مع سكوت المدافع والصواريخ وانقشاع غبار الحرب في لبنان، ومع عودة الأمور الى طبيعتها تدريجياً، أخذت الحقائق تتكشف، وبدأت عملية محاسبة ومصارحة وكشف النقاب عن الخسائر والمكاسب الحقيقية، وتحديد المسؤوليات حتى لا تتكرر المأساة. كلمة واحدة تتردد اليوم على لسان الشعب اللبناني المغلوب على أمره، وهي: لماذا. ويأتي الرد على لسان الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله الذي لم يحسن تقدير رد العدو، حيث قال: إنه لو كان يعلم رد فعل الاسرائيليين لما أقدم على العملية. السؤال الذي يطرح نفسه هو: أحقاً لم يكن السيد نصر الله يعلم أن اسرائيل تنتظر ذريعة لضرب لبنان؟ ألم يسمع أقوال قيادي من"قوى 14 آذار"بأن النائب سعد الحريري كان قد أبلغه أي نصر الله رسالة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك قبل خمسة أيام من العملية يحذره فيها من القيام بأي عمل غير محسوب، لأن اسرائيل تنتظر ذريعة للقيام بعمل كبير وواسع ضد لبنان؟ ثم ألم يسمع السيد نصر الله عن رد الفعل الاسرائيلي الهمجي المتوحش في غزة والذي تجاوز حدود العقل والتعقل والانسانية، رداً على خطف جندي اسرائيلي في القطاع؟ واذا كان الأمر كذلك، و"حزب الله"خطط للعملية استباقاً للهجوم الاسرائيلي بهدف افشاله فكيف فوجئ"حزب الله"برد الفعل الاسرائيلي وحجمه؟ علماً بأن السيد حسن نصر الله هو الأدرى والأخبر بشراسة وهمجية العدوان الاسرائيلي. ومع كل تلك التناقضات لم يقل لنا"حزب الله"ما الذي كان يتوقعه كرد فعل اسرائيلي على عملية قام بها داخل اسرائيل وخارج الخط الأزرق. ولكن الأخطر من كل ذلك أن"حزب الله"يتحدث عن:"نصر تاريخي واستراتيجي أعاد الكرامة للأمة العربية والاسلامية"؟ الناس في حيرة: اذا كان استشهاد أكثر من 1500 لبناني وجرح الآلاف، وهدم معظم تحصينات"حزب الله"تحت الارض وفوقها على طول الحدود مع اسرائيل، ووصول الجيش الاسرائيلي الى الليطاني، اذا كان كل ذلك يعتبر نصراً فكيف تكون الهزيمة؟ اذا كان مقتل وجرح الآلاف من المدنيين الأبرياء وتشريد مليون لبناني، وخسائر بالمليارات، وفرض الحصار، هو نصر تاريخي واستراتيجي، فلماذا يأسف "حزب الله" على اندلاع الحرب؟ سمير سامي سليم - بيروت