ثمة قصص وإن كانت خاصة بأسرة ما أو امرأة ما، إلا أنها تكشف لنا كيف هو الواقع المعاش والثقافة السائدة، تقسو وتطغى على فئة، وتضعها دائما في خانة المتهم والمسؤول عن الجريمة، لاعتقاد الثقافة السائدة والواقع المعاش أن وجودها هو أصل الجريمة. كقصة تلك الفتاة التي نشرتها صحيفة«عكاظ» أمس الجمعة، والتي لم تبلغ سن الرشد، إذ أرسلتها زوجة والدها للبقالة قبل 20 عاما لتشتري احتياجات البيت فاغتصبها رجل أربعيني «باكستاني»، وبدل أن تذهب لمن يحميها، كان الخيار المتاح، أن تذهب مع مغتصبها لباكستان بعد أن زورت أوراقها كزوجة. فتلك الطفلة كان أفراد قبيلتها يطالبون والدها بالبحث عنها ليقتلها بعد أن عرفت القرية بحكاية «الطفلة المغتصبة»، وكانوا يقولون له «الناس أكلت وجيهنا»، إذ ذاك أبلغهم بأنه عثر عليها وذبحها ودفنها، فأعلنت القبيلة بفخر أن الفتاة قتلت وتم مسح عار القبيلة. إنها نفس قصة تلك المرأة «الأصمة» التي استغل مغتصبان عدم قدرتها على السماع وغياب زوجها فكسرا «المكيف» ودخلا من فتحته واغتصباها ، فطلقها زوجها لأنها سبب الجريمة. كقصة ذاك الأب الذي وجد نفسه أمام خيارين، إما أن يقتل ابنته التي نشرت صورة وجهها أو يغادر مدينته التي لن ترحمه لأنه لم يحاكم الضحية «ابنته». هي نفس القصة وإن تغير أبطالها، هل كانت الطفلة وحدها الضحية أم الأب الذي إن لم يقتلها كلل بالعار، أم زوجة الأب التي تعرف قانون القبيلة، وأن بقاء البنت يعني موتها لهذا حاولت إقناع مغتصب البنت بأن يتزوجها؟ من وجهة نظر شخصية: أرى الأب ضحية ثقافة وواقع معاش، وزوجة الأب التي كانت تعرف أن الحكم النهائي ذبح الطفلة كذلك، والفتاة أكبر ضحية، لأن المجتمع مازال يحاكم الضحية؟ وإلى أن يعاد ترتيب العقول لترى أن الاغتصاب جريمة، ومحاكمة المغتصبة/الضحية أكبر جريمة، ستروى علينا هذه القصة من جديد كل مرة وإن تغير أبطالها، وستغضب الغالبية من المغتصب، في نفس الوقت سيرددون بعد قتل الضحية «تستاهل من قال لها تروح للبقالة». للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة S_ [email protected]