في السنوات الأخيرة، برزت المملكة العربية السعودية كنموذج مختلف في المنطقة في كيفية إدارة الكفاءات، ليس كشعارٍ يُرفع، بل كفلسفة عمل تُطبّق على أرض الواقع. فالعدالة في إتاحة الفرصة أصبحت قاعدة تُبنى عليها رؤية الدولة، وأحد أهم أسرار التحوّل الذي تشهده المملكة اليوم. تقوم النهضة السعودية على مبدأ بسيط وعميق: الفرصة تُمنح لمن يستحقها، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا. فالمملكة لم تعد تنظر إلى الإبداع والخبرة من زاوية الهوية، بل من زاوية العطاء والإنجاز. في قطاعات التقنية، والصحة، والتعليم، والثقافة، والفنون، نرى أن المنصة مفتوحة أمام الجميع لطرح أفكارهم، وإبراز منظورهم الثقافي، والمشاركة في تشكيل المشهد الجديد للبلاد. هذا التحول لم يأتِ من فراغ. فالإدارة الحديثة في السعودية أدركت أن التنوع قوة، وأن الأفكار الكبيرة لا تعرف جنسية، وأن مجتمعًا يتيح لكل من يعيش على أرضه أن يبرهن على قدرته، سيغدو مجتمعًا أكثر ابتكارًا وتقدمًا. لقد وجد الكثير من المقيمين في المملكة فرصة حقيقية لإيصال صوتهم، والانضمام إلى مشاريع معرفية وثقافية واقتصادية، تُعاملهم فيها المؤسسات بمعيار واحد وواضح: الكفاءة والالتزام وقدرة الفرد على الإضافة. اللافت أن هذا النهج لا يصنع نهضة اقتصادية فحسب، بل يرسّخ علاقة جديدة بين الإنسان والمكان. فحين يشعر المواطن والمقيم معًا أن جهدهما مقدّر، وأفكارهما تُستمع إليها، وأن الطريق مفتوح أمامهما دون محسوبيات أو عوائق، يتحول العمل المشترك إلى طاقة دافعة لبناء مستقبلٍ أفضل. إن ما يحدث اليوم في السعودية يؤكد حقيقة أساسية: أي دولة تتبنّى العدل في اختيار الكفاءات، وتفتح المجال للأفكار من كل من يعيش على أرضها، ستصبح أسرع في الابتكار، وأقدر على المنافسة، وأكثر ثراءً في تنوعها. إنها نهضة تشترك فيها العقول جميعها، وتبنى على رؤية تتسع للجميع دون استثناء.