كان اختيار أم كلثوم بقصيدتي (أغداً ألقاك) عقب عودتها من زيارة للسودان - وعلى وجه التحديد عام 1969م وذلك عندما نشر الشاعر صالح جودت مطلع القصيدة في مجلة (الكواكب القاهرية).هكذا يؤكد الشاعر السوداني الهادي آدم مؤلف أغنية أم كلثوم (أغداً ألقاك).. ويستطرد: ما كادت أم كلثوم تقرأ هذا المطلع حتى اتصلت بصالح جودت تطلب منه باقي القصيدة.. فأرسل لها الديوان. ثم عاد صالح جودت ليكتب عن اهتمام أم كلثوم بالقصيدة وأنها عرضتها على عبدالوهاب الذي لم يلبث أن شاركها الإعجاب بها، وبعد مدة اتصلت أم كلثوم بمكتب وزير الإرشاد السوداني في الخرطوم تلفونياً من القاهرة.. وطلبت أن أكلمها بالهاتف.. فأبلغتها موافقتي ودعتني إلى القاهرة للتحدث حول اختيارها للقصيدة، وفي القاهرة التقيت بها في منزلها في الزمالك.. وقد حضر عبدالوهاب هذا اللقاء. ويواصل الهادي آدم الشاعر السوداني حديثه فيقول: إن المدة التي استغرقتها أم كلثوم في مراجعة القصيدة وحفظها قبل أن تغنيها - سنة كاملة من آيار عام 1970م، حتى آخر بروفة لها في آيار عام 1971م، ومن المفارقة العجيبة إن أول يوم غنت فيه القصيدة هو نفس اليوم من العام الذي يليه أي 6 أيار 1971م..!!. وقد استغرق تلحين القصيدة - لا زال الكلام للهادي آدم - عاماً كاملاً.. ولأم كلثوم صداقات كثيرة، وأصدقاء تقبل نقدهم بصدر رحب.. وأصدقاء ترفض نقدهم.. وهي شديدة الاعتزاز بشخصيتها. ويستطرد الهادي آدم: لا شك أن أم كلثوم ذواقة إلى حد بعيد.. ولكن الغريب أنها لا تهتم بإرضاء ذوقها دائماً..! إن لها صديقاً حميماً اسمه (الجمهور).. توليه اعتباراً كبيراً فمنه تستمد الطاقة، ومن أجله تقدم عطاءها.. إن أم كلثوم مع جمهورها لا تحس بوجود غير وجوده.. ولا تحسب حساباً إلا له وحده..!! وعبدالوهاب حساس بالنسبة للكلمة لدرجة كبيرة فهو يصغى لها كما يصغى للحن، ويتحسسها.. ويقلبها.. ويشك في قدرتها ويبحث عن بديل لها.. فيجده، ولكنه لا يلبث أن يعود إليها, وهكذا قد تمضي من عمره الأيام بحثاً عن الاطمئنان للكلمة، وهذا شأنه بالطبع مع الموسيقى..!. أما عن شعوره خلال مراجعته لأم كلثوم ومقابلتها لأول مرة فيقول:كانت مقابلتي لها أروع لحظات الحياة, ورغم أن المعروف أن لقاء المشاهير تسبقه رعشة وقلق، فإن لقائي مع أم كلثوم لم يكن كذلك.. فقد سبقني إليه شوق جارف لأنني قرأت الكثير عن شخصية أم كلثوم الجذابة المتواضعة، الذكية، ثم أحسست وكأني أعرفها منذ زمن بعيد..!.