- الرأي - خلود النبهان - جازان : في جازان، حيث تُزهر المواهب في ظلال الجبال ودفء البحر، تلمع أسماء تصنع فرقًا حقيقيًا في المشهد الإبداعي، وتُسطّر حضورًا وطنيًا ودوليًا منذ مراحل عمرية مبكرة. من بين هذه المواهب، تتألّق الطالبة والفنانة التشكيلية الجوهره محمد الجديبا، التي جمعت بين الريشة والإبرة، وحوّلت شغفها بالرسم والخياطة إلى مشروع فني متكامل يُبهر كل من يقترب منه. لم تكن تجربتها محلية فحسب، بل شاركت الجوهره في معارض ومبادرات فنية محلية ودولية، من بينها معرض المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (روبمي)، حيث مثّلت طلاب المملكة بلوحاتها المعبرة. كما نالت المركز الثاني على مستوى المنطقة في مسابقة الحرف اليدوية، وكان لها شرف تقديم إحدى لوحاتها عن أبطال الحد الجنوبي لمعالي وزير التعليم، والذي أهداها بدوره لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر، أمير منطقة جازان – سابقًا، تكريمًا لجهودها وإبداعها. وفي هذا السياق، أجرت صحيفة " الرأي " حوارًا مع الفنانة الجوهره الجديبا، التي تمثل جيلًا واعدًا من الفنانات الشابات، لتسرد لنا حكايتها مع الفن، وتفتح لنا نافذة على طموحاتها ومشاريعها القادمة. من هي الجوهره الجديبا؟ أهلًا، أنا الجوهره محمد الجديبا، عاشقة للعديد من أنواع الفنون. أدرس حاليًا تصميم الأزياء والخياطة في كلية Fashion production and manufacturing. افتتحت أول معرض فني لي في المرحلة الثانوية، وكانت تجربة جميلة وفريدة بدعم كبير من والدي، حيث وفّر لي "استاندات" العرض وثبّتها في المدرسة، وتم افتتاح المعرض في حفل بهيج لا يُنسى. كيف بدأت رحلتكِ مع الفن؟ ومن كان له الأثر الأكبر في اكتشاف موهبتك؟ منذ طفولتي، كنت أستمتع بالرسم إلى جانب والدي، الذي كان مُلهمي الأول. والدي الأستاذ محمد الجديبا يمتلك مرسمًا كبيرًا يستقبل فيه الشباب والزوار من مختلف المناطق. منه تعلمت حب الفن، وتعلمت كيف أستفيد من مهاراتي، ووفّر لي كل أنواع اللوحات والألوان الغالية لأعيش متعة الإبداع. بين الواقعية والسريالية والتجريد، أين تجدين ذاتك؟ أستمتع بجميع أنواع الرسم، لكنني أجد نفسي أكثر في الرسم السريالي والتجريدي. فالسريالية تستكشف الخيال والعقل الباطن، بينما التجريد يبتعد عن التفاصيل الواقعية ويركز على جوهر الفكرة باستخدام الألوان والأشكال المجردة. حدثينا عن تجربتك في أول معرض شخصي لكِ، والذي ضمّ 120 لوحة. كانت تجربة رائعة! بعد حضوري للمعارض الفنية مع والدي، بدأت أشعر بشغف كبير لأمتلك معرضي الخاص، وبدأت أرسم لوحات كثيرة بلا ملل. كان هدفي واضحًا، ومع دعم والدي والمدرسة التي احتفت بي بحفل جميل، استطعت أن أحقق حلمي. كانت التحديات تتمثل في تجهيز أدوات العرض، لكن والدي تكفّل بذلك، وكانت التجربة محفزة ومثرية. لوحة "أبطال الحد الجنوبي" لاقت إعجاب وزير التعليم ووُهبت لأمير جازان، ما قصتها؟ لوحتي عن أبطال الحد الجنوبي شاهدها معالي وزير التعليم وأُعجب بها، ثم قدّمها هدية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر، أمير منطقة جازان – سابقًا أثناء لقائه به. شعرت بسعادة غامرة عندما رأيت رسمي بين يدي الوزير والأمير، وكان ذلك لحظة فخر كبيرة في حياتي الفنية. ما مكانة الحرف التقليدية لديكِ؟ وهل تمزجينها بأعمالكِ الفنية؟ نعم، ممارستي للفنون المتنوعة سمحت لي بتحويل الفن التشكيلي إلى فنون تطبيقية، حيث أُحول رسوماتي إلى تصاميم أزياء مبتكرة تحمل طابعًا تراثيًا. طموحي أن أصبح مصممة أزياء عالمية أستلهم من التراث والبيئة. فزتِ بالمركز الثاني في مسابقة الحرف، بلوحة عن الخياطة.. ما فكرتها؟ كانت اللوحة بعنوان "إرهاق الخياطة الممتع"، وهي تعبر عن مشاعر المصمم أثناء العمل بالخياطة، وعن الحرفة نفسها. اللوحة تنقلك إلى عمق الزمن، حيث الجمال المختبئ بين لفات القماش، وتعبّر من خلال ألوانها الحارة وعيونها المتأملة عن رحلة الخياطة عبر الأجيال. كيف توفقين بين دراستك الأكاديمية ومشاريعك الفنية؟ بالعكس، لم أواجه أي صعوبات، بل كانت دراستي تضيف الكثير إلى فني. كنت أستمتع بتنفيذ مشاريعي، وأضيف عليها لمساتي الفنية، مما جعلها أكثر تميزًا، وأسعد زميلاتي وأساتذتي. ما الذي يحتاجه الفن في المدارس ليصبح مساحة حقيقية للإبداع؟ يجب توفير أدوات رسم متنوعة، وتقديم برامج متقدمة في الفنون، وزيارة المعارض لإثراء الذائقة الفنية لدى الطلاب. كذلك، تقديم تغذية راجعة محفّزة على أعمالهم، وأن يكون المعلم قدوة فنية لهم، صبورًا ومحفزًا، فالتعلم الفني يحتاج إلى وقت وجهد ومتعة. ما طموحاتك القادمة؟ وهل تفكرين في التوسع خارج المملكة؟ بالطبع، طموحاتي كثيرة، وبعد تعمقي في مجال تصميم الأزياء، أصبح لدي شغف أكبر لخوض تجارب فنية جديدة. أضع خططًا لأكون مصممة أزياء عالمية أستوحي تصاميمي من بيئتنا وتراثنا، لأضع بصمتي الفنية الخاصة في عالم الموضة والفن. ⸻ الجوهره الجديبا ليست مجرد طالبة جامعية أو فنانة تشكيلية شابة؛ بل هي قصة إصرار مبكر على الحلم، ونموذج لجيل جديد يكتب ملامحه بالألوان والأقمشة والخيال. من أول لوحة في المدرسة، إلى محافل دولية كمعرض المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، ومن بين يدي الوزير إلى استقبال سمو الأمير محمد بن ناصر – سابقًا – لإبداعها، تثبت الجوهره أن الفن حين يسكن القلب، يصنع فرقًا . صحيفة " الرأي " تفتخر بهذه الموهبة الجازانية، وتترقّب مستقبلًا مزهرًا لفنانة شابة تشقّ طريقها بثقة نحو العالمية، ممزوجةً بالإبداع والجذور. ‹ › ×