قد يكون بيان الواقع يضعفه الوصف، سواء كان واقعا حسنا أو غير حسن، وسواء أردنا أن نصف ما يسعدنا أو ما يضايقنا. لهذا يترك المجال للخيال، ففي مثل هذا يعد أبلغ مما لو بينا جوانب السعادة أو الجوانب التي تضايقنا. وقد جرى هذا في معظم كلام الناس فيما بينهم، فأحيانا نقول: "هذا الشيء لك عليه" وعبارة "لك عليه" لا تحمل معنى مباشرا، ولم تحدد المراد بل تترك للمتلقي إعمال الخيال، وهكذا المثل الشعبي " شاف ما عاف" فهي عبارة لا تحدد بالضبط المعاناة ولا ما شاف ولا ما عاف، وإن كان يستشف منها أن الوضع ليس جيدا، فهي تترك المتلقي يتخيل الصعوبات ولا يحددها، فما تراه صعبا قد يراه غيرك سهلا والعكس صجيج. ويضرب هذا المثل اختصارا لبث الشكوى والتعامل مع ظروف الآخرين ووضع النقاط على الحروف دون الدخول في تفاصيل الحالة الاجتماعية. فإذا قيل: شاف ما عاف. أو قيل: شفت ما عفت، فالمعنى أن الوضع غير مرضي، ولم يكن متوافقا مع المراد، فالعداء والجفاء مما يعاف ويكره، وتغير الناس إلى الأسوأ يعد مما يعاف ويكره، وإخلاف السلوم والعادات الحسنة تعد مما يعاف ويكره.. وهكذا. يقول الشاعر سعود الردعان الهاجري: لا شفت ما عفته من الربع الادنين غض النظر عنهم وعوّد خلافي دوّر لهم عذرٍ من يسار ويمين خلك لخملات العزيزين رافي واحذر تبيّن ما جرى بالدواوين يركض بها بين العرب كل هافي ربعك حزامك في وجيه المعادين لو غثرب الماء يرجع الماي صافي