أكدَ مُدير عام التربية والتعليم بمحافظة الطائف الدكتور محمد بن حسن الشمراني، أن سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية نصّت على أن التعليم حق مُشاع بين أبناء الأمة وما اشتملت عليه من أسس وثوابت التربية الخاصة. وأوضح أن هذه السياسة تنص على أن المدرسة العادية هي البيئة الطبيعية من الناحية التربوية والاجتماعية والنفسية للتلاميذ ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، وتقديم الخدمات فيها وفقًا لنوع ودرجة الإعاقة.
وقال: "لقد ورد في القواعد التنظيمية لمعاهد وبرامج التربية الخاصة، أن يتم دمج التلاميذ من هذه الفئة مع أقرانهم في التعليم العام إلى أقصى حد تتيحه لهم قدراتهم".
جاء ذلك تعقيباً على الخبر الذي نشرته "سبق" بتاريخ 12/ 1/ 1436ه، تحت عنوان "أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة بالروضات.. دمج أبنائنا بالأصحاء ظلم".
وقال الدكتور "الشمراني" في رده: "بخصوص ما ورد في سياق الخبر عن الروضة الثانية؛ فإنها تعتبر من أنسب البيئات التربوية والتعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث تتكون من دورٍ واحد أرضي مكتمل المرافق والتجهيزات".
وأضاف: "حرصنا على تحقيق سياسة الدمج بها، بأن يكون الأطفال في نفس فصول الأطفال العاديين في البرنامج اليومي وحضورهم الحلقة التعليمية لتطبيق المهارات الاجتماعية وعقد حلقة منفصلة تعليمية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لتنمية المهارات الأكاديمية للطفل".
وأردف: "الأطفال الذين تم إلحاقهم بالروضة الثانية في فصول الدمج "عوق فكري" يتمتعون بمهارات وسلوكيات عالية المستوى، عند إلحاقهم بمعهد التربية الفكرية وبرامج الدمج".
وكان الخبر المنشور قد كشف عن أن أولياء أمور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والملتحقين ببرنامج الدمج ب"الروضة الثانية" في الطائف، يعانون من وضع أطفالهم؛ واصفين البيئة التعليمية ب"غير الصحية لهؤلاء الأطفال، وبأنه لن يحقق النتائج المرجوة من الدمج".
وعبّرت بعض الأمهات اللاتي عايشنَ الوضع، عن استهجانهن لحال أطفالهن والظلم الواقع عليهم؛ من عدم توفير مناخ ملائم للتعلم، وفقدان أطفالهن المرضى لحقهم في أن يكون لهم مكان يراعي قدراتهم ومرضهم وحاجاتهم والفروق الفردية؛ مؤكدين أن الدمج لا يعني مساواة المريض بالسليم في طريقة التعليم والمنهج التعليمي والبيئة الصفّية ذاتها؛ فإن أغفلنا هذه الأسس؛ فكأننا نعاملهم جميعهم معاملة الأصحاء، وهذا قمة الظلم.
واستنكرت الأمهات ما يتعرض له أطفالهن المتأخرون فكرياً -والذين يعانون من أمراض أخرى- من تشتيت وعدم ثبات؛ فعدم وجود فصول خاصة بأبنائهن، جعل أطفالهم المرضى لا يعلمون مَن هي معلمتهم، ولا أين سيذهبون؛ فغاب أول أسس التعلم وهو التآلف مع بيئة التعليم.
وتروي إحدى الأمهات ل"سبق" ما تراه عند زيارتها للروضة، وتقول: في كل يوم أرى ابني في مكان جديد، ولا أعلم أين الفصل الخاص بابني، وكم مرة رأيت الفصول المجهزة لأطفال التربية الخاصة مليئة بالمشتِّتات الذهنية، كما أن المعلمات عددهن قليل جداً مقارنة بأطفالنا؛ مما يسبب مشاكل للطفل وللمعلمة معاً.
وعلى نفس المنوال أبدى عدد من الآباء استنكارهم لما يحدث، وقالوا: "كيف تفتح الروضة الثانية في الطائف بأبها لاستقبال أطفالنا المرضى، وهي غير مؤهلة ولا تتوفر بها أبسط الحقوق للطفل المتأخر فكرياً ولغوياً وجسدياً؛ فأين الأمانة وأين الضمير؟ أم إن الزيادة (30%) -التي تستلمها الهيئة الإدارية دون استحقاق- أعمتهم عن دورهم تجاه أطفال أبرياء وبحاجة للعون".
وناشد آباء وأمهات أطفال التربية الفكرية، الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم، الالتفات لوضع أطفالهم، وإنصافهم، والحث على الاهتمام بأطفالهم؛ لا كأنهم أشخاص ميؤوس من شفائهم ولا يستحقون أن تُبذل لأجل تعليمهم الجهود الملموسة.
وقالوا: "أهملت حقوق الأصحاء والمرضى ولم يراعوا حقوق الطرفين؛ فكم يعاني الأهل ليوفروا لأطفالهم تعليماً يناسب قدراتهم وعقولهم الصغيرة، والتعامل مع الطفل من منطلق حقه الذي كفله له النظام ونصّ عليه القانون".
وطالب الأهالي بتوفير بيئة صفّية مناسبة تجمعه بأقرانه لتركّز المعلمة جهودها عليه كطفل من ذوي الاحتياجات وله طرق تعليم ووسائل تختلف عما يتوفر للأصحاء؛ خاصة أن الأمهات يعترفن بما تقدمه المعلمات لأطفالهن من جهد ومحبة ورغبة في تدريب الطفل؛ ولكن كل الجهود ستكون هباءً منثوراً إن ظلّ الأمر على ما هو عليه، وستضيع أعوام من عمر هؤلاء الأطفال دون تقدّم ودون أن يكون للدمج أي فائدة تُذكر.