رغم امكانيات السونار، إلا أنه لا يكشف كل العيوب الخلقية في الجنين، نسبة قليلة من هذه العيوب قد لا تُكتشف إلا بعد الولادة، كما أنه خاص بالعيوب في تركيب الجسم، لكنه لا يكشف الإضطرابات الوظيفية، مجرد أن ترى العينين جميلتين واسعتين ، لا يعني أن حدّة الإبصار فيهما ستة على ستة دائماً، بل قد تكون إمكانية الإبصار عندها قليلة . وأكثر الإضطرابات المتعلقة بالصبغيات الوراثية (الجينية) ، لا يمكن تشّخيصها إلا بتحليل الحمض النووي الموجود في الخلايا ، و هذه تتطلب تحصيل خلايا جنينية من المشيمة أو من السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، وفي كلتا الحالتين تحتاج إلى اختراق جدار بطن الحامل و جدار الرحم حتى تصل إلى أي من هذين المصدرين، وهذه تدخل تحت مسمّى الإجراءات التداخلية، وهنا يتساءل الإنسان : هل من الضروري عمل هذا التداخل لتشخيص حالة قد يصل احتمال وجودها الى واحد أو إثنين في المائة؟ للإستغناء عن هذا التداخل، أصبحنا نلجأ إلى إجراءات غير تداخلية ، إستقصائية لتقليل الحاجة إلى الإجراءات التداخلية. و نقصد ب إستقصائية أنها لا توصلنا إلى التشخيص ، و لكنها تساعدنا في تقرير الإستغناء عن الحاجة للتشخيص ، أو تعزّز الحاجة إليه، مثلا إجراء NIPT ، يوصلنا إلى نسبة احتمال وجود حالات مثل متلازمة داون، أو متلازمة التثلث الصبغي في الكروموسوم رقم 13، أو التثلث الصبغي في الكروموسوم رقم 18، في بعض الدول، لو أعطانا هذا الفحص احتمالا نسبته واحد إلى مائتين وخمسين، نتحول إلى إجراء تشخيصى، و لكن لو كان أقل من ذلك، فإن الأمر لا يستدعى عمل إجراءات تشخيصية تداخلية. إذن ، ماذا نعنى حين نطلب عمل إجراء NIPT؟ مجموعة الأحرف الإنجليزية هذه ترمز الى إجراء استقصائى غير تداخلى يُعمل قبل الولادة .وهنا نأخذ عينة من دم الأم لتحليلها في المختبر . تبين لنا أن دم الأم في حوالي الأسبوع التاسع من الحمل يحتوى على حمض الدنا الخاص بالجنين، وحمض الدنا هو الذي يُكون الصبغيات الوراثية في خلية الحنين، و لكنه يتواجد حراً في دم الأم، و لذا فان المختبر يستخلص هذه المادة من دم الأم و يحللها ، فيقول لنا مثلا إن احتمال وجود متلازمة داون واحد الى عشرة أو واحد إلى أربعمائة ، و احتمال وجود التثلث الصبغي للكروموسوم الثالث عشر مثلاً واحد إلى عشرين و هكذا. العيوب الجينية كثيرة جداً، و لذا فان المختبر يركز على العيب المطلوب البحث عنه، ما أشرنا إليه من اضطرابات وراثية ، تزداد نسبتها مع ازدياد عمر الحامل ، ولذلك يكثر طلبه عندما تحمل أم في عمر أعلى من خمسة وثلاثين عاماً ، كما أن هذا التحليل يظهر جنس الجنين في فترة مبكرة من الحمل .(يتبع)