قدم أحد مشتركي الهاتف في سورية جميع انواع الاعتراض الى "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" قبل ان يدفع قيمة فاتورة هاتفه لمدة ثلاثة شهور البالغة نحو أربعة آلاف دولار. وقال: "لا أعرف موقع الدول التي تشير الفاتورة الىها". وبعد اطلاعه على الكشف التفصيلي عرف انها أرقام "نوادي الصداقة" أو ما يعرف ب"الأرقام الجميلة" التي دأب ابنه على الاتصال بها. ليست هذه الحادثة الوحيدة في الاونة الأخيرة خصوصا ان هذه الأرقام تظهر على العديد من شاشات الأقنية الفضائية مسبوقة بصور لفتيات جميلات يدعين للاتصال بالأرقام الموضحة على الشاشة حيث يفتح الاتصال مجالات الاختيار امام الزبائن بين الأحاديث التي يفضلون الخوض فيها عاطفية، فكرية، "دردشة عادية" اوغيرها من المواضيع المختارة اضافة الى انتقاء الشريك الآخر. وتجذب هذه النوادي شريحة الشباب بشكل خاص. قال السيد حسن "الأرقام الجميلة صرعة مثيرة لكنها خطرة تتصيد جيل الشباب، فاغراءاتها قوة لا يستهان بها وهي متفشية الى درجة تنذر بالاسوأ خصوصاً أن الشريحة المستهدفة بالدرجة الأولى هي الشباب وفي مرحلة حساسة من تكوين الأفكار والقناعات والتوجهات مع غياب الرقابة والتوجيه". ويشير احد الآباء الى ان "مسألة الأرقام الجميلة لا تندرج تحت بند التسلية فقط، ومن السذاجة اعتبارها كذلك ما دامت هناك تأثيرات فكرية اخلاقية سياسية يمكن ان تمارس وبأخطر وسيلة، وهي الاتصال المباشر بين اثنين لفتح حوار يتسم شكله الظاهر بالتفاهة". ويعاني الأهل من هذه الظاهرة التي بدأت في الانتشار بسرعة. وتقول السيدة احسان: "عرفت ان احد اولادي يتصل بهذه الأرقام بعدما جاءت فاتورة الهاتف. بالطبع كان من الصعب مواجهة الموضوع فنحن نعيش في مجتمع محافظ وطرح هكذا موضوع امر مخجل". ويرى ابو حسن ان "الخجل الذي تفرضه التقاليد ونمط الأحاديث المعتادة بين الأهل والابناء لن يفيدان في حل الظاهرة ومن الأفضل التوجه مباشرة لمناقشتها مع الشباب بشكل علني وصريح لشرح خلفياتها وابعادها الأخلاقية والمادية"، خصوصاً ان بعض هذه القنوات موجه خصيصاً الى الشرق الأوسط والدول العربية تحديداً، مثل قناة تظهر في برامجها كل ارقام نوادي الصداقة مع تفصيلات للطريقة التي يتم فيها طلب فتيات عربيات من مختلف البلدان. ويبرر بعض الشباب اتصالهم بهذه الأرقام ب"الفضول والرغبة في تجربة امر جديد". ويؤكد حسن 18سنة: "جرّبت الاتصال بأحد هذه الأرقام مرة واحدة فقط ولم اكررها". ويضيف صديقه: "الأمر كله مجرد احتيال لكسب الأموال فهم يضعونك على الانتظار لفترات طويلة لزيادة وقت المكالمة وبالتالي زيادة سعر الفاتورة، وفي كل الاحوال أردت الاتصال للفضول لا أكثر". غير ان هذا الفضول يصبح عادة حسب أحد الخبراء الاجتماعيين اذ ان "الفضول يدفع الشبان الى تكرار المحاولة وبعد فترة تتحول الى نوع من الادمان"، مضيفاً ان "الأمر الخطر الآخر هو محاولة زرع الشكوك في ذهن المتصل عبر ايهامه ان خط الاتصال يعاد الى الدولة التي خرج منها وان المتكلمات انما هن من بنات البلد او المقيمات فيه". واشار الخبير الى ضرورة "التدقيق في حقيقة اهداف هذه الشركات، خصوصاً أن بعض هذه الأرقام يستغني عن اي هوامش ربح. اذ أن نوادي الصداقة نوعان احدها يتلقى مقابلاًً لخدماته من خلال زيادة التعرفة المقررة ويتخذ شكل العمل التجاري. في حين لا يتلقى الآخر اي مقابل لقاء خدماته ما يعني ان جهة معينة تموله لنوايا سيئة واهداف خبيثة مدروسة وبعيدة كلياً عن فكرة المشروع التجاري". على الرغم من عدم وجود احصاءات لعدد المشتركين الذين يمارسون هذه الهواية او لعدد الاتصالات التي جرت مع تلك النوادي، في الامكان اعطاء مؤشرات على وجودها بشكل لا يستهان به من خلال الأرقام التي قامت "مؤسسة الاتصالات" بحجبها عن الخدمة الهاتفية لأنها "ارقام جميلة" اضافة الى العدد الهائل من الشكاوى للاهل الذين يفاجأون بفواتير ذات ارقام خيالية نتيجة اتصال الابناء بهذه الأرقام. كتبت احدى الصحف المحلية عن هذه الظاهرة وضرورة اتخاذ التدابير للحد من انتشار تأثيرها الأخلاقي والفكري على الشباب، مشيرة الى الجانب الاقتصادي في الموضوع ذلك "ان الملايين تترجم الى قطع اجنبي يهاجر خارج البلاد". ولفتت الى ان "احد مشتركي الهاتف دفع اكثر من ثلاثة ملايين ليرة سورية ستون ألف دولار قيمة فاتورتين متتاليتين ثمنا لمكالماته مع نوادي الصداقة والأرقام الجميلة وهو في غاية السعادة والقناعة". وكانت المؤسسة العامة للاتصالات حذرت في الصحف الرسمية من الاتصال بهذه الأرقام ولجأت كأجراء احتياطي الى حصر حركة طلب الأرقام الجميلة التي يصل عددها الى أكثر من 40 رقماً بعاملة المقسم تفادياً للدخول الى الخطوط المشبوهة عشوائيا، اضافة الى وجود ميزة حصر الاتصال الخارجي برقم سري يُعطى للمشترك بناء على رغبته لتمكين الأهل من السيطرة على قدرة ابنائهم على الاتصال بهذة الارقام. لكن احد العاملين في المؤسسة الحكومية قال: "من الصعب فرض رقابة صارمة على الاتصالات مع نوادي الصداقة لأنها تلجأ كل عدة ايام الى تبديل ارقامها للهروب من اجراءات الحماية التي تتخذها الدول بحجب النداء عن ارقامها"، مشيراً الى "وجود خطوة جديدة قيد التنفيذ حالياً تفرض ضوابط اكثر، وهي احداث مركز مراقبة دائم مزود بجهاز لاقط لمتابعة الأرقام الجديدة لنوادي الصداقة وحجبها فوراً من طريق مركز التشغيل والصيانة".