تمضي المملكة العربية السعودية بثقة نحو بناء نموذج تعليمي متقدم، يقوم على شراكة متوازنة بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، ويؤسس لجيل واعٍ، مبدع، وقادر على الابتكار وصناعة المستقبل، في إطار رؤية وطنية طموحة جعلت التعليم ركيزة أساسية لبناء اقتصاد المعرفة، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030. ويأتي هذا التوجه في ظل تحولات عالمية متسارعة فرضتها الثورة الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد الأساليب التعليمية التقليدية قادرة على مواكبة متطلبات العصر. فقد تغيّرت طبيعة العمل، وتبدلت المهارات المطلوبة، وأصبح التعليم مطالبًا بإعداد الإنسان للتعلم المستمر، والتكيف مع عالم سريع التغير. وقد تعاملت المملكة مع هذه التحولات بوعي إستراتيجي، فبادرت إلى إدماج مفاهيم ومهارات الذكاء الاصطناعي في منظومتها التعليمية، وعززت بنيتها الرقمية، وأطلقت مبادرات وطنية نوعية أسهمت في ترسيخ مكانتها ضمن الدول الرائدة في تبني تقنيات المستقبل وتوطينها. في هذا السياق، أعيد تعريف دور الطالب ليصبح محور العملية التعليمية وشريكًا فاعلًا في بناء مهاراته، مستفيدًا من أدوات ذكية توفر تجارب تعلم أكثر تخصيصًا وعمقًا، تراعي الفروق الفردية، وتدعم التطور وفق قدرات كل متعلم. وفي المقابل، يظل المعلم الركيزة الأساسية في هذه المنظومة بدوره الإنساني والتربوي الذي لا يمكن للتقنية أن تحل محله، بل تأتي لدعمه وتمكينه من أداء رسالته بكفاءة أعلى. إن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في التعليم لم يعد خيارًا إضافيًا، بل ضرورة لتحسين جودة التعلم، وتقليل التعثر الأكاديمي، وتوفير بيئات تعليمية أكثر فاعلية. وتؤكد التجربة السعودية أن النجاح الحقيقي يكمن في الاستخدام الواعي والمتوازن للتقنية، ضمن إطار تربوي يضع الإنسان في مركز العملية التعليمية. إن ما تشهده المملكة اليوم هو تأسيس لمرحلة تعليمية جديدة، تعزز الإبداع، وتدعم الابتكار، وتُعد الإنسان لصناعة المستقبل بثقة واقتدار، في مسار وطني ينسجم مع طموحات الدولة ويخدم أجيالها القادمة.