مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية دون أفق واضح للحل، تزايدت المواقف والتصريحات المتناقضة على الساحة الدولية، من موسكووواشنطن إلى بيونغ يانغ وبروكسل، في مشهد يعكس احتدام الاستقطاب العالمي حول مستقبل النزاع والنظام الدولي برمّته. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد في مقال نشرته صحيفة كومباس الإندونيسية أن الاتصالات بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب "جوهرية"، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة تبذل جهوداً دبلوماسية حثيثة لوقف الحرب. وشدد لافروف على ضرورة "دعم جميع الشركاء للحوار مع أمريكاوأوكرانيا"، مقترحاً تشكيل نظام جديد للضمانات الأمنية، لكنه شدد على أن أي سلام لن يتحقق "ما لم يُعترف بواقع الأراضي الراهن"، في إشارة إلى المناطق الأوكرانية التي ضمتها روسيا. في المقابل، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب استياءه من نظيره الروسي، قائلاً في مقابلة إذاعية: "العلاقة بيني وبين بوتين كانت رائعة، لكن آلاف الناس يموتون في حرب لا معنى لها، وسأفعل شيئاً لإنقاذهم". وجاءت تصريحاته بعد فشل لقائه الأخير مع بوتين في ألاسكا الشهر الماضي في تحقيق اختراق ملموس، كما اتهم ترمب في تدوينة لاحقة على منصته "تروث سوشيال" قادة روسيا والصين وكوريا الشمالية ب"التآمر على الولاياتالمتحدة". وفي سياق متصل، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي التقى الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون على هامش العرض العسكري في بكين بمناسبة الذكرى ال80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية. وخلال اللقاء، أكد كيم أن "تقديم كل مساعدة ممكنة لروسيا واجب أخوي على كوريا الشمالية"، مشدداً على أن التعاون الثنائي "أصبح أقوى منذ توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2024". من جهته، أثنى بوتين على مشاركة القوات الكورية في معارك مقاطعة كورسك الروسية، قائلاً: "لن ننسى شجاعة الجنود الكوريين الشماليين"، وتقدر واشنطن عددهم بين 11 و14 ألف جندي. أما الاتحاد الأوروبي، فاعتبر مشاركة بوتين وكيم وشي في العرض العسكري ببكين "أكثر من مجرد مشهد رمزي". وقالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس إن اللقاء يمثل "تحدياً مباشراً للنظام الدولي القائم على القواعد" وسعياً لبناء نظام عالمي بديل. في المقابل، نفى الكرملين أي وجود ل"مؤامرة"، مؤكداً أن اللقاءات تأتي في إطار التعاون الطبيعي بين الدول. المشهد الدولي بات أكثر تعقيداً: روسيا تصر على تثبيت مكاسبها الميدانية في أوكرانيا، ترمب يسعى لتقديم نفسه كوسيط محتمل لكنه يهاجم في الوقت نفسه "تحالف بوتين، شي وكيم"، فيما تواصل كوريا الشمالية تعزيز تعاونها العسكري مع موسكو، والاتحاد الأوروبي يحذر من أن هذه التحالفات تمثل تهديداً مباشراً للنظام العالمي بعد الحرب الباردة.