ليست الإصابة التي تعرّض لها النجم خالد ناري، لاعب فريق الأخدود، مجرد حادثة عابرة في مباراة كرة قدم، بل جرحٌ مفتوح في جسد العدالة الرياضية. فأن يخرج لاعب من الملعب مصابًا بكسرٍ في الأضلاع، وجرحٍ في الرئة بعد التحامٍ يستوجب الطرد واحتساب ضربة جزاء، ثم يمرّ المشهد بلا قرار حاسم، فذلك يتجاوز الخطأ البشري إلى أزمة منظومةٍ تحتاج وقفة جادة. في مباراة النصر والخدود، كانت اللقطة واضحة بما يكفي لتفرض تدخل الحكم بطرد حارس النصر العقيدي، واحتساب ركلة جزاء، غير أن الحكم البلوي وطاقم غرفة الVAR بدوا وكأنهم في سباتٍ عميق. الصافرة التي يفترض أن تكون ميزان العدالة، صمتت في لحظة كان ينبغي أن تصرخ فيها باسم القانون. وما يزيد المشهد قتامة أن هذه ليست سابقة معزولة، بل حلقة في سلسلة طويلة من قراراتٍ مثيرة للجدل. التذكير هنا واجب، لا تشفّيًا ولا تحريضًا، بل حفاظًا على ذاكرة المنافسة. فقد سبق أن وُضع"شوط ثالث" مدته سبع عشرة دقيقة في مباراة النصر والباطن، كما أشار رئيس الباطن الهويدي حينها، في واقعة ما زالت حاضرة في أذهان المتابعين. كما استفاد النصر من قرارات أخرى، كان يفترض أن تُعيد رسم نتائج مباريات، منها مواجهة الفيحاء حين أُجبر الحكم الهريش على مشاهدة لقطة غير مكتملة، لتحوَّل مخالفة على كريستيانو رونالدو إلى ركلة جزاء مثيرة للاستغراب. وفي دوري صُرفت عليه الملايين، ويقوده نخبة من نجوم العالم ومدربون أفذاذ، تتكرر الأخطاء بذات المواصفات، وتعود الأسئلة ذاتها حول التحكيم المحلي، خصوصًا مع ملازمته مباريات النصر في عددٍ كبير من الجولات الماضية. هل نسي المتابعون"يد دلهوم"؟ وهل غابت عن الذاكرة ركلات جزاء احتُسبت من خارج المنطقة؟ شواهد عديدة تستدعي التوقف، إن كنا حقًا ننشد منافسة تُقنع الداخل قبل الخارج، لسنا بحاجة إلى افتعال تحديات لإيقاف فريق، ولا إلى أخطاء تمنح فريقًا أفضلية غير مستحقة. نعم، الحكم الناجح هو الأقل أخطاء، لكن أن تتكرر الأخطاء في مباريات متعددة وبالاتجاه نفسه، فهنا تتحول المسألة من هفوة بشرية إلى خللٍ بنيوي، يستدعي المراجعة والمساءلة، خالد ناري لم يُصب فقط بكسرٍ في الأضلاع أو بثقبٍ في الرئة؛ بل أصيبت معه فكرة العدالة ذاتها. فالرياضة- كما الحياة- لا تكون المأساة في الفعل وحده، بل في تجاهله. لأن الخطأ قد يُغتفر، أما تمريره بلا محاسبة فيمنحه شرعية الاستمرار. في الختام، دعواتنا الصادقة بالشفاء العاجل للنجم خالد ناري، وبأن يكون آخر ضحايا التحكيم. فالعدالة تحتاج إلى ضميرٍ أكثر من حاجتها إلى قانون، وإذا فقدت الصافرة معناها، فقد الملعب حصانته، وخسرت المنافسة ثقة جمهورها.