بما أني من محبي مشاهدة التلفاز وما زلت اعتبره خيارا مفضلا لأسباب ذكرت بعضها في مقالة سابقة لي بعنوان (علاقتك بالتلفزيون يحددها مدى إدمانك للجوال)، فأنا منذ فترة ليست بالقصيرة حريص على متابعة قناة عمان الثقافية مع قنواتي المفضلة، هذه القناة التي أثبتت نفسها ببرامجها الثقافية القيمة والمتنوعة تستحق الإشادة والمتابعة، فعلى سبيل المثال هناك برنامج (أهل الأدب) وهو برنامج يركز على حياة الأدباء والشعراء الذين لهم بصمة في العالم العربي؛ حيث يستعرض مقتطفات من أعمالهم وكتاباتهم - ويتم التعليق عليها من قبل عدد من النقاد والباحثين المتخصصين المتمكنين بأسلوب شيق وجميل - وعن دور البيئة المحيطة بهم وتأثيرها على نتاجهم، وبرنامج (ضفاف) وهو برنامج حواري يستضيف مجموعة من المثقفين والكتاب والمبدعين ليلقي الضوء معهم على أبرز محطاتهم الثقافية وتجاربهم الإبداعية، وبرنامج (شعراء معاصرون)، وبرامج سياحية ثقافية جميلة تطوف بك حول العالم لتعرفك بالمدن وأبرز ما يتعلق بها من ثقافات الشعوب وأجمل الأماكن والمناظر الطبيعية وأهم المعالم فيها وغيرها من المعلومات التي تهم كل سائح وتثقف كل من يشاهدها مثل برنامج (أماكن خلابة)، وبرنامج (في خلقه شؤون) حيث يسلط الضوء على قدرة الله عز وجل في الكائنات الحية وتأثرها وتأثيرها بالطبيعة، إضافة لمعلومات عنها بأسلوب وتصوير جميل يتماهى مع التعليق الصوتي عليها، وغيرها من البرامج المميزة، وقبل ذلك حرص المسؤولون على القناة على إنتاج برامج محلية غنية وثرية تعزز الهوية العمانية الثقافية، وتسلط الضوء على الفعاليات الثقافية والمعارض والملتقيات المستمرة التي تقام بين الحين والآخر في الداخل والخارج ولتبرز ما وصلت إليه سلطنة عمان من تطور ونهضة مع الحرص والتأكيد على أهمية الحفاظ على إرثها الحضاري. وبما أن الكثير من الناس بصريون وتشدهم الصور الثابتة والمتحركة والفيديوهات خصوصًا في عصر التقنية وتطبيقات التواصل فقد نجحت برأيي قناة عمان الثقافية باستغلال التأثيرات البصرية وأهميتها في التأثير، حيث لم تكتف بالعرض المجرد التقليدي لبعض برامجها بل استطاعت وبجدارة شد المشاهد، وبالترجمة إلى العربية، من خلال الصوت الجميل الواضح المتمكن الذي ينسجم مع ما يتم عرضه وكأنك تستمع للصوت الأصلي بلغته الأصل سواء في البرامج السياحية أو العلمية الوثائقية وليس كبعض القنوات التي تعتمد وتكتفي في ترجمتها إلى العربية على الكتابة أسفل الشاشة وأحيانا بخط صغير وهذا بلا شك مرهق جدًا ولا يؤدي الفائدة المرجوة بالشكل المطلوب لمن يشاهد مثل تلك البرامج المستوردة، وحتى البرامج العربية فقد أعجبتني طريقة عرض المعلومات للشخصية التي يتم الحديث عنها كما في برنامج (أهل الأدب) حيث تتماهى النصوص المعروضة والصور مع صوت المعلقين، وهذه النصوص سواء كانت شعرا أو نثرا أو غيرها تعرض بخطوط واضحة وجذابة وبطريقة فنية وتأثيرات بصرية بديعة، إضافة لخلفياتها التي تزيدها جمالا وتجعل تأثيرها على المتلقي كبيرا حيث تترسخ المعلومات وتكون الفائدة أكبر. ما تبثه قناة عمان الثقافية من برامج نوعية وقيمة خلال عمرها الذي لم يتجاوز عقدا من الزمن منذ تأسيسها هو دليل على تفرد وتميز لم يتحقق لولا الله ثم استشعار المسؤولين عنها عظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم وحرصهم على أهمية تعميق الوعي المعرفي والإسهام في نشر الثقافة والتنوير للأفراد والمجتمعات من خلال المزج بين الهوية العمانية الثقافية وبين الثقافات العابرة للحدود، ومن هذا المنبر أوجه لهم التحية والشكر والتقدير وهم يستحقون الإشادة، وهم أهل لذلك نظير ما يقومون به من جهد كبير يلحظه الجميع.