حين نتأمل مسيرة التحول الوطني التي تعيشها المملكة اليوم، ندرك أن تمكين المرأة السعودية لم يكن مجرد خطوة في طريق التنمية، بل كان قفزة نوعية غيّرت وجه المجتمع، ورسّخت مبدأ المشاركة الحقيقية في بناء الوطن، فقد أصبحت المرأة السعودية اليوم شريكاً فاعلاً في كل ميدان، وصوتاً وفعلاً في كل مجال، بفضل الرؤية الطموحة رؤية المملكة 2030، التي وضعت الإنسان –رجلاً كان أو امرأة – في قلب خططها المستقبلية. لقد انقشعت غيوم التردد، وأشرقت شمس التمكين لتفتح آفاقاً جديدة أمام المرأة السعودية، لم تعد الأبواب موصدة في وجه المرأة، بل أصبحت مفتوحة على مصاريعها أمام الطموح والعزيمة، واليوم نرى الفتاة السعودية تتقدّم بخطى ثابتة نحو أحلامها، تطرق أبواب التعليم والابتكار وريادة الأعمال، من رحم هذا الإصرار، برزت نماذج سعودية مشرقة حملت اسم الوطن عالياً. فالدكتورة غادة المطيري مثال حي على ما يمكن أن تصنعه الطموحات حين تمتزج بالعلم والعمل، إذ أصبحت من أبرز علماء العالم في مجال الصيدلة النانوية، أما الدكتورة مشاعل الشميمري، أول مهندسة صواريخ سعودية وعضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، فهي صورة ناصعة لامرأة آمنت بقدراتها مبكراً، وسعت بشغف نحو المستحيل حتى وصلت إلى الفضاء، مجسدةً حقيقة أن بنات الوطن قادرات على بلوغ القمم مهما كان المجال أو التحدي، وفي ميدان الدبلوماسية، تلمع الأميرة هيفاء آل مقرن، سفيرة المملكة لدى اليونسكو، التي تحمل رسالة الوطن بثقة واقتدار، وتعكس صورة المرأة السعودية القادرة على تمثيل بلدها بأبهى صورة. ولم يتوقف عطاؤها عند حدود الميادين العلمية أو الدبلوماسية، بل تجاوزها إلى ميادين الإبداع والفن والإعلام والعمل التطوعي، حيث نرى المرأة السعودية اليوم في كل موقع من مواقع الإنجاز، من مقاعد البرلمان المحلي إلى مقاعد القيادة في الشركات الكبرى، ومن المختبرات العلمية إلى منصّات الإبداع والثقافة. إن هذا الحضور المتزايد ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة دعم ورؤية وقرارات حكيمة من القيادة الرشيدة، التي آمنت بأن المجتمع لا ينهض إلا بجناحيه معاً، المرأة كانت دوماً ركيزة من ركائز هذا الوطن، تحمل في داخلها قيماً راسخة من الإخلاص والعطاء، وتغرسها في أبنائها ليكونوا امتداداً لهذا النور. اليوم، ونحن نعيش زمن التحول، علينا أن ندرك أن نجاح المرأة السعودية ليس نجاحاً فردياً، بل هو انعكاس لنهضة مجتمع كامل، فهي ليست فقط "نصف المجتمع"، بل روحه ونبضه، ومن دونها لا تكتمل صورة الوطن ولا يكتمل عطاؤه.