في ظل التقدم التقني المتسارع بدأت البيوت الذكية تتسلل إلى المجتمع السعودي، مدفوعة برغبة الكثيرين في تسهيل الحياة اليومية عبر التطبيقات الحديثة. ومع ذلك، لا يزال القلق قائمًا بشأن أمان هذه الأنظمة، وتكلفتها المرتفعة، ومحدودية الوعي باستخدامها. هواتف تتحكم بالمنازل يصف عبدالرحمن الشهري، موظف في قطاع الاتصالات، تجربته مع المنزل الذكي في شمال الرياض قائلًا: «أفتح الباب من الجوال، أراقب الكاميرات من أي مكان، أشغل الإنارة والمكيفات بالصوت فقط». ويضيف ممازحًا:أحيانًا أشعر أن البيت أذكى مني، لكن إذا انقطعت الشبكة أو تعطّل التطبيق، أشعر وكأني غريب في منزلي. وأشار الشهري إلى أن كلفة تحويل منزله إلى نظام ذكي تجاوزت 60 ألف ريال. تجربة مخيفة مع القفل الذكي في المقابل، روت خلود العتيبي، وهي أم لثلاثة أطفال، تجربة مقلقة مع أنظمة الحماية الذكية، قائلة:«في إحدى الليالي، تلقى زوجي إشعارًا بأن الباب الأمامي فُتح، رغم أن الجميع نيام. تبين لاحقًا أن النظام تعرّض لمحاولة اختراق من أحد القراصنة عبر الشبكة اللاسلكية». وتقول العتيبي إن الحادثة دفعتهم للتخلي عن القفل الذكي والعودة إلى القفل التقليدي، مع الإبقاء فقط على كاميرات المراقبة. الوعي ضعيف والتكلفة عالية أوضح المتخصص في أنظمة المنازل الذكية عبد الجواد مصطفى أن هذا النوع من المنازل يوفر رفاهية كبيرة، لكنه لا يزال بعيد المنال بالنسبة لعدد كبير من المواطنين بسبب ارتفاع التكلفة. وقال: «تحويل فيلا متوسطة إلى نظام ذكي قد يكلف نحو 50 ألف ريال، دون احتساب الصيانة والتحديثات الدورية». وأضاف أن العديد من المستخدمين يفتقرون إلى الوعي بالأمان الرقمي:«البعض يشتري الأنظمة دون إدراك لطبيعتها أو كيفية تأمينها، وهو أمر مقلق». وبيّن أن المنزل الذكي يعتمد على أجهزة متصلة بالإنترنت، يمكن التحكم بها عن بُعد باستخدام تطبيقات مخصصة، مشيرًا إلى أن المساعدات الصوتية أصبحت جزءًا من الروتين اليومي في بعض البيوت السعودية، مثل تشغيل القرآن أو متابعة الأخبار. لكنه تساءل في ختام حديثه: «هل لدينا ثقافة أمنية كافية؟ وهل بنيتنا التحتية الرقمية محمية بما فيه الكفاية؟ نحن لا نزال في مرحلة التجربة». التكلفة والأمن أبرز التحديات أشار المختص التقني عبدالماجد جلال إلى أن التكلفة المرتفعة تشكل أحد أبرز العوائق أمام تبني المنازل الذكية، موضحًا أن الأجهزة الذكية عادة ما تكون أغلى من نظيراتها التقليدية، كما أن رسوم الاشتراك في بعض الخدمات تضيف عبئًا ماليًا إضافيًا. وأكد أن الجانب الأمني لا يقل أهمية، حيث إن الأنظمة الذكية عرضة للاختراق كغيرها من الأنظمة المتصلة بالإنترنت. وقال: المخترقون يمكن أن يستغلوا الثغرات في الأجهزة أو الشبكة للوصول إلى داخل المنزل، مما يعرض الخصوصية للخطر. وشدد على ضرورة اتباع ممارسات الحماية الأساسية، مثل استخدام كلمات مرور قوية، وتحديث الأجهزة بانتظام، وتأمين شبكة الإنترنت المنزلية.