في ضوء توالي ترحيب الأوساط الأردنية، بالرؤية التي طرحها سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد كتصور يمكن ان يتطور الى مبادرة سعودية تتبناها الدول العربية باعتبارها موقفا عربيا إزاء تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في المنطقة.. اعلن في عمان أمس الاثنين عن تعليق فكرة الإعداد لعقد مؤتمر شعبي عربي لمقاومة التطبيع، وذلك على غرار مؤتمرين مماثلين كان الأردن استضافهما في العامين 1994 و1999 بدعوة من هيئات شعبية ذات صفة حزبية ونقابية. وذكرت مصادر ذات صلة ان تجميد عقد المؤتمر الذي كانت لجنة تضم ممثلين عن أحزاب المعارضة والحركة الاسلامية دعت لعقده قريبا جاء بالضرورة على خلفية الاعلان عن التطورات الجديدة في الموقف السياسي العربي، على أمل ان تلقى المبادرة السعودية استجابة أمريكية ودولية إذا ما تبنتها القمة العربية المقبلة في بيروت باعتبارها مبادرة عربية شاملة. وقالت المصادر انه على الرغم من التبريرات التي ساقها القائمون على عقد المؤتمر حول قرار التجميد، إلا ان جميع الدلائل تشير الى صعوبة عقد هذا المؤتمر في وقت أعلن الأردن فيه وعلى أعلى المستويات وجميعها ترحيبه بالمبادرة السعودية لابل والالقاء بكل ثقله السياسي خلفها. ولفتت المصادر الى حالة الحرج الكبيرة التي احدثتها المبادرة السعودية بين الأوساط الرسمية والشعبية الاسرائيلية وقالت لقد كان من الأجدر بمن شككوا في أهداف ومرامي المبادرة الانتباه الى هذه الحالة، والدفع باتجاه تقوية المبادرة لا التقليل من شأنها، باعتبار ان أي تشكيك في غايات المبادرة إنما يخدم حكومة ارييل شارون التي سعت ومنذ اللحظة الأولى وبدهاء كبير الى افراغ المبادرة من مضمونها. وأشارت المصادر الى حالة الحيرة كذلك والتي احدثتها المبادرة في الأوساط الاسرائيلية حيال كيفية التصرف ازاء المبادرة التي داهمت اسرائيل بصورة مفاجئة وأفسدت على حكومة شارون مجمل حديثها عن السلام ومخاوفها الأمنية من الانصياع الى قرارات الشرعية الدوية التي تدعوها الى الانسحاب الكامل من سائر الأراضي العربية المحتلة وذلك عندما تحدثت المبادرة بوضوح تام عن ان شرط الانسحاب الكامل هو الأساس لتطبيع كامل مع سائر الأقطار العربية، على ان يكون ذلك قرارا عربيا شاملا تتبناه قمة بيروت المقبلة. وقالت المصادر ان الذكاء في المبادرة السعودية انها موجهة للرأي العام العالمي وللرأي العام الاسرائيلي مباشرة، وليس لحكومة شارون، إلا أن التشكيك والتردد الذي ابدته بعض الأوساط العربية الراديكالية، خفف عن شارون كثيرا في تسويق سياساته المعادية للسلام داخل الأوساط الاسرائيلية. وفي هذا السياق ألمحت المصادر نفسها الى حالة التشكيك التي ظهرت بين أوساط الرأي العام الاسرائيلي مؤخرا حول جدوى القبول بالمبادرة بعد ان كان متحمسا لها فور الاعلان عنها وقالت. ان آخر استطلاع أجرته احدى الصحف الاسرائيلي نهاية الشهر الماضي وشمل عينة من 15 الف اسرائيلي، اظهرت ان 40% يرون في المبادرة السعودية تطورا ايجابيا فيما يرى 60% انها ليست كذلك. وقالت المصادر ان ما يعزز القناعة بأهمية المبادرة السعودية هو ترحيب العواصم العربية المعنية فيها وهي بيروت ودمشق وعمان والقاهرة والسلطة الفلسطينية وهو ترحيب من ذوي الشأن المباشر، الأمر الذي يجعل منها مبادرة ذات قبول من جانب الأطراف ذات العلاقة قبل غيرها. ودعت المصادر الأوساط العربية الشعبية والرسمية وشبه الرسمية الى الانتباه جيدا الى ان المبادرة السعودية فرصة ثمينة جدا لابراز العرب كمعسكر سلام داعم للسلام المستند الى مبادىء الشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة، وابراز اسرائيل في المقابل كمعسكر رافض لهذه المبادىء والقرارات. وقالت المصادر ان ذلك بحد ذاته نقطة تميز مهمة حتى وان لم تستجب اسرائيل للمبادرة وهو ما يجب ان تقف القوى العربية كافة خلفه وبقوة.