بات من الواضح أن رؤية المملكة تعيش كل مراحل الزمن الفيزيائي الذي يتعلق بمراحله الثلاثة وهو الفترة القابلة للقياس، حيث يمتد بين الماضي البعيد، والحاضر المُعاش، والمستقبل الواعد، ذلك المستقبل الذي تتطلع إليه رؤية المملكة، بعد أن رسمت رؤاها ليكون عام 2030 هو سقف محدد لذروة الإنجاز وأعلى مراحل الاشتباك الحميد مع السمات السائدة في العالم تقنيا واقتصاديا وحضاريا وغيرها، ما يؤهلنا لنكون في أول الصف ضمن المنظومة العالمية للكبار، ومن المؤكد أننا سنكون بخلاف غيرنا تماما ممن يقرؤون التاريخ من خلال القطيعة مع الماضي، بل إن الرؤية التي ولدت من رحم ثقافتنا وقيمنا لنحفل بكل أبعاد الماضي، وقد نَظّر للرؤية الوطنية سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله وجاءت لتعيش كل مراحل الماضي، ولينطلق منها يوما وطنيا يعيشه المجتمع السعودي كل عام مع الأشقاء والأصدقاء الوافدين، اصطلح له اسم (يوم التأسيس) وليتشكل هنا في رواق المكان في جنبات الدرعية وعلى ضفاف وادي حنيفة أنساقا ثقافية بأبعادها التاريخية المختلفة وتمتد على عرض الوطن وطوله، وهذه الصلة مع الزمن الماضي أدت إلى التلاحم مع المكان بجغرافيته الواسعة وتَبَدى الأثر البالغ لحقيقة التاريخ ولجهود ومآثر الأسلاف إن هذا التتابع لمراحل الزمن المختلفة نقرأه اليوم بوعي وحضور لافت وحتى استطراد متداخل وهو لم يتأتّ بشكل عفوي، فالاستطراد في معناه هو تشابك مع المراحل الثلاثة للزمن، الأمر الذي منح المهمومين باشتغالات التغيير بكثير من الرؤى والأفكار ولمزيدٍ من القراءة لجوانب متعددة ومختلفة، فعلى سبيل المثال عام الإبل، وعام الحرف، نعيشها في الواقع وفي صورها المتنوعة، ما يعني فتح آفاقا اقتصادية وسياحية من خلال تصدير برامجها المتنوعة بعد توثيقها إعلاميا وإدراجها ضمن النسق التعريفي والتنموي لنلهم بها الأمم، وليعيش هذا العالم واقع الجزيرة العربية بزمن متعلق بِحقب ثقافية وفترات تاريخية متفرقة، وتتلخص الجهود في سيادة فكرة السياحة الداخلية وتعزيزها، بحثا عن تنوع زيادة مصادر الدخل القومي للمملكة العربية السعودية كما تنشد ذلك القيادة الرشيدة وفقها الله، وبدمج هذا الكم الباذخ والهائل من ألوان الثقافات في مسرح الوطن للتعريف بثقافتنا على أن لا تكون رديفا للدخل فحسب، بل تعزز الهوية الوطنية والتفاهم العالمي، ويزيد سروري وتنداح سعادتي حين أشيد بأبناء الوطن وبكل الشخصيات الفاعلة في هذا الاتجاه ممن يركضون في مضار الوطن كل حسب مواهبه وفنونه وبالضرورة أن لا يغيب أحد عن مشهدنا الثقافي ففي حضورهم معنىً آخر، وثقافة مختلفة تستحق أن تشهد معنا هذا الحراك الثقافي بدوره الريادي الفعال الذي تفتق مع رحم رؤية الوطن، فالجهود كبيرة وما أنجز من المشاريع التي تستهدفها الرؤية قد تحقق قبل وقتها المحدد، الأمر الذي يؤكد رهان كاسب يمتد نحو تنمية مستدامة، ومن هنا نجد أننا نعيش ونعايش حالة التاريخ والتحول المستمر بين أبعاد الزمن بثقافاته المختلفة، ودائما ما كانت أحاديث وأقوال ولقاءات سمو ولي العهد حاضرة في أذهان الجمع نحو تطلعات بعيدة وبآمال عريضة، شبهها بحجم جبل طويق الذي لن يكسر أبداً، في إشارة إلى عزائم الشباب وهممهم، وهذا يجعلنا لا نقيم في الماضي الصرف الخالص، بل نستدعي أمجاده وأصالته، ولا نجزم أن الحاضر أنجز كل شيء، بل نجعل من كل مراحل الزمن جسرا يوصلنا بالزمن الأخر ويؤدي ذلك إلى حالة من الوثوق والترابط القوي لتراهن رؤية الوطن بالاستدعاء الايجابي للزمان والمكان وبكيفيات مختلفة ومقرونة بتنمية مستدامة يعيشها هذا البد المعطاء في ظل التوجيهات الحكيمة لقيادة هذا البلد، ولتتسع المملكة بشكل أفقي لتكون ضمن المشهد الدولي والنموذج العالمي الأبرز وبصياغة جديدة تتداعي فيها كل الأحوال في انطلاقة متوثبة مقرونة بالرؤية والزمن.. وإلى لقاء.