برعاية خادم الحرمين وزير النقل يفتتح مؤتمر مستقبل الطيران 2024 ويشهد إعلان أكبر استثمار بتاريخ الخطوط السعودية    وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له في حادث تحطم الطائرة المروحية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب منطقة "شينجيانج" شمال غرب الصين    أكثر من ثلاثة الاف جولة رقابية تنفذها أمانة الشرقية على المنشآت الغذائية والتجارية    إيران تعلن رسمياً مصرع الرئيس ووزير الخارجية    تعليم البكيرية يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    رئيس وزراء اليونان يستقبل العيسى    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    وزير الخارجية يبحث ترتيبات زيارة ولي العهد لباكستان    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    الانتخابات بين النزاهة والفساد    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقرير السنوي لمنظمة "مراقبة حقوق الانسان". ايران في مجال حقوق الانسان
نشر في الحياة يوم 16 - 12 - 1999

} أصدرت مؤسسة "مراقبة حقوق الانسان" Human Rights Watch ومركزها في نيويورك، تقريرها السنوي عن حالة اوضاع حقوق الانسان في العالم. ونشرت "الحياة" على حلقات نصوص التقرير الوارد عن مواقف اسرائيل من حقوق الانسان الفلسطيني، وعن وضع حقوق الانسان في العراق ومناطق السلطة الفلسطينية والجزائر. وتنشر اليوم الحلقة الاخيرة عن اوضاع حقوق الانسان في ايران.
ظل التقدم المنشود في مجال حقوق الانسان اسيراً لتفاقم استقطاب الصراع داخل قيادة جمهورية ايران الاسلامية. وادى هذا الصراع الى نشوب اعمال عنف سياسي تهدد بتبدد الامل في تحقيق الاصلاحات التي وعد بها الرئيس محمد خاتمي منذ انتخابه عام 1997.
وكشفت سلسلة من الاحداث التي قُتل او "اختفى" فيها عدد من الكتاب المستقلين ومن منتقدي الحكومة في نهاية عام 1998 عن تورط مسؤولين في الدولة في اعمال عنف غير قانونية لاخماد الاصوات المخالفة لها. وتحولت مظاهرات الطلاب ضد القيود المفروضة على حرية الصحافة الى ايام من الاحتجاجات العنيفة التي سعت فيها الجماعات السياسية المتنافسة الى تصفية خلافاتها في شوارع طهران والمدن الرئيسية. ووجهت الانتقادات الى الاصلاحيين بأن مطالباتهم بالمزيد من الحرية والديموقراطية تسببت في شيوع الفوضى.
ويبدو ان الجهود المتواصلة التي تقوم بها حكومة الرئيس خاتمي لتطبيع العلاقات مع اوروبا وبقية دول العالم استثارت خصوم هذا التطبيع فاتجهوا نحو اضطهاد الاقليات الدينية وقاموا باعمال شغب تستهدف اثارة الحنق الدولي واحراج الحكومة.
وظلت المشاركة في العملية السياسية مقتصرة على انصار النظام منذ ثورة 1979. وفي شباط فبراير تغلب الاصلاحيون المرتبطون بالرئيس خاتمي على الجهود التي بذلها التقليديون لمنعهم من ترشيح انفسهم في الانتخابات المباشرة للمجالس المحلية والاقليمية في ايران. وفاز الاصلاحيون في هذه الانتخابات.
وكانت الجريمة الوحشية التي قتل فيها السياسيان المخضرمان دارويش فروهر وزوجته بروانه فوروهار في منزلهما بطهران في 22 تشرين الثاني نوفمبر 1998 جزءاً من موجة اعمال قتل و"اختفاءات" بثت الخوف وعدم الاطمئنان في دوائر المثقفين، لكنها ادت كذلك الى استقالة وزير الاستخبارات، الذي تم تحميله مسؤولية تلك الاعمال، ما اسفر عن فضح جهاز حكومي يمارس القتل كسلاح سياسي. وكان من بين ضحايا القتل في تشرين الثاني وكانون الاول نوفمبر وديسمبر عام 1998 الكاتبان محمد مختاري ومحمد بوينده المعروفان بالدفاع عن حرية الرأي واللذان اعتقلا لفترة قصيرة في تشرين الاول اكتوبر 1998. وفي ايلول سبتمبر 1998 "اختفى" بيروز دواني الناشط سياسياً في احدى المنظمات اليسارية المحظورة، ويعتقد انه قتل بسبب آرائه السياسية.
وعلى رغم ان قتل المنشقين السياسيين داخل البلاد وخارجها ليس شيئاً جديداً على ايران، فقد كان رد الفعل الشعبي على هذه الاغتيالات قوياً وعاجلاً. اذ سار آلاف المشيعين في جنازة زعيمي حزب الامة الايرانية داريوش وبروانه فروهر في طهران في 30 تشرين الثاني. واعلنت عدة دوائر حكومية بما فيها السلطة القضائية ومجلس الامن القومي، الذي يرأسه الرئيس خاتمي، انه سوف تجري تحقيقات في مقتلهما، وان قتلتهما سوف يقدمون الى المحاكمة.
وعلى حين تحدثت السلطات القضائية عن "ايد محلية واخرى خارجية" وراء جريمة القتل، فان تحقيقات مجلس الامن القومي القت بالمسؤولية على بعض عملاء وزارة الاستخبارات، وتم وضع عدد منهم تحت التحفظ. وفي شباط استقال وزير الاستخبارات قربنانعلي درّي نجفا آبادي وعديد من كبار مساعديه بعدما اتضح مدى تورط وزارته في الجريمة. وعلى رغم ان كبار المسؤولين قد وعدوا مراراً باجراء محاكمة علنية للمشتبه فيهم، فانه لم تبدأ اي محاكمة حتى نهاية العام.
غير ان الشكوك حول اصحاب المسؤولية الاساسية في حوادث القتل لعبت دوراً مباشراً في اشد حوادث العنف السياسي الدموية التي وقعت في غضون العام، وهي المظاهرات الاحتجاجية الطلابية التي قامت بقمعها قوات مشتركة رسمية وغير رسمية. وفي حزيران يونيو قامت "سلام"، وهي من اكثر الصحف الموالية للاصلاحيين شعبية، بنشر مذكرة داخلية قيل ان كاتبها هو سعيد إمامي، وهو موظف في وزارة الاستخبارات رهن الاعتقال. وفي المذكرة يضع امامي سياسة للتحرش بالصحافة المستقلة وكتّابها من خلال اجراءات قانونية وغير قانونية متنوعة تشبه الى حد ملحوظ ما تعرض له الصحافيون والصحافة طوال العام.
وفي تموز يوليو اغلقت "سلام" ووجهت المحكمة الخاصة برجال الدين الى صاحب الصحيفة محمد موسوي خوئيني ها تهمة نشر معلومات زائفة. وأثار اغلاق الصحيفة احتجاجات طلابية سلمية في جامعة طهران في 8 تموز. وفي الساعات الاولى من صباح التاسع من تموز اقتحم اعضاء احدى الميليشيات الذين كانوا يرتدون زياً خاصاً غير مميز مساكن طلاب الجامعة اثناء نومهم وهاجموهم، وقاموا بالقاء بعض الطلاب من النوافذ كما اقتادوا البعض الآخر معهم. وقامت هذه العناصر بتفتيش المساكن الطلابية وحطمت ما كان فيها من اثاث واجهزة. وحسب رواية الشهود، فان اربعة طلاب على الاقل قتلوا في الهجوم الذي وقع على هذه المساكن، وجرح 300 واعتقل 400.
وفي اليوم التالي خرج الطلاب الى الشوارع للاحتجاج على الاعتداء على مساكنهم، والمطالبة باجراء تحقيق وبالافراج عن زملائهم المعتقلين. ولكن اعضاء جماعة "انصار حزب الله" المرتبطة بالزعماء المحافظين داخل الحكومة قاموا بفض المظاهرة الطلابية مستخدمين الهروات والجنازير في حين تراوح موقف قوات الامن بين المشاركة في العدوان على الطلاب او الوقوف منه موقف المتفرج.
بيد ان مظاهرات الطلاب استمرت في طهران في العاشر من تموز، كما امتدت الى مدن اخرى وصاحبتها مطالبات باقالة هدايت لطفيان رئيس الشرطة في طهران، وتقديم المسؤولين عن الغارة على المساكن الجامعية الى المحاكمة. وقد عم المجتمع الايراني الغضب من العدوان الليلي على مساكن الطلاب. وأدان كل من الرئيس محمد خاتمي والمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي هذه الغارة، وقال وزير الداخلية عبدالله موسوي - لاري انهاوقعت من دون اي ترخيص من الوزارة.
قارن المعلقون بين المظاهرات الجماهيرية في عامي 1978 و1979 التي سبقت الاطاحة بشاه ايران ومظاهرات الطلاب هذه التي كانت ايضاً متنفساً للتعبير الشعبي عن السخط على سياسات الحكومة في عديد من المجالات، بما فيها الوضع الاقتصادي السيئ وقلة فرص العمل المتاحة لخريجي الجامعات والقيود المفروضة على الحريات الاساسية وبطء سير الاجراءات الصحية. لكن هذا الشعور الشعبي تغير بشكل حاد عندما تحولت المظاهرات الى اعمال سلب ونهب وتخريب في يومي 12 و13. وتحركت القيادة تحركاً سريعاً بتنسيق بين الرئيس خاتمي وآية الله خامنئي وقررت حظر اي مظاهرات جديدة وألقت القبض على مئات من قادة التنظيمات المزعومين. وتبرأت الحركة الطلابية مما قام به الناهبون والخارجون على القانون، وميزت بين المظاهرات السلمية في الايام الثلاثة من 9 الى 11 والقلاقل التي حدثت في اليومين التاليين.
ووجهت اصابع الاتهام الى قوى معادية قيل انها تحظى بدعم اجنبي، واشار بعض الزعماء المحافظين الى ان التأييد الشعبي لبرنامج الاصلاح بث الفوضى واضعف الامة فأطمع فيها الاعداء. وفي الاسابيع التالية نشرت الصحف المحافظة بيانات من زعماء الحرس الثوري تطالب بانهاء "التجارب الخطرة" التي يجريها الرئيس خاتمي "على الديموقراطية".
تمكن الرئيس خاتمي من تجاوز هذه الاحداث التي مثلت اخطر تحد لزعامته حتى الآن، مؤكداً التزامه بسيادة القانون. والقيت المسؤولية على كبار رجال الشرطة في طهران لسماحهم بوقوع الغارة الليلية على مساكن الطلاب في الجامعة، ولو انه تمت تبرئة رئيس شرطة طهران هدايت لطفيان من اي مسؤولية. وفي منتصف آب اغسطس اصدر مجلس الامن القومي تقريراً شديد اللهجة ينتقد الشرطة وجماعات الميليشيا المحافظة. كما صرح الرئيس خاتمي في 12 آب ان "بعض ضباط الشرطة الذين تجاوزوا صلاحيات سلطاتهم وبعض الافراد من غير العسكريين" هم المسؤولون عن الهجوم الليلي على مساكن الطلاب. غير انه لم تعقب ذلك اي اجراءات جنائية علنية، ما ابقى حال الغموض بشأن الجهات التي امرت بالهجوم والقوات التي نفذته. واكد شهود العيان ان افراد القوة الاساسية المشتركة في ذلك الهجوم العنيف لم يكونوا من "انصار حزب الله" وانما كانوا افراد قوة اكثر انضباطاً وافضل تسليحاً، ويرتدون زياً رسمياً. وقد وصلوا الى المكان في عرباتهم الخاصة ودخلوا الحي الجامعي بمساعدة ضباط الشرطة ثم اختفوا بعد ساعات قليلة عند طلوع الفجر. واكتنف الغموض كذلك المسؤولين عن حوادث النهب وتدمير الممتلكات يومي 12 و13، مع تردد تكهنات بأن اعمال العنف التي جرت في الشوارع بدأت على ايدي عناصر مثيرة للشغب بدعم من الدولة للتشهير بحركة الاحتجاج الطلابية واثارة الكراهية ضدها.
وفي اعقاب الاضطرابات ظل مئات الطلاب قيد الاعتقال او في عداد المفقودين. وصرح رئيس محكمة طهران الثورية في 11 ايلول ان اربعة اشخاص، لم يذكر اسماءهم، حكم عليهم بالاعدام لعلاقتهم بالمظاهرات المطالبة بالديموقراطية. وصدرت الاحكام بعد جلسات سرية عقدتها المحكمة الثورية التي لا تفي اجراءاتها بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. واجرت صحيفة "الجمهورية" الاسلامية اليومية المحافظة مقابلة مع حجة الاسلام غلام حسين رهبربور قال فيها ان المحكمة العليا اقرت حكمين بالاعدام ومن المحتمل ان تصدر احكاماً اخرى باعدام عدد من بين "الالف شخص الذين القي القبض عليهم" اثناء المظاهرات.
واستمر الصراع بين المحافظين والصحافة المستقلة في التمخض عن مزيد من القيود على حرية التعبير، بما في ذلك اغلاق الصحف وتقديم كتابها ورؤساء تحريرها واصحابها الى المحاكمة. فقد امرت محكمة الصحافة باغلاق بعض الجرائد المستقلة مثل: "راه نو" الطريق الجديد و"جامعه سليم" المجتمع السليم و"ايران فردا" ايران الغد والمجلة الثقافية الشهرية "أدنيه" الجمعة. الا ان معظم هذه الصحف استمرت في الصدور رغم اوامر الاغلاق، وذلك على اساس انها لم تستلم اوامر الاغلاق الرسمية. وفي حالة "جامعة سليم" و"أدنيه"، فان هيئة المحلفين ادانتهما بانتهاك قانون الصحافة واوصت بتوقيع اقل العقوبات مع عدم اغلاق المطبوعتين، لكن القاضي اهمل توصيات المحلفين وقرر اغلاقهما.
وبعد صدور القرار في قضية "أدنيه" اعرب المحلفون عن احتجاجهم عليه وذلك بالامتناع عن حضور الجلسة التي اعقبته وكانت مخصصة لنظر القضية المرفوعة ضد جريدة "كيهان" المجرّة، مما جعل القاضي يقرر استبعاد المحلفين الخمسة الغائبين. ولعجز القاضي عن الاستمرار في نظر القضية بعد استبعادهم، طلب من المتهمين دفع كفالات مالية كبيرة قبل ان يطلق سراحهم. وفي ايار وحزيران القي القبض على اثنين من المؤيدين البارزين للرئيس خاتمي، وهما: فريدون وردينجاد مدير وكالة الانباء الرسمية لجمهورية ايران الاسلامية إيرنا ومحمد رضا زهدي صاحب "أريا" اليومية، ثم افرج عنهما بعد ان دفع فريدون وردينجاد كفالة قدرها خمسون الف دولار بينما دفع محمد زهدي ثلاثين الف دولار. وفي آب 1999 قررت محكمة التأديب العليا ان القاضي سعيد مرتضوي قد تجاوز صلاحيات سلطته عندما استبعد المحلفين، لكن المحكمة لم توص بانزال اي عقوبة ضده، فظل القاضي المذكور في منصبه. وفي ايلول امرت محكمة الصحافة باغلاق صحيفة "نشاط" سعادة، وفي محاكمة لاحقة حكم على صاحبها لطيف سفري بالسجن لمدة ثلاثين شهراً مع ايقاف التنفيذ ومنعه من مزاولة المهنة لمدة خمس سنوات.
وكان دور المحلفين في محاكم الصحافة من الامور العديدة المثيرة للنزاع في قانون تنظيم الصحافة. ومن الامور الاخرى استخدام محاكم غير محاكم الصحافة لمعاقبة الكتاب على آرائهم التي عبروا عنها في وسائل الاعلام. في تشرين الثاني 1998 ذكرت صحيفة "همشري" ان مركز البحوث البرلمانية يعد مسودة قانون يجيز محاكمة الكتاب والمحررين واصحاب الصحف امام غير محاكم الصحافة اذا تضمنت مقالاتهم هجوماً على احد. وفي 4 آذار اصدرت المحكمة الخاصة برجال الدين حكماً بمقاضاة اي صحيفة تنشر مجرد اسم آية الله حسين منتظري الذي كان في وقت ما الرجل المختار ليخلف آية الله خميني في زعامة الشعب الايراني، لكنه اخذ يوجه انتقادات متواصلة لنظرية ولاية الفقيه التي يستمد منها قائد الجمهورية الاسلامية سلطته. ومنذ ان عزل آية الله خميني خليفته المرتقب آية الله منتظري من منصبه في 1988 وهو يتعرض واقرباؤه واتباعه للاضطهاد. وفي شباط اعتقل محسن كديوار وحوكم امام المحكمة الخاصة برجال الدين بناء على كتاباته الصحافية.
وفي آذار اصدرت المحكمة الثورية الاسلامية امراً باغلاق مجلة "زان" المرأة لنشرها جزءاً من تهنئة بالعام الجديد وجهتها الى الشعب الايراني امبراطورة ايران السابقة فرح ديبا التي تعيش حالياً في المنفى، وكذلك لنشر المجلة رسماً ساخراً اعتبرته المحكمة تشويهاً لمبدأ "الدية" الذي نصت عليه الشريعة الاسلامية. ونشرت مجلات اخرى تهنئة فرح ديبا كاملة، لكن لم يصب اياً منها شيء من جراء ذلك.
وفي حزيران امرت احدى المحاكم الثورية باغلاق جريدة "هويت خويش" الهوية الذاتية الطلابية التي تصدر كل اسبوعين، واعتقل كل من محررها حشمت الله طبرزادي ومديرها حسين كاشاني بعد ان وجهت اليهما تهمة "نشر دعايات مضادة للاسلام". واطلق سراح حسين كاشاني في حزيران لكن طبرزادي ظل معتقلاً. وفي تشرين الثاني 1998 اطلق سراح محسن سعيد زاده الذي كان معتقلاً بناء على امر من محكمة خاصة برجال الدين في حزيران 1998 لكتاباته عن حقوق النساء والقوانين الاسلامية للاحوال الشخصية.
وفي مواجهة حملة لا تهدأ شنها المحافظون على حرية الصحافة، استقال احمد برقاني نائب وزير الثقافة والارشاد الاسلامي من منصبه في كانون الثاني يناير كما تعرض وزير الثقافة والارشاد الاسلامي عطاء الله مهاجراني لاقتراع بسحب الثقة ولكنه نجا منه، اذ حصل على 135 صوتاً في مقابل 121 صوتاً. وعلى رغم ذلك فان الضغط لا يزال مستمراً على مهاجراني وغيره ممن ارتبطت اسماؤهم باعطاء الصحافة مزيداً من الحرية. وفي ايار وجهت الاتهامات الى عيسى سخرخيز احد كبار المسؤولين في وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي. وكان يواجه عقوبة قد تصل الى السجن ثلاث سنوات بعد منحه تصريحاً لصحيفة "زان" باصدار عدد خاص بمناسبة معرض طهران الدولي للكتاب بينما كانت الجريدة معطلة بأمر من المحكمة. وبدأت محاكمته في 31 ايار امام محكمة خاصة بموظفي الدولة، ولا تزال المحاكمة مستمرة حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
الى ذلك قدم النواب المحافظون الى المجلس تعديلات لادخالها على قانون الصحافة، وتمت الموافقة الاولية عليها في 7 تموز بغالبية 125 صوتاً مقابل 90 صوتاً معارضاً وامتناع 55 نائباً عن التصويت. وتسعى التعديلات المقترحة الى تغيير تشكيل عضوية كل من مجلس الاشراف على الصحافة الذي يتكون حالياً من خمسة اعضاء وهيئة اختيار محلفي الصحافة المكونة من ثلاثة اعضاء، وذلك باضافة اعضاء ممثلين عن منظمة الدعوة الاسلامية وآخرين عن مجلس خطباء الجمعة. وسوف تعطي التعديلات صلاحيات للمحاكم الثورية لمقاضاة الكتاب والصحافيين الذين يتخطون حدود النقد المسموح.
واستنكر الاصلاحيون هذه التعديلات ومن بينهم وزير الثقافة مهاجراني الذي ابلغ البرلمان اثناء مناقشة التعديلات ان "علينا ان نشرع القوانين التي تتماشى مع الحرية، لا ان نجعل الحرية تتماشى مع قوانينا". وفي ايلول وجه سيد محمود هاشمي شهرودي، الذي حل في آب محل الزعيم المحافظ آية الله محمد يزدي في رئاسة مجلس القضاء، انتقاداً الى التعديلات المقترح ادخالها على قانون الصحافة وذكر ان هيئة قضائية هي اللجنة الاسلامية لحقوق الانسان سوف تتقدم بمشروع تعديلات تقترحها اللجنة. غير ان آية الله خامنئي واصل بنفسه الهجوم على الصحف المستقلة التي اتهمها"بايجاد قلق وجداني" بوضعها اوامر الاسلام موضع السؤال. وواصل المحافظون هجومهم على الصحف التي انتقدت تطبيق عقوبة الاعدام واعلنوا ان مثل هذه التعليقات ردة عن الدين و"مضادة للاسلام".
واستمر الجدل حول سجن محافظ طهران السابق غلام حسين كارباشي، الذي يعتبر ضحية الصراع بين مجموعتي الاصلاحيين والمحافظين. وفي ايار بدأت محاكمة 11 ضابط شرطة بتهمة تعذيب اثنين من محافظي الاقاليم وبعض كبار المسؤولين في المجالس البلدية وذلك في محاولة لجمع الادلة التي تستخدم ضد محافظ طهران السابق. وكانت هذه اول مرة يتم فيها توجيه اتهام لضابط شرطة بارتكاب جريمة تعذيب، رغم وجود انباء موثوقة عن استمرار استخدام التعذيب على نطاق واسع.
ان اجراء اول انتخابات لمجالس القرى والمدن في شباط يمثل انجازاً كبيراً في مجال مشاركة الايرانيين في الشؤون العامة على المستوى المحلي. وحتى اللحظة الاخيرة لم يتضح اذا كان المرشحون المرتبطون بالسياسات الاصلاحية سوف يسمح لهم بالنزول امام المرشحين الذين اختارهم مجلس الاشراف المعين من قبل البرلمان والذي يسيطر عليه المحافظون. وكان مجلس الاشراف قد استبعد اسماء عدة مرشحين بارزين مثل وزير الداخلية المعزول عبدالله نوري وذلك لما اسماه المجلس "نقص الايمان في نظام رجال الدين"، ولكن لجنة التحكيم التي انشأها الرئيس خاتمي للنظر في استئناف المرشحين المستبعدين ضد قرارات مجلس الاشراف الغت استبعادهم.
وفي خاتمة المطاف فاز المرشحون الاصلاحيون في الانتخابات. وما زال الجدال مستمراً حول كيفية اختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في شباط 2000. وفي آب وافق البرلمان على صيغة معدلة من طريقة فرز المرشحين ويقضي هذا التعديل بأن يشرح المجلس الاشرافي للمرشحين المستبعدين اسباب استبعادهم كتابة. ولم يكن المجلس يعطي هذه الاسباب في الماضي كما كان يستبعد نسبة كبيرة من المرشحين المتوقع نجاحهم. الا ان مجلس الاوصياء نقض التعديل المقترح ادخاله على طريقة الفرز. وظلت الاحزاب السياسية المعارضة، مثل حركة حرية ايران، ممنوعة من تقديم مرشحيها او تنظيمهم في الانتخابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.