صدقت التوقعات فدخل موضوع ارتفاع أسعار النفط في صلب الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما يشير الى أن منطقة الشرق الأوسط ستبرز في الأسابيع المقبلة ليس من خلال عملية السلام انما بسبب التأثير المباشر لموضوع ارتفاع أسعار النفط في الحملة الانتخابية. فبعدما اعلن الرئيس بيل كلينتون انه يدرس احتمال اللجوء الى الاحتياط الاستراتيجي للولايات المتحدة للحد من ارتفاع اسعار النفط، اعلن المرشح الديموقراطي للرئاسة آل غور انه سيتمنى على الرئيس الأميركي ان يقوم فعلاً بذلك لإعادة الأسعار الى مستوى منخفض والحفاظ على أسعار مستقرة. وفي المقابل عمد المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس ديك تشيني الى ادخال موضوع العراق في الجدل الانتخابي، منتقداً "عجز" الادارة الحالية عن ضبط الرئيس العراقي ووضع حد لتهديداته. وقال غور في بيان صادر عن حملته الانتخابية إنه سيقترح استخدام 5 ملايين برميل من الاحتياط، وهذا يساعد في رأيه على تأمين المحروقات للتدفئة مع اقتراب فصل الشتاء. ولم يكتف غور باظهار السعي الى تأمين المحروقات والوقود للتدفئة، انما وجه انتقاداً مباشراً لشركات النفط الأميركية التي تزايدت أرباحها نتيجة ارتفاع الأسعار. وقال غور: "إن أسعار النفط بلغت أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات، في الوقت الذي تصاعدت أرباح شركات النفط الكبرى ضعفين الى ثلاثة عن العام الماضي، علينا أن نغير ذلك"، معتبراً هذه المهمة من الأمور المركزية في الانتخابات المقبلة "إذا كنا نريد رئيساً مستعداً للوقوف في وجه مصالح شركات النفط الكبرى وللمحاربة من أجل العائلات". وقال: "هذا هو نوع الرئيس الذي أنوي أن أكونه". ومن المعروف ان شركات النفط تبرعت بشكل أساسي لدعم الحملة الانتخابية لحاكم تكساس جورج بوش. كما ان نائب الرئيس المرشح ديك تشيني كان يرأس مجلس إدارة احدى الشركات النفطية بالاضافة الى علاقة بوش وتشيني بشركات النفط في هيوستن. وتشير الأرقام الرسمية الى ان ثلث المنازل في ولايات الشمال الشرقية تعتمد على المحروقات لتأمين التدفئة. وقد ارتفعت أسعار وقود التدفئة بنسبة 38 في المئة عما كانت عليه في العام الماضي. ويحاول غور ان يعزز موقعه الانتخابي في هذه الولايات التي تعتبر مؤيدة للحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية. وفي سياق موقفه الأخير طالب غور دول منظمة "اوبك" باحترام تعهداتها بزيادة انتاجها. ويذكر انه كان طلب في شهر أيار مايو الماضي من لجنة التجارة الفيديرالية التحقيق لمعرفة اذا ما كانت هناك ممارسات احتكارية من جانب الصناعة النفطية في الولاياتالمتحدة بعد ارتفاع أسعار المحروقات. لكن عدداً من الاقتصاديين يعتقد ان لارتفاع أسعار النفط تأثيراً بسيطاً في الاقتصاد الأميركي على المدى القصير، على عكس ما أظهرته الأزمات السابقة في العام 1973 أو 1979، لأن الأزمة الحالية جاءت بعد فترة طويلة كانت أسعار النفط خلالها منخفضة. ويقول المراقبون ان تأثر الاقتصاد يظهر عادة من خلال ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وحتى اليوم لم تبدأ هذه العوارض بالظهور. ولذلك لم يتخذ بنك الاحتياط الفيديرالي أي اجراءات توعية لمواجهة أسعار النفط. تشيني... والعراق اما بوادر تحول قضية العراق الى موضوع انتخابي فظهرت في تصريحات لوزير الدفاع السابق ابان حرب الخليج ديك تشيني الذي انتقد الادارة الحالية لعجزها عن اعادة المفتشين الدوليين لمراقبة محاولات العراق اعادة بناء اسلحته الكيماوية والبيولوجية. وقال تشيني في مهرجان خطابي انه بعد انتهاء حرب الخليج كان يوجد نظام للمراقبة "قوي وفعال" داخل العراق، وكان هناك مراقبون طوال الوقت "يعملون للتأكد من انه صدام لن يعاود بناء قدراته الكيماوية والبيولوجية. اما الآن فبرزت حالة جديدة، اذ ان صدام طرد المفتشين، والادارة الأميركية تبدو عاجزة عن القيام بأي شيء". وأضاف: "اعتقد اننا لم نر القيادة الفعالة والحازمة التي أمنها الرئيس بوش من خلال التعاطي مع التحالف الدولي". وتأتي انتقادات تشيني بعدما اتضح ان ادارة الرئيس كلينتون لن تقوم بأي عمل عسكري لاجبار النظام العراقي على السماح للمفتشين الدوليين بالعودة الى العراق.