي والمادي للهجمات التي استهدفت منشآت بلاده. وجاء ذلك في رسالة رسمية وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. وقال عراقجي، في تدوينة عبر منصة "إكس": إن"مجموعة الترويكا الأوروبية لا تملك أساساً قانونياً أو سياسياً لتفعيل آلية الزناد"، متهماً إياها بارتكاب خروقات خطيرة للاتفاق، وتقويض مبدأ الشراكة والتوازن في القرار الأممي. وأضاف:"لا يمكن السماح للأطراف الأوروبية بتقويض مصداقية مجلس الأمن الدولي عبر استغلال القرار 2231 بشكل انتقائي". وتبقى الصين وروسيا، إلى جانب الدول الأوروبية، الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي بعد انسحاب الولاياتالمتحدة منه عام 2018، في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، ما أدى إلى تآكل بنود الاتفاق ورفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم؛ بما يتجاوز الحد المسموح به. ويرى مراقبون أن استئناف المفاوضات في إسطنبول يمثل اختبارًا حاسمًا للطرفين، في ظل فقدان الثقة، والتصعيد العسكري، والضغوط الشعبية داخل إيران، مقابل إصرار أوروبي على تقييد البرنامج النووي الإيراني، وتجنُّب انفجار جديد في المنطقة.