منذ الحادي عشر من سبتمبر ونحن نخوض حربا عالمية الأبعاد، إنها بالفعل الحرب العالمية الثالثة، وحتى الآن لم أسمع هذا الوصف بالنسبة لهذه الحرب، وفي الواقع وحتى في الوقت الذي يعيد فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش تنظيم الحكومة لكي يتغلب على التهديدات الإرهابية بصورة أفضل وفي الوقت الذي يشير فيه إلى التفكير في ضرب العراق فإن الشعب الأمريكي يمارس حياته تقريبا بصورة طبيعية، وهذا أمر غريب، فنحن في حالة حرب، بالفعل هناك بعض استطلاعات الرأي التي تقول لنا إن الشعب أكثر اهتماما بالمشكلات الاقتصادية عن الحرب، لذلك هل يجب على الرئيس بوش الآن بذل المزيد من الجهد إذا أراد الحصول على دعم الشعب الأمريكي في حالة المضي قدما نحو الاطاحة بصدام حسين؟، لا اعتقد ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الشعب الأمريكي يدعم الطريقة التي يدير بها بوش الحرب ضد الإرهاب، كما تحول اهتمام هذا الشعب نحو قضايا أخرى بعد غزو أفغانستان، لكن إذا قال لنا بوش أنه يجب الإطاحة بالرئيس صدام حسين الذي استخدم بالفعل الأسلحة الكيماوية ضد إيران في حرب الخليج الأولى قبل أن يتمكن من تطوير أسلحة نووية ويتحول إلى تهديد إرهابي نووي، أعتقد أن أغلب الأمريكيين سوف يقفون وراء بوش، بالتأكيد يمكن للرئيس أن يتحدث عن كيفية تحول العراق إلى خطر كبير، وفي الوقت الذي يوصي فيه بعض الزعماء مثل السيناتور الجهموري ريتشارد لوجار بالتريث، فإن بوش قد يحتاج إلى الحصول على دعم الكونجرس أيضا قبل شن الهجوم على العراق، وفي الواقع يقول بوش أنه يرحب بالجدل حول العراق من جانب كل من الكونجرس والشعب الأمريكي على السواء. ولكنه أوضح بجلاء أنه سيتخذ قراره على أساس ما يقوله له رجال أجهزة المخابرات الأمريكية، ما هو كم الأدلة التي يحتاجها بوش على أن صدام حسين يطور اسلحة نووية؟، ربما يكون بوش محتفظا في ذاكرته بذكرى أزمة الصواريخ الكوبية وكيف كان الوقت قد تأخر عندما وجد جون كيندي أن السوفيت أرسلوا الصواريخ ونصبوها على الأراضي الكوبية وكيف كان الوقت قد تأخر جدا لمنع مواجهة مع السوفيت كانت ستنتهي بكارثة.لذلك إذا تحدث بوش عن الحرب الوقائية ضد العراق فلن يكون بالضرورة لديه أدلة إيجابية عما يقوم به صدام حسين لتطوير أسلحة نووية أو كيماوية أو بيولوجية. ولكنه قد يقرر ببساطة أن قائداً مثل صدام حسين والذي أظهر في الماضي أنه يستخدم أسلحة محرمة دوليا يمكن أن يتحرك لتطوير مثل هذه الأسلحة بصورة سرية، وأن الوقت قد حان للاطاحة به. يمكن أن يقول بوش أن حالة جون كيندي في أزمة الصواريخ الكوبية أكدت أن الانتظار لحين توافر أدلة مقنعة يمكن أن تقود إلى التأخر كثيرا، وهنا يجب أن نتذكر أن بوش قال بعد هجمات سبتمبر أنه لن يستهدف فقط الإرهابيين ولكن أيضا الدول التي تأوي الإرهابيين، ومن الواضح مما يدور حول بوش أنه ينظر إلى صدام حسين باعتباره ممن يوفرون المأوى للإرهابيين ويزودهم بالأسلحة، ولكن الرئيس بوش مضى إلى أفغانستان أولا وربما أراد أن يؤجل ضرب العراق لحين الحصول على أدلة حول وجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة، ومنذ أيام قليلة أعلنت المخابرات الأمريكية أن عددا من أعضاء القاعدة اتخذوا من العراق ملجأ لهم بعد أفغانستان، وهذه المعلومات الجديدة يمكن أن تمنح الرئيس بوش كل الأدلة التي يحتاج إليها للقول بأن صدام حسين يأوي الإرهابيين، لذلك فالجدل حول احتمال ضرب العراق يتواصل، ونحن نسمع قادة في الكونجرس ومن المستشارين للرؤساء الأمريكيين السابقين يناقشون هذا الموضوع، وأغلب هؤلاء الأشخاص لم يقولوا أنه لا يجب شن الحرب ولكنهم ينصحون الرئيس بحذر حول ضرورة الاستعداد الكامل لما يمكن أن تكون أكثر معركة دموية تخوضها أمريكا وأن يتأكد من الحصول على دعم الكونجرس والشعب الأمريكي بعد إبلاغهم بحقيقة التهديدالعراقي. وكما ذكرت سابقا فاني اتذكر حجم الجدل الذي سيطر على الأمريكيين ايام الحرب العالمية الثانية حول مشاركة أمريكا في هذه الحرب من عدمه، وكيف تصاعد ذلك الجدل في الكونجرس والمنازل والشوارع، ولكن الآن؟ كل ما أسمعه أو أراه هو مقالات تحريرية أو أحاديث تليفزيونية، ولا توجد أي إشارة إلى وجود عاصفة من الجدل العام وهو ما يعني أن بوش حصل على الضوء الأخضر لحرب العراق.