يبقى عدم وجود أي لاعب سعودي يحترف خارج بلاده أمراً محيراً على رغم بروز عدد من الأسماء التي تتميز بإمكانات فنية وبدنية قادرة على نقلها إلى بعض البطولات الأوروبية، على سبيل المثال لا الحصر، والتطور الملحوظ الذي طرأ على مستوى الكرة السعودية منذ عقدين حتى الآن. ويمكن لأي متابع أن يلمس مدى تطور الكرة السعودية في الآونة الأخيرة، من خلال تأهل المنتخب الى نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي، وفوزه بكأس آسيا ثلاث مرات أعوام 1984 و1988 و1996، وخسارته في النهائي مرتين عامي 1992 و2000، فضلاً عن فوز فريق الاتحاد السعودي بلقب بطل دوري أبطال آسيا عامي 2004 و2005. وتلعب السعودية في"مونديال"ألمانيا في المجموعة الثامنة الى جانب إسبانيا وتونس وأوكرانيا. وللتذكير فقط، فإن منتخب السعودية يشارك في نهائيات كأس العالم 2006 من دون أي لاعب محترف خارج السعودية، ويعتمد كلياً على لاعبي الدوري المحلي، بينما تزخر صفوف المنتخبات الأخرى بالمحترفين، وخصوصاً في المجموعة الثامنة. للوهلة الأولى، قد تكون المقارنة سهلة جداً بترجيح كفة المنتخبات التي تضم لاعبين محترفين، خصوصاً في الأندية الأوروبية البارزة، على حساب منتخب لم يختبر لاعبوه التنافس مع أندية غير سعودية، ولكن التجربة أثبتت أن الفارق لم يعد كبيراً جداً، كما أن الوقائع الفنية تشير الى علو كعب اللاعب السعودي، الذي يمتلك مواصفات الاحتراف في بعض الأندية الأوروبية. والكرة السعودية تكون دائماً على احتكاك خارجي مكثف خليجياً وعربياً وآسيوياً وحتى دولياً، والمباريات الدولية الأخيرة للمنتخب في إطار استعداداته للنهائيات خير دليل على ذلك، لكن اكتساب خبرات إضافية من خلال اللعب في بطولات خارجية، يمكن أن ينعكس إيجاباً على المنتخب واللاعب على حد سواء من الناحية الفنية، ويمكن الاستشهاد بالتجربتين اليابانية والكورية الجنوبية في هذا الصدد. ومع أن المنتخب السعودي سيكون الوحيد مع نظيره الإيطالي من بين المنتخبات ال32 المشاركة في"مونديال"ألمانيا، الذي لا يضم في صفوفه أي لاعب محترف خارج بلاده، فإن ذلك لا يشكل أي عقدة بالنسبة الى المسؤولين عن كرة القدم السعودية أو اللاعبين أنفسهم، الذين يؤكدون تصميمهم على تقديم أفضل ما لديهم في هذا المحفل العالمي. ويقول الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم فيصل عبدالهادي في تصريح إلى وكالة"فرانس برس"حول هذا الموضوع:"هناك لاعبون في الدوري السعودي أفضل من بعض اللاعبين في البطولات الأوروبية، ويمكن تأكيد ذلك في حال احترف أي لاعب سعودي في الخارج"، مضيفاً:"من الناحية الفنية لا توجد أي مشكلة"، مشيراً الى أن الاتحاد السعودي سيقوم بخطوات لتشجيع الاحتراف. وتحدث عبدالهادي عن السبب الجوهري الذي يحول دون احتراف اللاعبين السعوديين في الخارج، وخصوصاً في أوروبا، قائلاً:"الاحتراف مرتبط بالعرض المادي، ولكي يترك اللاعب السعودي بلاده للاحتراف خارجها يجب أن يتلقى عرضاً أفضل من الذي لديه في السعودية، ففي هذه الحال هناك الكثير من الأندية التي قد تحرر لاعبيها، إذ تلقت عروضاً مغرية". واستشهد عبدالهادي بالصفقة الكبيرة التي انتقل على إثرها مهاجم المنتخب السعودي ياسر القحطاني من القادسية الى الهلال وبلغت 22.5 مليون ريال سعودي نحو 7 ملايين دولار. تجارب بسيطة تضم التشكيلة الحالية للمنتخب السعودي لاعباً واحداً سبق أن كانت له تجربة احترافية، هو المخضرم سامي الجابر 35 عاماً، عندما انتقل لفترة قصيرة بلغت أربعة أشهر الى وولفرهامبتون الإنكليزي، لكنها لا تشكل تجربة احترافية بالمعنى الفعلي، لأن الإصابة منعته من المشاركة في المباريات، فعاد أدراجه الى ناديه الأصلي الهلال، الذي ما يزال يدافع عن ألوانه حتى الآن. وليس بعيداً من الجابر، فإن رفيق دربه في الهلال أفضل لاعب آسيوي عام 2000 نواف التمياط، كان تلقى عرضاً من نادي رودا كيركرادة الهولندي، الذي دفع نحو مليوني دولار للحصول على خدمات اللاعب، لكن لم يتم الاتفاق مع إدارة نادي الهلال على إتمام الصفقة. وحالت الإصابة التي تعرض لها التمياط في الرباط الصليبي دون دخوله عالم الاحتراف بعد ذلك، إذ ابتعد أشهراً عدة عن الملاعب، قبل أن يعود منذ فترة لتدعيم خطوط"الأخضر"في"المونديال". ويبقى الاحتراف حلماً بالنسبة الى التمياط الذي يمتاز بفنياته العالية بقوله:"إنه من أهم أسباب عودتي الى الملاعب، فعقدي مع الهلال انتهى في حزيران يونيو، وسأرى مع وكيل أعمالي ماذا يمكن أن يحصل لاحقاً". وكان لاعب الوسط عمر الغامدي واضحاً في موضوع غياب أي سعودي محترف في الخارج بقوله:"إنه أمر سلبي بالطبع، لأن اللاعبين السعوديين يفتقدون في هذه الحال الاحتكاك القوي مع الفرق الأوروبية، فالدوري المحلي متوسط المستوى، واللاعبون السعوديون يواجهون صعوبة كبيرة، لأنهم سيواجهون منتخبات قوية يملك لاعبوها الخبرة، من خلال احتكاكهم المتواصل وخوضهم المباريات القوية، بينما لن يتغير الحال كثيراً بالنسبة الى الإيطاليين عندما يشاركون في المونديال". وأعلن لاعب الوسط خالد عزيز صراحة عن"رغبته في الاحتراف الخارجي وتحديداً في أوروبا، في حال تلقى أي عرض، إذا لم يمانع ناديه الهلال في ذلك".