أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    غياب البيانات يعيد بريق الذهب والفرنك السويسري    الAI يقلص العمل ليومين أسبوعيا    367 موظفا جديدا يوميا بالقطاع الصحي    انطلاق هاكثون المسؤولية المجتمعية في الذكاء الاصطناعي.. اليوم    أمانة المدينة تنجز مشروع إنارة 39 ألف متر    البدائع.. تنمية متكاملة وفرص استثمارية    أمانة جازان تدشن ملتقى "سكنى وتمكين"    سرقة العصر أو البلاشفة الجدد في أوروبا    إدانة سعودية عربية إسلامية لفرض ما يُسمى ب «السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية    السيسي يلتقي رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    موجات مغناطيسية سر حرارة هالة الشمس    أسهم الذكاء الاصطناعي تواصل الصعود    ليفربول يواصل الانهيار وصلاح ينهي صيامه التهديفي    النصر يعبر الحزم.. تعادل الشباب والقادسية أمام ضمك والأخدود    صحف عالمية: الهلال استحق الفوز وبصمة بنزيما غائبة    النصر يتخطى الحزم بثنائية ويواصل صدارته لدوري روشن السعودي للمحترفين    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    المخرج والبوستر ثنائي ينعش مبيعات السينما السعودية    "الشؤون الإسلامية" تطلق برنامج "تحصين وأمان"    صراع الحداثة والتقليد من الأدب إلى الملاعب!    خطيب المسجد الحرام: لا بد أن تُربّى الأجيال على هدايات القرآن الكريم    إمام المسجد النبوي: معرفة أسماء الله الحسنى تُنير القلوب    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    تدشين توسعة خدمات «القلب» بمجمع الملك عبدالله    القبض على 3 يمنيين في جازان لتهريبهم (80) كجم "قات"    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب وضمك في دوري روشن للمحترفين    رصد مذنب «ليمون» في سماء القصيم    ضبط 23 شخصا ساعدوا المخالفين    "تعليم جازان": تطبيق الدوام الشتوي في جميع المدارس بدءًا من يوم غدٍ الأحد    تهنئة رئيس كازاخستان بذكرى يوم الجمهورية    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير آل سعود    مشاهير الإعلام الجديد وثقافة التفاهة    صفرنا الذي اخترعناه أم صفرنا الذي اخترناه    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    مؤتمر Space Lead 25 يستشرف مستقبل الصحة والهندسة في الفضاء    افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر جدة للصيدلة بمشاركة نخبة من الخبراء والممارسين    الباحث السعودي د.الفريجي يفوز بالمركز الأول في جائزة الشارقة للأدب المكتبي    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    جامعة الإمام عبدالرحمن توقع مذكرة تفاهم مع جمعية "اعتدال" لحفظ النعمة    بأرقام وتقنيات جديدة.. نجاح تمرين "استجابة 18" في مكافحة تلوث البيئة البحرية والساحلية    «إرادة الدمام» يدشّن فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية بمشاركة واسعة في الخبر    الأخضر تحت 16 عاماً يواصل تدريباته استعداداً لبطولة غرب آسيا في الأردن    ناصر الدوسري يوضح أسباب تألقه مع إنزاغي    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    إسرائيل تحدد هوية رهينتين تسلمت جثتيهما    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزادات الدم !

كنت قد كتبت مقالاً قبل أكثر من سنتين عما يمكن تسميتها بصكوك الحرمان، وأعني بها تلك النداءات الاستغاثية الموجهة للأثرياء والمحسنين، تستجديهم في دفع ملايين مشروطة لتحرير رقبة قاتل استوجب قصاصاً، فإما دفع الملايين وإما القصاص، ثم يبدأ أولياء القاتل - بعد ذلك - حملةً إعلامية صحافيةً لاستعطاف الناس ب"صك الدية المضاعَفَة"، يستحثونهم للتبرع بفضيلة"إحياء النفس"، يذكرونهم بأن من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً، ويُخيل للناس أن نفاسة هذه النفس في قدر ما يحرّرها من حد السيف، وبسبب غيبة الوعي والفقه وجدنا من يستجيب لهم وتستعطفه صكوكهم، طمعاً في ثواب"إحياء النفس""لكأنما لم تبق نفسٌ تُحيا إلا هذه النفس! ولم يتساءل هؤلاء: كم من نفس ستظل تشارف على الهلاك، وتجاهد المساومة على شرفها وكرامتها، وتعاني مسكنة الفقر وذلته محرومة من آلاف يسيرة من هذه الملايين المجموعة لنفس واحدة لم يُحكم عليها ظلماً، وإنما استوجبت قصاصاً بسفك دمٍ حرام؟!
لقد كان الأولى أن تسمى هذه الصكوك بصكوك الحرمان"لأنها حرمت كثيراً من المعوزين سخاء هؤلاء المتبرعين الذي استُنزِف لتحرير رقبة القاتل.
وجاء الخبر المفرح بعد انتظار"إذ صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على توصيات تمنع إقامة المخيمات واللوحات الإعلانية التي تعد لجمع التبرعات للعفو عن القصاص، كما تشمل ضرورة منع القاتل أو ذويه من استخدام أية وسيلة إعلامية لجمع تبرعات لقيمة الصلح. وحددت التوصيات جملة من الضوابط لتنظيم عملية جمع المبالغ المالية للصلح في العفو عن القصاص. وقضت بتعميم لجان إصلاح ذات البين في جميع إمارات المناطق للإشراف على تنظيم اجتماعات لممثلي ذوي الشأن في التفاوض أو الصلح.
بمثل هذا القرار الحكيم سيقضى - إن شاء الله - على مزادات الدم التي كانت مفسدتها راجحة على مصلحتها، ولم تكن مفسدة واحدة بل جملة مفاسد، فمنها: أن فيها استنزافاً لتبرعات المحسنين"حيث تجمع ملايين من أجل نفس واحدة"لتُترك آلاف الأنفس قد قصُر دونهم إحسان المحسنين، هم أولى بهذه الأموال الطائلة من ذلك القاتل عمداً وعدواناً.
ومن مفاسدها التي ظهرت لنا في لغة بعض محرري الصحافة الموكل لهم حملاتها الإعلامية"حيث أظهروا القاتل للناس في صورة المخطئ الذي لا يستحق القصاص، فهو قد قتل بغير قصد ولا عدوان، ونحو ذلك من الأساليب التي تُظهر القضاء في صورة غير نزيهة، ويشي بتهمة مبطنة للقضاة بأنهم متحيفون في حكمهم، فلا يفهم القراء من هذه اللغة إلا أن القضاة قد حكموا على الجاني بما لا يستحق، وهي طريقة في الاستعطاف رخيصة مشوِّهة.
كما أن لهذه الصكوك سماسرةً يُطمعون ذوي القتيل في الملايين ثمن إسقاطهم للقصاص مشترطين عليهم شطرها، ثم يساومون القاتل وذويه على بعض ما يجمعون! وربما كان السماسرة سبباً في اتساع ظاهرة مزادات الدم، فكان إغلاق هذا الباب وتأطيره بالأطر الشرعية التي تدرأ مفاسده وتُبقي ما فيه من مصلحة عملاً مشروعاً، لا تضييقاً لمشروع"كما يزعم أصحاب المصالح.
ونقول: لئن كان للأولياء حقٌ أن يصالحوا على أضعاف دية قتيلهم، فإن للأمة حقاً أن تلتزم فقه مراعاة الأولى والأحوج في تفريق الصدقات، ولسان حالها يقول لأولياء القتيل: سلوا القاتل وذويه ما شئتم من أضعاف دية قتيلكم، فدونكم أموالهم، فخذوها إن هم بذلوها، فإن وفّتْ فذلك ما كنتم تبغون، وإن قَصُرتْ عن المطلوب، فليس لكم ولا لهم سبيلٌ في أموال المحسنين ما بقي في الأمة فقير أو مسكين، إلا تفعلوه تكن صكوككم - بحق - صكوكَ حرمان لمحرومين يتطلعون لكل نفقة صغيرة أو كبيرة، ويتشوّفون ما في أيدي المحسنين، فمن يجرؤ أن يقطع عليهم الطريق؟!
* أكاديمي في الشريعة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.