من الطبيعي أن يتأثر الإنسان بالبيئة المحيطة به سواء كان تأثرًا سلبيًا أم إيجابياً، والتأثير يكون إما من خلال الأحداث أو حتى من الأشخاص المحيطين به. فالإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر في نفس الوقت. ولكن عندما يكون مستوى التأثر بصورة مبالغ بها هل يكون أصلي أم تقليد؟ هناك من يقلد تقليدًا أعمى في كل منحنيات الحياة. تجد هؤلاء الذين يقلدون بالتصرفات والحركات وحتى الملبس والسفريات. حتى إنه يفتقد ملامح شخصيته الحقيقية تارة تجده هنا وتارة هناك كلمة من فلان تغير رأيه في دقيقة وكلمة أخرى من آخر تعود به للوراء. فجأة تجده أصبح يمارس الرسم وأقحم نفسه بين اللوح والألوان رغم أنها ليست موهبته بل إنه مجرد تقليد لشخص رآه. حتى الأفكار والمعتقدات يعتنقها دون أن يترك مساحة لعقله بأن يحكمها ويقرر هل هذا صحيح أم لا؟ ينجر مسرعًا دون تفكير. من المعروف أن الصغار هم غالبًا من يتصفون بالتقليد لمن هم أكبر منهم لأنهم لا زالوا تحت طور النمو والتكوين وتحديد الشخصية لكن هؤلاء الكبار المقلدين ما سبب تقليدهم الأعمى ذاك؟ يتحول التقليد إلى تقليد مرضي دون أن نشعر به، لأن عادة من يقلد يشعر بالنقص بداخله والضعف ويتمنى أن يتخلص من نقصه من خلال التقليد والتشبه بالآخرين ليحقق الرضا الداخلي المؤقت. والمقلد شخص قلق غير مستقر يبحث عن ذاته من خلال الآخرين. هناك فرق في أن تقتدي بشخص وأن يكون هو مصدر إلهام ومثلنا الأعلى وأن تكون مقلدًا له بكل صغيرة وكبيرة دون اختلاف يميزك عنه أي كنسخة طبق الأصل. يمكن أن يكون التقليد سبباً جيداً ودافعاً لاكتساب المهارات الجديدة والبحث عن الذات. لكن ابحث عما يميزك ولا تكن مقلدًا سطحياً مستنسخًا، كن أنت بما خلقك الله عليه في مجالك في طموحك فحتمًا ستكون منفرداً مميزًا لا نسخة مكررة من شخص آخر.