في خُضرتكِ تهمسُ الحياةُ بسرِّ البقاء، وتلبسُ الأرضُ ثوبَ الجمالِ والنقاء، تهدينَ عابرَ السبيلِ ظلالَكِ الحانية، وتنثرينَ في قلبهِ السكينةَ… متنفسُ أرضٍ نسكنُها، والمصدّ الأول لموجات التصحّر وتغيّر المناخ. تُسهم الأشجار والنباتات في تلطيف الأجواء، وتحسين جودة الهواء، والحدّ من التلوث، إضافةً إلى دورها الجمالي الذي ينعكس على الصحة النفسية وسكينة الإنسان. ومن منطلق إدراك المملكة العربية السعودية لأهمية التشجير وتعزيز الغطاء النباتي، جاءت "مبادرة الرياض الخضراء" كإحدى مشاريع رؤية السعودية 2030 الطموحة. تستهدف المبادرة زراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في مدينة الرياض، لتحويلها إلى مدينة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، وتحسين جودة الحياة لسكانها. ولا تقتصر المبادرة على الزراعة فقط، بل تشمل تطوير الحدائق، والممرات الخضراء، والمناطق المفتوحة، بما يُسهم في خفض درجات الحرارة وتحسين الصحة العامة. ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، تبرز أهمية دور وزارة التعليم كشريك رئيسي في دعم المبادرة، وترسيخ ثقافة التشجير لدى الأجيال الجديدة. فالمدارس ليست مؤسسات تعليمية فحسب، بل هي منصات لتشكيل الوعي البيئي، وغرس القيم المستدامة في نفوس الطلاب والطالبات. ومن خلال التطبيق على أرض الواقع — وليس فقط دمج مفاهيم التشجير والبيئة في المناهج الدراسية — بل بتنظيم حملات زراعة الأشجار داخل أسوار المدارس وخارجها، وهنا يمكن للمؤسسات التعليمية أن تلعب دورًا فاعلًا في تحقيق أهداف "الرياض الخضراء". كما أن إشراك الطلاب في أنشطة عملية يربطهم بالطبيعة، ويجعلهم يشعرون بمسؤوليتهم تجاه وطنهم وبيئتهم. فيا تُرى… متى نرى بيئتنا المدرسية وقد احتضنت طلابها تحت ظلال الأشجار؟ متى نرى طلابنا يتناولون وجباتهم الصحية تحت ظلال الشجر؟ ومتى أرى الآباءَ ينتظرون خروج أبنائهم وهم يستظلون تحت شجرة، بعيدًا عن لهيب الشمس ولهاث الإسفلت؟ متى أرى أسوار المدارس تعانقها غصونُ أشجارها المزروعة على أرضها؟ متى تصبح الطبيعة جزءًا من يوم الطالب الدراسي، كما هي جزء من حياته ومستقبله؟ ومتى، يا تُرى، أُبصر مدارسنا وقد لبست ثوبًا من خُضرة؟ وحائطها سورًا حيًّا من نباتٍ ونسيمٍ وارتياح؟ إن المدرسة ليست فقط مكانًا للتعلُّم، بل وطنًا صغيرًا، ينمو فيه الإنسان . وكما قال: إيليا أبو ماضي "والنفسُ تأنسُ حين تمشي خُضرةً وتطيبُ إن مرّتْ بماءٍ يُعذِّبُ" بقلم/ حصة الزهراني ماجستير في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي – وزارة التعليم