سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قمة اميركية - روسية "صعبة" في موسكو تواكب الاحتفالات بالذكرى الستين لهزيمة النازية . "الساحة الحمراء" تستعيد أمجادها اليوم في عرض عسكري ضخم يحضره زعماء العالم
اتجهت أنظار العالم إلى موسكو أمس، مع توافد عشرات الزعماء إليها للمشاركة في احتفالات الذكرى الستين للنصر على النازية. وتستعيد الساحة الحمراء أمجاد العهد السوفياتي اليوم، إذ تشهد عرضاً عسكرياً ضخماً بحضور 57 زعيماً من أنحاء العالم يتوجون الاحتفالات بوضع أكاليل الزهور أمام نصب الجندي المجهول، في تظاهرة اعتبرها مسؤولون روس اعترافاً بالدور التاريخي لروسيا وتقديراً لمكانتها الحالية. وشهدت موسكو نشاطاً ديبلوماسياً مكثفاً على هامش الاحتفالات، إذ عقدت أمس قمة دول الرابطة المستقلة وقمة أميركية - روسية سبقتها توقعات بأنها لن تكون سهلة للطرفين. وتتوج اليوم، أضخم احتفالات تجرى منذ سنوات طويلة بذكرى النصر على ألمانيا النازية، وسط تدابير أمنية غير مسبوقة، إذ أغلقت السلطات الطرق البرية إلى العاصمة، وانتشر نحو 150 ألف من رجال الجيش والشرطة، فيما تولت المقاتلات حماية الأجواء الروسية مع وصول 32 رئيس دولة في مقدمهم الرئيس جورج بوش و14 رئيس حكومة إضافة إلى رؤساء عدد من المنظمات الإقليمية والدولية. عناية خاصة ببوش وتحولت موسكو"مدينة رؤساء"بعدما دفعت التدابير الأمنية المشددة كثيراً من سكانها إلى تفضيل مغادرتها موقتا، فيما طوقت وحدات الأمن أجزاء كبيرة من مناطقها. ووزع الروس ضيوفهم على عدد من الفنادق الكبرى، فيما حظي الرئيس الأميركي بمعاملة خاصة، إذ استضيف في البيت الريفي للرئيس فلاديمير بوتين على أطراف موسكو. وتشارك في العرض العسكري اليوم، قطاعات برية وجوية وتتقدمه طوابير من قدامى المحاربين الذين شهدوا النصر وشاركوا في صناعته. وسعت موسكو الى استغلال المناسبة إلى أقصى حد، خصوصًا في ظروف تصاعد الانتقادات الغربية في ملف الحريات وحقوق الانسان في روسيا، وهو ما عبر عنه مدير الديوان الرئاسي فلاديمير كوجين عندما وصف"التظاهرة الدولية"بالاشارة إلى أن"العالم كله حضر اليوم الى روسيا في مؤشر الى احترام وتقدير تضحيات من صنعوا النصر على النازية، ودلالة الى مكانة روسيا في العالم المعاصر". وشهدت موسكو على هامش الاحتفالات نشاطا سياسيا مكثفا تمثل في اللقاءات الثنائية والمتعددة لرؤساء الوفود المشاركة كانت ابرزها قمة رابطة الدول المستقلة التي عقدت للمرة الاولى هذا العام بعد انقطاع تخللته ثورات ملونة اطاحت بنظامي الحكم في اوكرانيا وقيرغيزستان. وغاب عن القمة رئيسا جورجياواذربيجان لاسباب سياسية، اذ برر الاول غيابه بعدم التوصل الى اتفاق مع موسكو بشأن سحب قواعدها العسكرية من جورجيا، فيما رفض الثاني حضور القمة لمشاركة نظيره الارمني فيها. واعتبر ان من غير اللائق الجلوس الى طاولة واحدة مع ارمينيا في اليوم الذي يصادف ذكرى"احتلال اجزاء من اذربيجان". وافتتح بوتين القمة بالتأكيد على"الدور الحاسم الذي لعبته دولنا وشعوبنا في تحقيق النصر على النازية"، معتبرا ان رابطة الدول المستقلة التي تعرضت لضربات عدة خلال الفترة الاخيرة، يمكن ان تتحول الى اداة اساسية في مواجهة المخاطر الجديدة التي تهدد شعوب المنطقة وعلى رأسها الارهاب ونزعات التطرف والفاشية التي قال انها ولدت من"الرحم الايديولوجي نفسه الذي أنجب النازية". ومعلوم أن عيد النصر على النازية يعد المناسبة الوحيدة التي تجمع عليها كل الشعوب السوفياتية السابقة، وهو الامر الذي حرص بوتين على التركيز عليه، مشيراً الى المصالح والاهداف المشتركة والارث التاريخي الكبير الذي يشترك فيه كل مواطني دول الرابطة. سجال أميركي - روسي وشكلت القمة الروسية الاميركية الحدث الابرز امس اذ سادت توقعات قبل بدئها في ساعة متأخرة من مساء السبت بأنها لن تكون سهلة للطرفين الروسي والاميركي. وجاءت هذه القمة بعد سجال ساخن بين موسكو وواشنطن في شأن ملفات الديموقراطية والحريات في روسيا، اضافة الى الخلاف على تقويم دور الاتحاد السوفياتي ونتائج الحرب العالمية الثانية. وجاء ذلك بعدما وصف بوش خلال زيارته الى لاتفيا التي سبقت توجهه إلى موسكو، ضم دول البلطيق الى الاتحاد السوفياتي السابق، بأنه"اكبر خطأ سياسي في التاريخ". واعتبر ان على روسيا أن تفيد من وجود"ديموقراطيات ناشئة على حدودها"، في اشارة الى ليتوانيا واستونيا ولاتفيا. وقال ديبلوماسي اميركي ضمن الوفد المرافق لبوش انه اتى الى موسكو للتأكيد على الدور المهم الذي لعبته روسيا ولدعم مسيرة الديموقراطية في هذا البلد، في اشارة رفضتها موسكو، إلى عزم بوش طرح ملف الاصلاحات الداخلية الروسية على طاولة المناقشات. وتميز الرد الروسي بالحدة أيضاً. وفي مقابل العبارات الديبلوماسية للناطق باسم الخارجية الذي أعرب عن امل موسكو في أن تشكل القمة دفعة لمواصلة تعزيز الشراكة بين البلدين، أعرب بوتين عن رفضه"استخدام شعارات الديموقراطية لممارسة ضغوط على بلاده". وشدد على بناء نظام عالمي ديموقراطي يجب أن يكون مشروطاً بالالتزام بمعايير القانون الدولي. وقال الرئيس الروسي في حديث صحافي قبل بدء القمة بساعات، إن موسكو مستعدة للاستماع إلى وجهات نظر شركائها وتقبل نصائحهم، لكنها لا تقبل استخدام وسائل الضغط. وأضاف أنه"ليس مقبولا بالمرة ان يقولوا لنا افعلوا كذا وسنوافق على انضمامكم إلى منظمة التجارة العالمية". وشكلت ملفات الارهاب والعلاقات الثنائية محوراً أساسياً للبحث، كما تطرق النقاش الى الملف الكوري ومسألة التعاون الروسي الايراني في المجال النووي. وكانت مصادر اميركية لم تستبعد أن يطرح بوش خلال اللقاء مسألة فرض رقابة على المنشآت النووية الروسية. الشرق الاوسط إلى ذلك تشهد موسكو اليوم، مواصلة اللقاءات السياسية إذ ينتظر أن تنعقد قمة روسية - أوروبية فور انتهاء الاحتفالات. كما يعقد وزراء خارجية اللجنة الرباعية الدولية للتسوية في الشرق الاوسط، اجتماعاً يستمعون خلاله إلى تقرير مبعوث الاممالمتحدة إلى المنطقة. تمثال لستالين إلى ذلك، احتفلت مقاطعة ياقوتيا في سيبيريا بعيد النصر على النازية على طريقتها الخاصة، إذ أزيح أمس الستار عن نصب تخليدي للزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، بعدما أسفر إلحاح لجان المحاربين القدامى عن موافقة الحكومة المحلية على إقامة النصب. وتأتي عودة ستالين إلى ساحة النصر في ياقوتيا متزامنة مع تصاعد الانتقادات ضد روسيا ودعوات اميركية لاعادة النظر في الدور التاريخي لستالين الذي اتهمه الرئيس بوش باحتلال اوروبا الشرقية بعد النصر على المانيا النازية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض قبل يومين تشبيه ستالين بالزعيم النازي ادولف هتلر. وقال انه على رغم أخطاء ستالين لكنه لم يكن نازياً، كما رفض بوتين كذلك تقديم اعتذار عن"نتائج الاحتلال السوفياتي لدول البلطيق".