ارتباط ابن الجزيرة العربية بالمطر والربيع ارتباط روحي نابع من حبه لوطنه وارضه وعشقه لترابها والتي رغم جفافها وقساوتها الا انها كلما وطأته وكشرت عن انيابها علل النفس ب (عذاها) أي نقاء وعذوبة هوائها عند ما تغتسل بالمطر وفي انتظار هذا القادم الذي لا بد أن يحيلها الى مروج وغدران تصطفق بالحياة وبشائر الفرج وبذلك يقول أحد الشعراء المغرم بصحراء جزيرة العرب ومنطقة نجد بالذات نجدٍ يعزي عن غثاها عذاها لو هي مقر الفقر في ماض الاذكار نركض ومن صاد الجراده شواها وللنار من عقّب من المال دينار الارتباط الروحي بالمطر تعدى كل الحدود لدرجة أن الهواجس والتمنيات وصلت الى الأموات في قبورهم فهو نبع الحياة الذي لا ينضب ولا زلنا نردد بعضا من عيون الشعر الذي يعد التوثيق الوحيد ووصف حياة المجتمع قديما كما هي. لا زلنا نردد اشعارا كان شاعرها يدعو لمن يحب بالمغفرة والرحمة ولا ينسى دعوة من القلب الى ربه ملتمسا ان يسوق على قبره أو قبرها ذيل سحابة تساوي (نثائله) ثم تعله صبحا ومساء ثم تحيله الى بقعه من الجنان الخضراء عسى السحاب اللي معه برق ورعود يمطر على قبرٍ سكن فيه غالي وأخرى: جعل التراب اللي دفن فيه غالين يسقيه من وبل المخايل غمامه ولأن المطر لا يهطل في كل الاحوال وهذا النوع من الشعور والتمنيات لا يزال يشكل هاجس كل محب فإن بعض أهالي دبادب الصمان يرددون حكاية أخرى حدثت منذ ما يزيد على الأربعين عاما لشاب فقد عشيقته منذ فترة قريبة ودفنت وحيدة قرب مضاربهم مثل كثير من موتى البدو الرحل وقد ارسله والده يوما بوايت او صهريج الماء لسقيا الابل العطشى في مفلاها وتحت هذا الضغط الوجداني وبدلا من مواصلة طريقه الى الابل عرج الى قبر محبوبته وفتح حنفيات الماء بالكامل فوق نثائل قبرها حتى افرغ كل حمولة الصهريج فكانت كل قطرة ماء نزلت يشعر وكأنها تجري مجرى الدم في عروق جسده. هذا العشق المتوارث للمطر تعاقبت عليه الأجيال جيل بعد آخر منذ العصور المتأخرة حتى في سنوات الرخاء بقي المطر محل ترقب لأنه جزء مهم من المتعة والرخاء لأبناء هذه البلاد خاصة وفرحة المسئول على أعلى المستويات الذي ربط حجم سعادته بسعادة المواطن لأن المطر مرتبط أساسا بالكثير من مصالحه سواء المزارع في مزرعته او الراعي في الفلاة غير اجوائه الجميلة وبشائره الكثيرة المتعلقة بالتنزه ورحلات القنص وتحريك الكثير من الأسواق والأنشطة الترفيهية والاقتصادية هذه وثيقة عمرها أكثر من ثلاثا وسبعين سنة عبارة عن توجيه صادر من امارة الرياض وتحمل توقيع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز غفر الله له في الخامس من ربيع الثاني سنة 1374ه عند ما كان أميرا للرياض ونصها كالاتي: بسم الله الرحمن الرحيم.. ابن جميعه: سنعوا عبد الله بن إبراهيم بن محبوب الذي بشر بالسيل على الدرعية بعادة امثاله في هذا. وشرحا موجها لمدير المالية مضمونه: مدير المالية: سنعوا له ثلاثة ريال العادة حسب أمر سيدي. 6 ربيع الثاني 1374ه. وكلمة (بعادة امثاله في هذا) تعني ان بشارة اخبار الامطار كانت عادة تقدم لكل من يزف بشرى عن هطول الامطار خاصة قرب حدود مدينة الرياض التي كانت من أكثر مدن المملكة ضغطا في السكان ولا تملك حينها أي مقومات ترفيه غير مواسم الربيع التي لا تأتي في كل الأحوال. عشق المطر متوارث تتعاقب عليه الأجيال وثيقة بشارة المطر