نتفهم جميعاً الإجراءات الضرورية التي اتخذتها الولاياتالمتحدة الأميركية لضمان أمنها، داخلياً وخارجياً، بعد واقعة 11 أيلول سبتمبر 2001. ولكن ما لا نقبله هو التصعيد المستمر في أبواقها الإعلامية، وحصرها الاشتباه في أبناء الجاليات العربية والشرق أوسطية في أميركا، وعدم التزام الحكومة الأميركية القيام باحترازات أمنية تشمل الألوان والأعراق المقيمة في أميركا كافة والمواطنين، على حد سواء، لأمن الصالح العام من دون تمييز أو تفرقة، كما هو معتاد من الدول المتحضرة إذا اقتضت المصلحة العامة. ولكن ما نسمعه ونقرأه يناقض المبادئ الديموقراطية المتبعة. وأغلب الخطابات الرئاسية الأميركية، للأسف، فيها ما يعزز روح الكراهية، ومشاعر البغضاء للغير، ما يخالف الدستور الأساسي للولايات المتحدة الأميركية. وتلك هي الأسس الليبرالية المتبعة التي تسمح للأعراق والألوان، والجاليات المتعددة الخلفيات والمناهج الذهنية والعقدية، في التمتع دستورياً بحق ممارسة حياة طبيعية. والنظرية الجديدة في مكافحة الجريمة المنظمة، أو مكافحة الإرهاب، غيرت، في اعتقادي، الموازين القانونية والسياسية والمناخ الاجتماعي، لما هو ليس في مصلحة دولة الولاياتالمتحدة الأميركية البتة. ففكرة مكافحة الإرهاب هي الآلية البديلة لمكافحة الجريمة المنظمة التي كانت تكافح، سابقاً، من خلال تعاون دولي، في إطار منظمة "الانتربول". وهي الجهة المختصة الوحيدة في هذا الشأن، وتقوم بما يكفل الحفاظ على الأمن الدولي. وهي منظمة تعمل من دون المساس بسيادة الدول، أو التدخل في شؤونها الداخلية. وتقوم بتنسيق أمني محترف لاصطياد أخطر المجرمين الدوليين، وأصحاب المنظمات الخطيرة على الأمن العام. ويبدو لي ان نظرية مكافحة الإرهاب الجديدة، والبديلة لمكافحة الجريمة المنظمة، نظرية أمنية تتيح للدول الكبرى نفوذاً أكبر للتدخل في شؤون الدول الصغرى، والعالم الثالث، ولممارسة الضغط السياسي الخالي من المضمون الجنائي، والأدلة القاطعة قضائياً. وهي تعدٍ سافر على سيادة الدول. ويدعو الى العجب إصرارهم على تقرير ما ينسبون من تهم، من دون التنسيق مع دول المتهمين للتأكد منها وفي ذلك تجاوز غير مقبول، سيادياً. ويضر، من غير شك بالولاياتالمتحدة الأميركية. وقد توقع نفسها، ودولاً أخرى في سلسلة من الحروب والأزمات. ولا أرى مخرجاً سوى العودة الى النظام السابق في مكافحة الجريمة الهادئ، قبل ظهور النظام الجديد الذي يشكل خطراً داهماً على الأمن الدولي. ألمانيا - فيصل بن أحمد آل الشيخ مبارك