أكد اعضاء في وفد المعارضة العراقية الذي التقى وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر وعدداً من المسؤولين الاميركيين لپ"الوسط" ان الادارة الاميركية قررت الاعتراف بهم كقيادة سياسية بديلة للنظام القائم في بغداد. وقد عقدت هذه اللقاءات في واشنطن نهاية تموز يوليو الماضي. وأوضح لپ"الوسط" الدكتور ليث كبة عضو الوفد الذي ضم 5 شخصيات اخرى هم: مسعود بارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني وجلال الطالباني الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني وصلاح الشيخلي والسيد محمد بحر العلوم عضوا المؤتمر الوطني وعارف عبدالرزاق رئيس الوزراء السابق، "ان جيمس بيكر اكد للوفد خلال اللقاء الذي استغرق ساعة ونصف الساعة ست نقاط أساسية هي الآتية: إن الولاياتالمتحدة لن تتعامل مع صدام حسين بشكل قاطع ونهائي. ان الولاياتالمتحدة تؤيد ايجاد بديل ديموقراطي للنظام القائم حالياً في بغداد. ان المسؤولين الاميركين سيسعون الى تطبيق القرار 688 الصادر عن مجلس الامن والذي يكفل ويحترم حقوق الانسان في العراق، كما ستسعى الولاياتالمتحدة الى ان يشمل هذا القرار كل مناطق العراق، وعلى الأخص المناطق الجنوبية حيث لا تزال مناطق الأهوار تتعرض لهجمات القوات الحكومية العراقية. وعد بيكر بأن تدرس الولاياتالمتحدة مسألة تخفيف الحصار الاقتصادي الذي يفرضه النظام العراقي على المناطق الكردية. ستنظر الولاياتالمتحدة بعطف الى مطالب المعارضة العراقية والمؤتمر الوطني العراقي التي تدعو الى وضع اليد على الأموال المجمّدة، وتعتقد واشنطن ان هذه المسألة بحاجة الى قرار دولي من مجلس الامن والأممالمتحدة. والاميركيون سيؤيدون ويهيئون الاجواء لمثل هذا القرار وعلى المعارضة ان تتحرك بهذا الاتجاه. أكد بيكر تأييد المسؤولين في ادارة بوش لانعقاد المؤتمر الوطني العراقي في فيينا لكنه شدد على أهمية الوجود على أرض الوطن، خصوصاً في المناطق المحررة، ولهذا فان دورة جديدة للمؤتمر الوطني العراقي المعارض لصدام حسين ستعقد في كردستان قريباً. وقال كبة لپ"الوسط" ان وفد المعارضة العراقية قدم مذكرة الى الادارة الاميركية تضمنت قضايا عدة في مقدمتها: تطبيق القرار 688 فعلياً ومنع استخدام الطيران العراقي في الجنوب وتعميمه على كل مناطق العراق، وكذلك اعادة النظر في موضوع المقاطعة الاقتصادية المفروضة على شمال العراق وإيجاد طرق لاستخدام الأرصدة العراقية، لتمويل برنامج تغذية تشرف عليه الأممالمتحدة وتتجاوز به اداء الحكومة العراقية. كما اثيرت في المذكرة قضية تقديم الرئيس العراقي صدام حسين الى محكمة دولية بعد جمع كافة الأدلة التي تدينه ومخاطر التطبيع مع نظامه. وذكر كبة ان السيد محمد بحر العلوم كان أول المتحدثين خلال الاجتماع مع بيكر وركّز على أهمية تغيير النظام الحالي واستبداله بنظام ديموقراطي يضمن الحريات. وتابع جلال الطالباني الحديث فتطرق الى صعوبة الاوضاع التي يواجهها الشعب العراقي في مجالات الحياة المختلفة، ودعا الولاياتالمتحدة الى دعم الجهود التي يقوم بها قادة المعارضة من اجل اقامة نظام يكفل الحريات وتعدد الاحزاب وحقوق المواطنين كافة. وتحدث مسعود بارزاني عن الاحتمالات المطروحة حالياً لتحقيق التغيير المطلوب، وشارك بقية الاعضاء في الحوار. ووصف محمد بحر العلوم في تصريح لپ"الوسط" اللقاء مع بيكر بأنه كان على درجة كبيرة من الاهمية، باعتباره أول لقاء على هذا المستوى يعقد بين وفد من المعارضة العراقية ومسؤول اميركي كبير. وأشار الى ان عدد اعضاء الفريق الاميركي الذي شارك بيكر في الاجتماع تألف من ستة اشخاص بينهم احد مساعديه وثلاثة خبراء ومدير التخطيط في وزارة الخارجية. ونفى بحر العلوم ما أوردته بعض الصحف العربية عن مشاركة برنت سكوكروفت مستشار الرئيس الاميركي بوش لشؤون الامن القومي في هذا الاجتماع وقال لپ"الوسط" ان الاجتماع مع سكوكروفت وادوارد دجيرجيان مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط تم في اليوم التالي للاجتماع مع بيكر. وفي اللقاءين المنفصلين تمت مناقشة الوضع في العراق واستعراض الاحتمالات المطروحة والسبل الكفيلة باسقاط النظام القائم وإحداث تحول تاريخي من الداخل. وأثار الوفد العراقي موضوع حصول المعارضة على المساعدات المالية والاقتصادية، ووعد بيكر بأن يؤمن موافقة عدد من الدول المعنية، من دون ان يفتح مجالاً للمؤسسات الحكومية الدولية او الشركات الخاصة للمطالبة بديونها، لأن حجم الموجودات لن يكون كافياً لتغطية متطلبات الشعب العراقي والجهات الخارجية الاخرى. ونفى الطالباني في اتصال مع "الوسط" ان يكون وفد المعارضة العراقية طالب بالقيام بعمل عسكري ضد صدام وإنما شدّد على اهمية مواصلة الولاياتالمتحدة سياستها في حماية الشعب العراقي في اطار قرارات الأممالمتحدة. وكشف أحد اعضاء الوفد لپ"الوسط" عن مطالبة وزير الخارجية الاميركي لهم بالعمل على تعزيز وحدة فصائل المعارضة العراقية والتعاون مع الدول الاقليمية في سبيل دفع جهودها الى الامام. ونقل عن بيكر قوله "انه يقدر ما قامت به فصائل المعارضة في الظروف الصعبة، ويعتبر ان ما تحقق حتى الآن هو انجاز مهم لكن المطلوب تحقيق وحدة المعارضة". وقد ابلغ سكوكروفت اعضاء الوفد العراقي المعارض بأن الحكومة العراقية اوقفت الطلعات الجوية التي كانت تنفذها مقاتلات حربية عراقية فوق المناطق الجنوبية التي يقطنها السكان الشيعة. وأشار الى ان الولاياتالمتحدة لن تتردد في اللجوء الى عمل عسكري لوقف أي انتهاك عراقي لقرارات الأممالمتحدة. وأثاراعضاء الوفد مع سكوكروفت ودجيرجيان مسألة حماية المناطق في شمال وجنوبالعراق، فوعدا باستمرارها. وقال الدكتور ليث كبة ان المؤتمر الوطني العراقي سيركز نشاطاته في المرحلة المقبلة في أربيل، وأن قيادة المعارضة تدرس دعوة جميع العراقيين، لا سيما اللاجئين منهم الى دول مجاورة، للذهاب الى كردستان باعتبارها منطقة عراقية آمنة ولا يتواجد فيها اي اثر للنظام وتعيش تحت مظلة الحماية الدولية. وقالت مصادر عراقية معارضة في لندن ان هناك "اجماعاً على ضرورة معالجة احتياجات اخواننا في الشمال لا سيما قبل حلول فصل الشتاء". وتخوف هؤلاء من ان يكون استقبال الوفد المعارض في واشنطن هو لأهداف انتخابية لا سيما ان الحزب الديموقراطي الذي يتزعمه كلينتون بدأ يركز على سياسة الحكومة الجمهورية من نظام صدام حسين. وقال السيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في اتصال هاتفي اجرته "الوسط" معه في طهران ان اثارة موضوع المنطقة الآمنة في جنوبالعراق في واشنطن "يجب ان يطرح لا من باب ايجاد حالة سياسية في الجنوب كما هي الحال في المنطقة الشمالية وإنما لحماية الناس من القتل الجماعي". وأكد السيد محمد باقر الحكيم اهمية "ان تتحول حالة المعارضة العراقية الى حالة ذات قيمة سياسية تمثل الشعب العراقي وتكون قادرة على ادارة الصراع مع النظام". ووصف المؤتمر الوطني الذي انعقد في فيينا بأنه لم يتم التحضير له بالشكل المناسب بحيث يفسح المجال لكل اطراف المعارضة العراقية. وقال الحكيم ان اتصالات تجري على مستوى عال من اجل التحضير لمؤتمر جديد في عاصمة عربية او اوروبية، وأن الفصائل الكردية في شمال العراق وافقت من حيث المبدأ على المشاركة، كما أيدت ذلك فصائل المعارضة المتواجد بعضها في لندن او دمشق وعواصم عربية اخرى.