دخلت الأزمة النووية الإيرانية منعطفًا جديدًا بعد إعلان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن المفاوضات مع الولاياتالمتحدة وصلت إلى"طريق مسدود تام"محمِّلًا واشنطن مسؤولية فشل الجهود؛ بسبب ما وصفه ب"المطالب المفرطة وغير المعقولة". وقال عراقجي، في ختام زيارته إلى نيويورك بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن بلاده قدّمت مقترحات متعددة، وأجرت لقاءات مكثفة مع الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، غير أن الضغوط الأمريكية حالت دون تحقيق اختراق سياسي. وأكد أن تفعيل "آلية الزناد" من قبل الأوروبيين يهدف إلى إجبار إيران على تقديم تنازلات "لا يمكن قبولها". ودعا الوزير الإيراني الشعب إلى الاستعداد لمواجهة"تأثيرات سياسية وإستراتيجية" جراء عودة العقوبات الأممية، مشددًا على ضرورة الصمود أمام الضغوط. وجاءت تصريحاته متزامنة مع موقف الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الذي رفض الأسبوع الماضي ما أسماه "الطلبات السخيفة" من واشنطن، ومنها تسليم كامل مخزون اليورانيوم المخصب مقابل تأجيل محدود للعقوبات. التصعيد الدبلوماسي تزامن مع فشل المساعي الروسية والصينية داخل مجلس الأمن لتأجيل العقوبات، بعدما لم يحصد مشروعهما سوى تأييد أربع دول فقط من أصل 15 عضوًا؛ ما مهد الطريق لتفعيل "آلية الزناد". وعلى الصعيد الأوروبي، فرضت بريطانيا عقوبات جديدة شملت وزارتي النفط والطاقة الإيرانيتين إلى جانب 71 كيانًا نوويًا، وذلك في إطار التنسيق مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وتشمل العقوبات تجميد أصول وحظر سفر ومنع أي أنشطة مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية أو الصواريخ الباليستية. الترويكا الأوروبية، التي بادرت بتفعيل "آلية الزناد"، طالبت إيران بمنح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولًا كاملًا إلى منشآتها النووية، إضافة إلى آلية لضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصب، وهو ما اعتبرته طهران شروطًا غير عادلة. وفي خطوة وُصفت ب"النادرة"، أكدت مصادر إيرانية وأمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب رحّلت نحو 100 إيراني على متن طائرة خاصة من لويزيانا إلى طهران عبر قطر، بعد أشهر من النقاشات الثنائية. وقال مسؤولون إيرانيون إن بعض المرحّلين تطوعوا بالعودة بعد فترات احتجاز طويلة في مراكز المهاجرين، فيما عبّر آخرون عن مخاوف حقيقية من مستقبلهم. وتُعد هذه العملية من أبرز لحظات التعاون المباشر بين واشنطنوطهران منذ سنوات، على الرغم من التوتر المتصاعد بينهما في الملفات النووية والسياسية.