انتهاء التقديم على «منصة التوازن العقاري» للراغبين بأراضي سكنية في الرياض    عطاء سعودي للحد من الفقر عالمياً    ميندي: ضغط المباريات ليس عذراً    الأهلي ينتصر على النجمة ويصعد للمركز الرابع    المملكة توزّع (500) سلة غذائية في محلية كرري بولاية الخرطوم    «سلمان للإغاثة» يوزّع (213) سلة غذائية في مخيم لواء باباجان في أفغانستان    المتحف والبحث العلمي علاقة تأسيسية    رؤية حول التفاهة والنخبة والكتب الأكثر مبيعاً    أمانة جازان تنظم "ملتقى جازان الخضراء": مبادرة رائدة لتعزيز الاستدامة ورفع الرقعة النباتية بالمنطقة    بناء مجتمع واعٍ ومسؤول رقميًا    الصين تدعو للأخذ برأي «العدل الدولية» للتخفيف من الأزمة الإنسانية في فلسطين    فرع الشؤون الإسلامية بجازان يفعّل أكتوبر الوردي بمبادرة صحية توعوية    أمير تبوك يهنئ الشيخ صالح الفوزان بمناسبة تعيينه مفتياً عاماً للمملكة    163 ألف ريال لصقرين في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    البيت الأبيض: ترمب سيلتقي الرئيس الصيني يوم الخميس المقبل    أمانة الشرقية تنفذ تجربة فرضية لمواجهة الحالات المطرية    إغلاق 85 منشأة ومصادر 13.5 طنًا من الأغذية بالرياض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    80 شركة ناشئة تتنافس في حلبة المستثمرين    أمين الشرقية يطلع على مشاريع إستثمارية بكورنيش الخبر    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمير القصيم يُكرّم مواطناً أبعد مركبة مشتعلة عن تجمع بشري بمركز القوارة    رسميًا.. ليونيل ميسي يُمدد تعاقده مع إنتر ميامي    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    النفط يواصل مكاسبه ويرتفع بنحو 5%    بدء أعمال صيانة وتأهيل طريق الملك سعود "القشلة" اليوم    منتدى الأفلام السعودي يعود ب"لقاء يغير المشهد"    غيابات الاتحاد في مواجهة الكلاسيكو    وزارة التعليم تتجه لإعادة هيكلة إداراتها وتقسيمها إلى خمس مناطق تعليمية رئيسية    دوري يلو.. العلا يحسم القمة.. والفيصلي والطائي يسجلان الفوز الأول    القبض على شخص أشعل النار في مركبة بالقصيم    انطلاق ملتقى الصحة العالمي 2025 الأسبوع المقبل بالرياض    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    بعد غياب عامين .. جيسوس يقود النصر لرقم مميز    نائب أمير نجران يتسلم تقريرًا عن مشاريع الأمانة    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    "الإحالات الطبية" ينفذ خمسة آلاف إخلاء سنويًا ويُنقذ 30 ألف حياة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يرسم الابتسامة على وجه ثلاثينية بالحمل والولادة بعد عقم استمر 12 عاماً    الجبير يبحث مع سفيري النرويج وقرغيزستان الموضوعات المشتركة    السعودية إلى كأس العالم    خلال مؤتمر وزراء «منظمة التعاون».. الفضلي: السعودية تتبنى حلولاً متكاملة لإدارة المياه    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    الجاسر مستشاراً لمهرجان الأفلام    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    أداة جديدة لتوليد صور الحالة ب «واتساب»    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المملكة توقع اتفاقية دولية للإنذار المبكر من العواصف    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام الرقمي بعيون نسائية
نشر في الرياض يوم 23 - 10 - 2025


المنصات مساحة للتعبير والإبداع النسائي
يشهد العالم اليوم تحولاً عميقاً في مفهوم التمكين، بعدما أصبحت المنصات الرقمية مساحة مفتوحة لاختبار القدرات وبناء الفرص، تحولت من كونها أداة للترفيه والاتصال إلى منصات تأثير واقتصاد ومعرفة. وفي ظل هذا التحول المتسارع، برزت المرأة السعودية نموذجًا استثنائيًا استطاع أن يوظف التقنية في تعزيز الحضور والتمكين، ضمن سياق رؤية وطنية تؤمن بقدرتها وتمنحها أدوات الريادة في فضاء لا تحدّه الجغرافيا ولا القيود التقليدية. لقد أوجدت التحولات الرقمية فرصاً نوعية للنساء للمشاركة في الحياة العامة، والعمل، وصناعة المحتوى، وتوسيع دوائر التأثير الاجتماعي، لتصبح المنصات الرقمية اليوم أحد أبرز أوجه التمكين النسائي في المملكة.
ومع ازدهار البنية الرقمية السعودية وتقدمها عالميا في مؤشرات التحول التقني، باتت المرأة جزءاً أصيلاً من هذا المشهد، إذ لم يعد حضورها مقتصراً على المشاركة، بل تجاوز ذلك إلى صناعة الاتجاهات وقيادة الحوارات وتأسيس المشروعات الريادية. هذا التمكين لم يأتِ بمحض المصادفة، بل جاء نتيجة دعم حكومي واضح في تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا، وتوفير بيئة رقمية آمنة للابتكار والإبداع.فالمنصات الرقمية اليوم تمثل حاضنة للأفكار الجديدة ومصدر دخل متنامٍ للكثير من الشابات، اللاتي وجدن فيها فرصة لتوسيع إمكاناتهن وتحقيق ذواتهن في مجالات متنوعة كالإعلام الرقمي وريادة الأعمال والعمل الحر.
لقد ساهم هذا الواقع الجديد في كسر الصورة النمطية للمرأة، وأعاد صياغة دورها في المجتمع من متلقية للمعلومة إلى صانعة ومؤثرة في الرأي العام. كما أصبحت المنصات الرقمية وسيلة لنقل صوت المرأة إلى أفق أوسع، وجسرا للتواصل مع فئات المجتمع كافة.فالتمكين لم يعد مجرد مفهوم نظري أو شعار إعلامي، بل تحول إلى ممارسة يومية تعكسها التغريدات والمشروعات الرقمية والحملات الاجتماعية التي تقودها نساء سعوديات بوعي ومسؤولية.
ومع هذا التوسع في الحضور الرقمي النسائي، تبرز أهمية الوعي بأبعاد هذا التمكين، سواء في ما يتعلق بالحفاظ على الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية، أو في التعامل مع التحديات التي تفرضها بيئة التواصل المفتوح. فالمنصات الرقمية، رغم ما تقدمه من فرص، تتطلب وعيا متزايدا، بما في ذلك حماية الخصوصية والتصدي للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وهنا يظهر البعد الأهم في التمكين الرقمي، وهو الجمع بين الحرية والمسؤولية في توظيف المنصات بما يخدم التنمية ويعزز مكانة المرأة كمكوّن أساسي في مشروع النهضة الوطنية.إن تجربة تمكين المرأة عبر المنصات الرقمية تمثل اليوم أحد أبرز ملامح التحول الاجتماعي في المملكة، وتجسد الرؤية التي تسعى إلى بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، قوامه الإنسان وقدرته على صناعة مستقبله بأدوات العصر. إنها قصة نجاح متجددة تؤكد أن التمكين الحقيقي يبدأ من الإيمان بالقدرة، ويستمر حين يمنح الصوت ،وفرصة في فضاء رقمي لا يعترف إلا بالإنجاز والكفاءة.
رؤية 2030.. تمكين رقمي يترجم الطموح
منذ إطلاق رؤية 2030، شهدت المملكة نهضة رقمية شاملة شكلت أرضية صلبة لتمكين المرأة. فقد أصبحت المنصات الرقمية أدوات استراتيجية للمرأة السعودية لتوسيع حضورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي هذه التحولات لم تمنح المرأة مجرد الوصول إلى الفضاء الرقمي، بل منحتها القدرة على الابتكار، وصناعة المحتوى، وإطلاق المشاريع الرقمية التي تحدث فرقاً في المجتمع.
لقد أتاح التعليم الرقمي وبرامج التدريب التقنية للنساء اكتساب مهارات حديثة في البرمجة والتحليل الرقمي وريادة الأعمال. ويؤكد التقرير السنوي لمركز "الحبتور للأبحاث" أن نسبة النساء المشاركات في المشاريع الرقمية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس أثر رؤية 2030 في تمكين المرأة وتحويلها إلى قوة اقتصادية فاعلة.
إضافة إلى ذلك تتيح المنصات الرقمية للمرأة السعودية توسيع دائرة تأثيرها الإعلامي والاجتماعي، بما يمكنها من المساهمة في النقاشات العامة وصناعة الوعي المجتمعي، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والقيم الثقافية .هذه البيئة الرقمية الآمنة تعزز من مشاركتها الفعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتفتح أمامها آفاقا جديدة للتمكين المستدام.
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي تشهدها المملكة، برزت المرأة السعودية كعنصر قيادي في فضاء المنصات الرقمية، حيث لم يعد حضورها مجرد تفاعل، بل أصبح صناعة واعية للمعرفة والتأثير. ومن خلال رؤية المملكة 2030 التي جعلت تمكين المرأة ركيزة أساسية للتنمية ،تحقق بهذا الحضور أبعاد تتجاوز التمثيل الرمزي إلى المشاركة الفعلية في قيادة الحوار الرقمي الوطني والعالمي.
المرأة السعودية اليوم ليست فقط مستخدمة للتقنية، بل صانعة للاتجاهات الرقمية، تقود محتوى يعكس وعيها المجتمعي واحترافها الإعلامي. تميز حضورها بالمصداقية والشفافية، مما أكسبها ثقة المتابعين وأتاح لها التحول إلى نموذج قيادي في بيئة يطغى عليها التنافس والمعلومات المتسارعة .كما استطاعت أن توازن بين إبراز هويتها الثقافية والانفتاح على الابتكار ،فكانت مثالا على التكامل بين الأصالة والمعاصرة في العالم الرقمي.
وفي مجالات متعددة، من الإعلام الرقمي إلى ريادة الأعمال التقنية، أثبتت المرأة السعودية قدرتها على تحويل المنصات إلى أدوات للتأثير الإيجابي وصناعة الوعي.فالمحتوى الذي تقدمه لم يعد مجرد ترفيه، بل منصة للتعليم، والإلهام، والتغيير. وتأتي البرامج الوطنية مثل "التمكين الرقمي للمرأة" لتدعم هذه المسيرة من خلال تدريبها على الأمن السيبراني ومهارات التحول الرقمي، مما يعزز ثقتها بنفسها وقدرتها على القيادة.
إن حضور المرأة السعودية في الفضاء الرقمي اليوم هو انعكاس لثقة وطن بها، ورؤية جعلتها شريكة في صناعة المستقبل. من الشاشة إلى القيادة، تكتب المرأة قصة نجاحها الرقمية بمصداقية راسخة، وحضور يليق بدورها في بناء مجتمع طموح واقتصاد رقمي مزدهر.
ريادة نسائية في السوق الإلكتروني
ريادة النساء في السوق الإلكتروني أصبحت اليوم أحد أبرز مظاهر التمكين الاقتصادي والاجتماعي في العصر الرقمي. فالمنصات الإلكترونية فتحت للمرأة آفاقا واسعة تجاوزت الحدود الجغرافية والتحديات التقليدية، لتصبح المرأة السعودية فاعلاً أساسياً في مجالات التجارة الرقمية وريادة الأعمال التقنية .هذا التحول لا يعكس فقط تطور أدوات السوق، بل يجسد رؤية واعية لمكانة المرأة وقدرتها على قيادة مشاريعها بثقة واستقلالية.
إن دخول النساء إلى عالم المنصات الإلكترونية لم يعد مقتصرا على التسويق أو المشاريع الصغيرة، بل تعداه إلى تأسيس علامات تجارية مؤثرة وإدارة متاجر رقمية تنافس في الأسواق المحلية والعالمية. ومن خلال هذا الحضور، أصبحت المرأة نموذجا للإبداع الرقمي والاستثمار الذكي، إذ تستثمر مهاراتها في إدارة الوقت والتواصل وبناء العلامة الشخصية لتعزيز موقعها في السوق الإلكتروني.
وتتوافق هذه النقلة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي أكدت على رفع مشاركة المرأة في سوق العمل، ودعم ريادة الأعمال النسائية من خلال الحلول التقنية والتحول الرقمي.فالتحول الرقمي لم يعد مجرد خيار، بل أصبح وسيلة لخلق فرص متكافئة تمكن المرأة من المنافسة وتحقيق أثر اقتصادي ملموس. كما أن المنصات الرقمية تمنح النساء مساحة للتعبير عن أفكارهن، وبناء مجتمع من المتابعين والمستهلكين، مما يسهم في تعزيز ثقافة الثقة والتفاعل المباشر بين صاحبة المشروع وجمهورها . هذه البيئة الداعمة مكنت الكثير من النساء من تحويل شغفهن إلى مصدر دخل مستدام، وجعلت من الريادة النسائية في السوق الإلكتروني علامة على النضج المهني والوعي التقني.
الإعلام الرقمي بعيون نسائية
في السنوات الأخيرة ،أصبح الإعلام عبر المنصات الرقمية يشهد حضورا متميزا للمرأة، حيث فرضت بصمتها كصوت طلقة يتصدر المشهد الإعلامي ويحوّل من قنوات التلقي إلى مساحات قيادة وتأثير .فقد وفرت أدوات العصر الرقمي للمرأة فرصة استثمارية وسردية لتتحكم في المحتوى، تبني العلامة، وتوجه النقاشات بعيدا عن الأطر التقليدية التي كانت تحد من مشاركتها.
على منصات البث المباشر، المدونات الصوتية، وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بإمكان المرأة أن تصبح مراسلة، ومنشئة محتوى، مديرة إنتاج، موجهّة لرسائل الجمهور . وهنا تبرز أهمية التمثيل النسائي في الإعلام الرقمي، ليس فقط لأن المرأة تحكي عن نفسها، بل لأنها تجلب منظورا مختلفا، تسلط الضوء على قضايا مهمشة، وتطرح سرديات بديلة تغير ما كان يعتقد أنه طبيعي. هذا التوجه تدعمه مؤسسات عدة، لترفع مستوى تمثيل النساء في الإعلام وتؤكد "أن من يروي القصة، يشكّلها ".
في الواقع هذه التحولات تعني أن صوت المرأة لم يعد هامشيا، بل أصبح محوراً فاعلاً في المنصات الرقمية. المرأة اليوم تتبنى أدوات السرد، توجه الحوار، وتبدأ مشاريع إعلامية تملكها وتوجهها. وهذا النمط من الإعلام ليس فقط تغيراً في "من يتكلم"، بل في "من يتحكم في السرد". عمليات التمثيل وصنع القرار في المحتوى الإعلامي باتت أكثر تنوعاً، وأكثر قرباً من الواقع الذي تعايشه المرأة. بات واضحاً أن الإعلام الرقمي بلمسات نسائية يشكل فضاءً حيوي لتوسيع الآفاق، وتغيير الصور النمطية، وتفعيل المشاركة الفاعلة. والمهم اليوم ليس فقط أن تستمع تلك المنصات إلى الصوت النسائي، بل أن تمنحه قيادة كاملة في التوجيه، في الإنتاج، وفي التأثير.
حماية رقمية.. تمكين آمن ومستدام
في العصر الرقمي الذي تشكلت فيه المنصات الإلكترونية من منابر جدية للمشاركة والتعبير والعمل ،بات تمكين المرأة رقميا مسارا استراتيجيا ليس فقط لتعزيز مشاركتها، بل ضمان استقلالها وأمانها في هذا الفضاء. إن حضور المرأة في العالم الرقمي لا يعد إنجازا تقنيا فحسب، بل يتطلب إطارا أمنيا وتشريعيا يوفر لها البيئة الآمنة التي تؤهلها لاستخراج كامل طاقاتها من دون الخوف أو التردد .
من جانبه، تولي الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية اهتماماً خاصاً بتمكين المرأة في قطاع الأمن الرقمي، على سبيل المثال إطلاق"ملتقى المرأة في الأمن السيبراني، الذي يختص بتمكينها وتبادل الخبرات المهنية والتدريب. وعلى الرغم من هذه المكاسب تبقى الحماية الرقمية للمرأة مسألة محورية، فالفضاء الرقمي بحد ذاته يحمل مخاطر عبر الابتزاز والمضايقات، وانتهاك الخصوصية، مما يجعل الوعي الرقمي والتدريب والقوانين الردعية، جزءا لايتجزأ من التمكين الحقيقي.فالإطار التشريعي والمؤسسي القوي يمثل الضمانة التي تتحرك المرأة فيها بثقة، وتحول المشاركة إلى أداء فعلي، لا مجرد خطوة رمزية.
تمكين المرأة رقميا لا يتحقق بالكامل إلا إذا وفر الحماية الرقمية المستدامة. حين تتوفر القوانين التي تحميها، والتدريب الذي يؤهلها، والدعم الذي يساندها، تصبح المشاركة الرقمية لها ليست خيارا بل حقا، وتصبح منصة الإنترنت والمنصات الرقمية فضاءها الآمن للابتكار ،والتأثير، والاستدامة.
مهارات المستقبل تبدأ من الشاشة
يشهد المشهد السعودي تحولاً نوعياً في تمكين المرأة رقمياً، إذ أصبحت المنصات التعليمية والتدريبية ركيزة رئيسية في بناء مهارات المستقبل وتمكين السعوديات من دخول مجالات كانت حكرا على الرجال، مثل البرمجة، الذكاء الاصطناعي، الإعلام الرقمي. ومع تسارع التحول الرقمي الذي تتبناه رؤية المملكة 2030، أصبحت الشاشة نافذة المرأة نحو المعرفة والابتكار، ومحورا لنهضة فكرية وتقنية تعزز حضورها في سوق العمل الحديث.
ومن هذا الجانب، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي"سدايا" بالتعاون مع وزارة التعليم ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مبادرة وطنية تحت شعار "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي"، بهدف تدريب مليون مواطن ومواطنة على المهارات والمعارف المرتبطة بالتقنيات الحديثة.كما تعد أكاديمية طويق من الجهات السعودية الرائدة في تطوير مهارات السعوديات في المجال التقني، حيث أتاحت عبر منصاتها الرقمية برامج مكثفة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتصميم والتطوير، واستقطبت عدة متدربات من مختلف مناطق المملكة. هذه المبادرات أسهمت في بناء قاعدة من الكفاءات النسائية القادرة على الإسهام في اقتصاد رقمي مزدهر.
إنّ ما يميز التجربة السعودية هو أنها لم تكتفِ بتوفير فرص التعلم الرقمي، بل صممت منظومة متكاملة تربط التعليم بسوق العمل، وتمنح المرأة القدرة على المنافسة محلياً وعالمياً. لقد تحوّلت الشاشة من وسيلة ترفيه إلى منصة إنتاج ومعرفة، ومن أداة متابعة إلى أداة تمكين. وهكذا، تؤكد التجربة السعودية أن مهارات المستقبل تبدأ فعلا من الشاشة ،لكنها تمتد لتصنع جيلا من النساء القادرات على قيادة التحول الرقمي في وطن يصنع المستقبل بثقة.
الهوية السعودية في عالم رقمي مفتوح
تشهد المرأة السعودية تواجداً رقمياً متسارعاً يفتح أمامها آفاق التأثير والإبداع على منصات عالمية، وفي الوقت نفسه يطرح سؤالاً جوهريا، كيف تحافظ المرأة على هويتها وقيمها أثناء هذا الحضور؟ الإجابة تكمن في تكامل السياسات الوطنية، وتمكين المحتوى الثقافي وبناء مهارات رقمية تراعي خصوصية الهوية الوطنية.
توفر رؤية المملكة 2030 قاعدة واضحة لهذا التوازن، إذ تؤكد على أهمية إبراز الهوية الوطنية والحفاظ عليها مع الانفتاح على العالم، عبر تطوير المتاحف ودعم الثقافة، ونشر المحتوى السعودي بجودة عالية.هذا الإطار يمنح المرأة مساحة آمنة لتقديم رؤاها وإبداعاتها الرقمية من دون التنازل عن القيم الثقافية، ويؤكد أن الانفتاح الرقمي لا يعني فقدان الهوية.
كما تعمل المؤسسات الثقافية على توفير بنى رقمية ومبادرات ومحتوى يكرّس الهوية السعودية. هذه المبادرات تجعل المرأة ناقلة للهوية بطريقة معاصرة، كما يبرز حضورها على المنصات العالمية بطريقة تحفظ الأصالة .
الحفاظ على الهوية السعودية في الفضاء الرقمي ليس تناقضاً مع الانفتاح، بل هو استثمار استراتيجي يتم عبر سياسات واضحة، محتوى رقمي مدعوم مؤسسيا، وتمكين نسائي مجهز بالمهارات اللازمة لتمثيل الثقافة السعودية بجرأة واحترافية. فعندما يجتمع الدعم المؤسسي مع مبادرات المرأة المبدعة، تتحوّل الشاشة إلى منصة تحفظ الأصل وتعرض الجديد.
حملات نسائية تصنع الوعي
في عصر التحول الرقمي، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة رئيسية للمرأة السعودية للتأثير في القضايا المجتمعية، مثل التعليم والصحة والبيئة .كما تلعب المنصات الرقمية كوسائل التواصل الاجتماعي دورا حاسما في زيادة الوعي بقضايا المرأة في المملكة ،حيث وفرت منصة للنساء لتبادل الرأي والمعلومات، مما ساهم في تعزيز الوعي العام بقضايا حقوق المرأة.
أصبحت المنصات أكثر من مجرد وسيلة تواصل، إذ تحولت إلى أداة للتأثير وصناعة الوعي، تقودها نساء سعوديات أثبتن حضورهن في قضايا مجتمعية تمس حياة الناس.عبر حملات رقمية هادفة، استطاعت النساء المبدعات تحويل الأفكار إلى مبادرات فاعلة أحدثت فرقا في مجالات التعليم والصحة والبيئة.
من أبرز الأمثلة على ذلك، الحملات التوعوية التي أطلقتها مختصات في مجالات الطب والصحة العامة حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والتي أسهمت في رفع معدلات الفحص والوعي الصحي بين النساء. كما برزت مبادرات رقمية تقودها معلمات وباحثات تربويات لنشر ثقافة التعلم الرقمي وتمكين الفتيات من مهارات المستقبل، بالتوازي مع حملات بيئية أطلقتها ناشطات سعوديات لتقليل النفايات البلاستيكية وتشجيع إعادة التدوير.
تلك الحملات الرقمية النسائية لم تقتصر على نشر الرسائل فحسب، بل شكلت نموذجا للتمكين والتأثير الإيجابي، حيث أثبتت المرأة السعودية قدرتها على توظيف المنصات الرقمية لبناء مجتمع أكثر وعيا ومسؤولية.
ذكاء اصطناعي بلمسة نسائية
لم تعد المرأة السعودية بعيدة عن مجالات التقنية المتقدمة، بل أصبحت اليوم إحدى ركائزها الأساسية. في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي تشهدها المملكة، برز حضور النساء في تخصصات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات كقوة جديدة تدعم الابتكار وتعيد رسم ملامح المستقبل.
دخول النساء هذا المجال لم يكن مجرد خطوة مهنية، بل انعكاس لرؤية وطنية تؤمن بقدرة المرأة على الإسهام في التحول الرقمي والابتكار التقني. من خلال مبادرات أطلقتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهيئة الحكومة الرقمية، اكتسبت السعوديات مهارات متقدمة في تحليل البيانات وتصميم الخوارزميات وتطوير حلول رقمية تخدم مختلف القطاعات. فقد التحقت المئات منهن ببرامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، مما مكنهن من المشاركة الفعلية في مشاريع وطنية ترفع كفاءة الخدمات الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء.
المرأة اليوم لم تعد مستخدمة للتقنية فحسب، بل صانعة لها، تضيف إليها رؤية إبداعية ولمسة إنسانية توازن بين الكفاءة والابتكار. دخولها في هذا المجال يسهم في رفع كفاءتها العلمية والعملية، ويفتح أمامها فرصا جديدة في سوق العمل الرقمي، مما يرسخ مكانتها كعنصر أساسي في بناء اقتصاد معرفي متطور ومتوازن يواكب طموحات رؤية المملكة 2030.
المرأة السعودية تروي قصتها رقمياً
في عصر المنصات الرقمية، لم تعد الحدود الجغرافية عائقاً أمام طموح المرأة السعودية ،التي استطاعت أن تحول الفضاء الإلكتروني إلى نافذة تنطلق منها نحو العالم .فقد برزت العديد من السعوديات في مجالات الإعلام الرقمي، وصناعة المحتوى، والاتصال العالمي، ناقلات صورة واقعية عن المجتمع السعودي بروح واعية وثقة عالية.
من خلال مشاركاتهن في مؤتمرات تقنية ومعارض دولية،استطاعت المرأة السعودية أن تمثل المملكة خير تمثيل، مقدمة نموذجاً متقدماً في الفكر والإبداع والمسؤولية. كما أسهمت في ترسيخ صورة إيجابيةً عن المرأة السعودية والعربية الحديثة التي تجمع بين الأصالة والريادة.
وعبر المنصات الاجتماعية، باتت السعوديات يقدمن محتوى يعكس تنوع الثقافة المحلية وتطورها، سواء في مجالات التعليم أو ريادة الأعمال أو التوعية المجتمعية،مما جعل صوتهن يصل إلى جمهور عالمي باحترام وتأثير. إن هذا الحضور الرقمي المتنامي يعكس نجاح مسيرة التمكين التي أرستها رؤية المملكة، حيث أصبحت المرأة السعودية سفيرة لوطنها في العالم الرقمي، تروي قصتها بوعي وتعبر عن هويتها بثقة، وتؤكد أن النجاح لا يعرف حدوداً حين يكون مدعوماً بالمعرفة والإرادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.