أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الولاياتالمتحدة عرضت تقديم ضمانات أمنية لبلاده تمتد لمدة 15 عاماً، في إطار خطة سلام يجري التفاوض بشأنها لإنهاء الحرب مع روسيا، في وقت وصف فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب هذه المفاوضات بأنها الأقرب إلى تحقيق تسوية منذ اندلاع النزاع. وجاء هذا الإعلان عقب لقاء جمع زيلينسكي بترمب في منتجع الأخير بولاية فلوريدا، حيث تسعى واشنطن إلى الدفع بمسار تفاوضي متسارع، وسط ضغوط سياسية وعسكرية متزايدة على جميع الأطراف. رؤية أوكرانية وقال زيلينسكي إن الضمانات الأمنية الأمريكية تمثل عنصراً أساسياً في أي تسوية سياسية، مشدداً على أن غياب هذه الضمانات يعني عملياً استمرار الحرب. وأضاف أن كييف كانت تفضل التزاماً أمريكياً أطول يصل إلى 50 عاماً، بهدف ردع موسكو عن أي محاولات مستقبلية للاستيلاء على أراضٍ أوكرانية بالقوة. وأوضح الرئيس الأوكراني، في تصريحات للصحفيين عبر رسائل صوتية، أن الضمانات لا تقتصر على الجانب السياسي، بل تشمل آليات مراقبة تنفيذ اتفاق السلام، إضافة إلى ما وصفه بوجود الشركاء الدوليين على الأرض، دون تقديم تفاصيل إضافية. موقف واشنطن ومن جانبه، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن أوكرانياوروسيا أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى اتفاق سلام، لكنه أقر في الوقت نفسه بأن المفاوضات التي تقودها الولاياتالمتحدة منذ أشهر لا تزال هشة، وقابلة للانهيار في أي لحظة. وأشار ترمب إلى أن واشنطن تدرس إمكانية تمديد الضمانات الأمنية لأوكرانيا لأكثر من 15 عاماً، لافتاً إلى أن أي التزام طويل الأمد يجب أن يحظى بموافقة الكونغرس الأمريكي، إلى جانب برلمانات الدول المشاركة في الإشراف على التسوية المحتملة. ملفات عالقة ولا تزال عدة قضايا جوهرية تعوق التوصل إلى اتفاق نهائي، من بينها تحديد القوات التي ستنسحب من أي مناطق داخل أوكرانيا، ومصير محطة زابوروجيا النووية، التي تحتلها القوات الروسية وتعد واحدة من أكبر عشر محطات نووية في العالم. وتثير هذه الملفات مخاوف أمنية وبيئية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية بالقرب من منشآت حيوية، ما يجعل أي تسوية جزئية عرضة للاهتزاز. الموقف الروسي وفي المقابل، يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تقديم بلاده كطرف يتفاوض من موقع قوة. فقد أعلن أن القوات الروسية تحقق تقدماً في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، وتكثف ضغطها العسكري في منطقة زابوريزهيا جنوباً. وأكد بوتين، خلال اجتماع مع كبار الضباط العسكريين، ضرورة إنشاء مناطق عازلة عسكرية على طول الحدود الروسية، معتبراً أن هذه الخطوة ضرورية لضمان أمن المناطق الحدودية لروسيا. رفض روسي ورغم عدم إعلان تفاصيل الضمانات الأمنية المقترحة، شددت موسكو على أنها لن تقبل بنشر قوات من دول حلف شمال الأطلسي داخل الأراضي الأوكرانية. ويعكس هذا الموقف خطاً أحمر روسياً قد يصطدم بالرؤية الغربية حول دور الشركاء الدوليين في ضمان تنفيذ أي اتفاق سلام. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن من المتوقع أن يجري بوتين وترمب محادثات في المستقبل القريب، دون الإشارة إلى أي نية لفتح قنوات مباشرة مع زيلينسكي في المرحلة الحالية. دور أوروبي وعلى الصعيد الأوروبي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن حلفاء أوكرانيا سيعقدون اجتماعاً في باريس مطلع يناير، بهدف الانتهاء من تحديد المساهمات الملموسة لكل دولة في منظومة الضمانات الأمنية المقترحة. ويعكس هذا التحرك رغبة أوروبية في لعب دور أكثر فاعلية، وعدم ترك مسار التسوية محصوراً بين واشنطنوموسكو. استفتاء شعبي وأكد زيلينسكي أنه يعتزم طرح خطة السلام المكونة من 20 نقطة على الشعب الأوكراني عبر استفتاء وطني، في محاولة لإضفاء شرعية داخلية على أي اتفاق يتم التوصل إليه. غير أن إجراء هذا الاستفتاء يتطلب وقف إطلاق نار لمدة لا تقل عن 60 يوماً، وهو ما لم تُبدِ موسكو استعداداً لقبوله، إذ تصر على التوصل إلى تسوية شاملة قبل أي هدنة مؤقتة. حرب مستمرة وتخوض أوكرانيا حرباً مع روسيا منذ عام 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني، واندلع تمرد انفصالي مدعوم من روسيا في إقليم دونباس الصناعي. وتصاعد النزاع إلى غزو شامل في فبراير 2022، ما جعل الحرب واحدة من أعقد الأزمات الأمنية في أوروبا منذ الحرب الباردة. وفي ظل اقتراب الذكرى الرابعة للغزو الشامل، تبقى الضمانات الأمنية المقترحة اختباراً حقيقياً لإمكانية الانتقال من ساحة المعركة إلى طاولة التسوية، وسط حسابات متشابكة بين الردع والسيادة وتوازن القوى الدولية.