محافظ الطائف يرعى حفل تخريج 10,808 طلاب وطالبات من جامعة الطائف    78% نموا بالتبادل التجاري بين السعودية وتايوان    العملات الرقمية تعود للأضواء من جديد    مخزونات النفط والاتفاق الأمريكي الإيراني يؤثران على الأسعار    القادسية يكسب العروبة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    التعاون يقلب الطاولة على الرياض في دوري روشن للمحترفين    سيتي يصعد للمركز الثالث بعد فوزه على بورنموث في آخر مباراة لدي بروين على أرضه    أفراح العميد تتواصل بالشباب    «الداخلية» تضبط 20 مخالفاً لأنظمة الحج    زيارة رئيس مجلس إدارة جمعية سفراء التراث لمحافظة المزاحمية    تمديد تكليف الدكتور النجمي مديرًا عامًا لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة جازان    «المتاحف» و«فيلهارموني باريس» يتعاونان في الموسيقى والمتاحف    مستقبل الألعاب الإلكترونية    وعي صحي رقمي بلغات مُتعددة.. دلالات الحج بصحة    اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية ترحب بالبيان البريطاني الفرنسي الكندي بشأن غزة    ترمب: محادثات روسية - أوكرانية ستبدأ فوراً    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمير جازان ونائبه يؤدون القسم    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثالث لمجلس أمراء الأفواج    مانشستر سيتي يكرم دي بروين بلوحة فسيفساء وممر بأسمه    نائب أمير منطقة مكة يتفقد المشاعر المقدسة للوقوف على جاهزيتها لموسم حج 1446ه    أمير تبوك يستقبل طلاب وطالبات مدارس الملك عبدالعزيز الفائزين في تحدي فيرست التقني للروبوتات    سوريا : قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية «تاريخي»    الثبات السعودي وتبدل النظرة الأمريكية    الحج بأيدٍ أمينة    نجران.. ملامح من الوفاء 2/2    أمير حائل يطلع على سير اعمال المنطقة المركزية    79.6 مليون طلب.. إجمالي عدد طلبات التوصيل خلال الربع الأول من 2025    أمانة الشرقية و"مدن" تبحثان تعزيز التعاون وتطوير مشاريع المدن الصناعية    القبض على (22) إثيوبياً في عسير لتهريبهم (440) كجم "قات"    أمير تبوك يستقبل القنصل العام الفرنسي    مستشفى دله النخيل يمنح طفلة رضيعة أملاً بحياة أفضل    محافظ الطائف يستقبل مدير مكتب المؤسسة العامة للري    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل برنامج ( تطوع الشرقية )    جلسة حاسمة بين بن نافل وانزاغي    تحديد بديل فهد المفرج في الهلال    خادم الحرمين يشيد بنتائج مباحثات ولي العهد وترمب    مركز التواصل الحضاري ينظم ملتقى "جسور التواصل" بالقصيم    نائب أمير المنطقة الشرقية يلتقي مدير عام الجوازات    "الشكره" يترأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة بيش    نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا لأول مرة في العالم    متى يتحرر العالم من عُقدة إسرائيل ؟    أدانت بشدة تصعيد الاحتلال وتوسعه شمال وجنوب غزة.. السعودية تحذر من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني    اتفاق تاريخي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي    "الرئاسي" يتحرّك لاحتواء التصعيد.. عصيان مدني واسع في طرابلس    أكد تسريع تنفيذ المشاريع بأعلى المعايير.. أمير القصيم: دعم سخي من القيادة الرشيدة لقطاع الإسكان    أشادوا بالخدمات المقدمة عبر "الوديعة".. حجاج يمنيون: المملكة حريصة على راحة ضيوف الرحمن    ضوء صغير    الاستثمار في العقول    حرس الحدود ينقذ (10) مقيمين " من غدر البحر"    بعد 12 يوماً.. الصيف يدق على الأبواب    عقارات الدولة تنفي توزيع أراضٍ أو تحديد أسعار    القيادة تهنئ نيكوسور دان بفوزه في الانتخابات الرئاسية في رومانيا    حكاية طفل الأنابيب (5)    الاعتراف رسمياً بالسكري من النوع الخامس    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الولاء».. جوهر الأخلاق وفَجْرُ الضمير..!
نشر في الرياض يوم 07 - 11 - 2018

"الولاء" مفهوم مثير للحيرة والارتباك حاول المفكرون والفلاسفة درسه ومنحه بُعده المعرفي والأخلاقي، ومع ذلك مازال مفهوماً مُلتبساً لم يزدد مع الوقت إلا غموضاً واستعصاءً..
ثمّة مفاهيم وقيم وسلوكيات لا يمكن القبض على معانيها أو تحديدها بدقّة، لالتباسها وغموضها، وتعدّد تأويلاتها. من هذه المفاهيم "مفهوم الولاء"، الذي تشير لفظته الجدل بين أوساط المثقفين والباحثين وتثير في الذهن - حتى للفرد العادي - الحيرة والارتباك، كما تثير لدى الدارسين له معاني سياسية وأخلاقية حاول على إثرها المفكرون والفلاسفة وعلماء الاجتماع تحديدها ودرسها ومنحها بُعدها المعرفي والعقلي والأخلاقي، ومع ذلك مازال مفهوماً مُلتبساً لم يزدد مع الوقت إلا غموضاً واستعصاءً على التفسير أو التحديد الدقيق مثله في ذلك مثل مفهوم "الضمير" الذي لا يقلّ غموضاً وارتباكاً.
فعلى المستوى الإنساني البسيط لا يعزُبُ عنّا تلك الولاءات البسيطة التي تتمثّل في سلوكياتنا دون تخطيط مُسبَق وبلا قصديّة تسبق أفعالنا وردود فعلنا تجاه الأحداث والوقائع التي تصدفنا في تعاطينا الحياتي البسيط منه والمُعقّد. فلا يمكن أن نُفسّر حالة الجذل والحبور التي تُصاحب سلوك مزارع بسيط قوّس التعب ظهره وهو يهبّ من وسط انشغالاته في حالة انتشاء وفرح كبيرين وهو يتلقّى خبر زيارة مليكه أو ولي عهده لمنطقته، فتلمس عفويّة التفاعل والمشاعر التي لا يتلبّسها مبالغة أو زيف وبكلمات بسيطة غارقة في نقائها وصدقها يردّد عبارات الترحيب والسعادة، وهو أمر ينسحب على الأطفال الذين يُعدّون ملوك العفوية ونقاء الضمير وصفاء الوجدان، وقِس على ذلك بقية أطياف المجتمع بمختلف مواقعهم العلمية والعملية التي تصبُّ جميعها في معنى أخلاقي وإنساني واجتماعي هو "الولاء".
لا تفتأ الفلسفة والعلوم الإنسانية مُجادِلة مثل هذه المفاهيم العريضة والملتبسة، وهو دورها حتماً في جوهرتها وإلباسها لبوسها العلمي والمعرفي الدقيق والضابط لمعناه.
من الفلاسفة المهمّين الذين اشتبكوا مع هذا المفهوم جوزايا رويس، وهو فيلسوف أميركي معاصر "1855 - 1916" من الهيجليين الجدد في أميركا ومن ممثلي المثالية المطلقة. وقد اعتبر جوزايا الولاء محور الفضائل كلّها، وروح الأخلاق العاقلة، وأنّه إذا تمَّ قيام وحدة صحيحة بين الأخلاق ونظرية فلسفية عن العالم الواقعي، تحقّقت وحدة الدين بالحياة العملية. كما عرّف الولاء بأنّه التفاني الإرادي العملي المستمر، من قِبل فرد ما، تجاه قضية معينة. يعرف منها ما ينبغي أن يكون، وما ينبغي أن يقوم به من الأفعال. ولا بد أن تتّصف هذه القضية بالذاتية والموضوعية، وتضم أكبر عدد من الأفراد في رابطة واحدة، فالولاء ضروري، لأنه يقضي على حالة التردُّد والحيرة الأخلاقية، ويحقق به الفرد الخير لنفسه، لأنه - وفقاً لرويس - يكمن في معرفة الفرد لواجبه، ومثله الأهلى في الحياة، فالفرد لا يستمد خيره من الخارج، ولا يعرف واجبه منه، ودائماً ما يلجأ إلى الداخل، لاستشارة إرادته العاقلة.
ومن المفيد الإشارة إلى تأكيد مهم لفت إليه جوزايا رويس في كتابه "فلسفة الولاء" وهو أنه لا تتعارض روح الولاء مع الاستقلال الأخلاقي للفرد كما حاول أن يُصوّر أنصار المذهب الفردي في الأخلاق وأن الولاء سبب الكوارث الإنسانية وغيره من الادعاءات، مؤكداً على أن الإنسان يستطيع أن يعتمد على النور الفطري الداخلي لمعرفة واجبه والشعور بالسكينة مستدلاً على ذلك الدحض لتلك المزاعم بولاء الساموراي الياباني، حيث لا يتعارض شعوره بالولاء مع إحساسه بكرامته وكيانه الخاص، ولا يتعارض ولاؤه مع وحدة الأُمّة، ويرى أن الأخلاق الفردية لا تستقيم إلا بالولاء، فكلُّ غاية فردية، لا يتم الولاء، يفشل الفرد في تحقيقها.
إذاً؛ وبعد هذا العرض السريع لمفهوم الولاء، ما حاجتنا له؟ وكيف يمكن تحقيقه وترسيخه لدى الفرد والمجتمع في ظل هذه الظروف التي تتنازع المرء نوازع كثيرة تتعدّد فيها الولاءات وتحتاج إلى ضبط معياري وقيمي يمكن من خلاله أن يؤدّي كلٌّ منّا دوره الوطني وقبلها الديني؟ تبدو أسئلة صعبة وتحتاج مزيداً من القراءة والفعل الثقافي عبر تأصيل مثل هذه القيم النبيلة التي تخدم المجتمعات وتسهم في صونها ووضعها في مكانها اللائق بها إن على المستوى الوجداني أو العملي بحيث يصبح قيمة أخلاقية لها مكانتها التي تليق بها وبمجتمع يروم أن يكون كما أُريد له؛ مجتمع له الموقع الريادي والقيادي للعالم الإسلامي باعتباره قبلتهم الروحية والدينية على مرّ الأزمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.