أضاء الإعلامي سعود الدوسري في برنامج "أهم 10" على شاشة "روتانا خليجية" مواضع كثيرة في حياة الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله – فهو إنسان أقل ما وصف به رقيه وثقافته ونظرته الحضارية لمجريات العالم السياسية والاقتصادية والثقافية. وبعد عرض سيرته الذاتية السياسية والثقافية توقف الدوسري عند تاريخ القصيبي في الخامس من رمضان عام 1431ه الموافق 2010م، لينطلق بحلقة استضاف فيها شخصيات عرفت د. غازي القصيبي في الأستديو، منهم فهيد الشريف، المحافظ السابق للمؤسسة العامة لتحلية المياه، والدكتور علي الخشيبان، كاتب وأكاديمي سعودي.
وتحدث "الشريف" عن حب الناس ل"القصيبي"، وعن علاقته به أيام الدراسة في جامعة الملك سعود، ووصفه بشعلة من النشاط والحيوية والتمرد على الأنظمة والتقاليد والروتين والبيروقراطية، وأحدث نوعاً من التظاهر في الكلية، وكسر الحواجز بين الطلبة وأساتذة الجامعة، وحين أصبح عميداً في الكلية أحدث الكثير من التغيرات في نمط الدراسة والإدارة ونمط الحياة في الجامعة، إلى أن صار مستشاراً ووزيراً.
أما د. الخشيبان فتحدث عن الحب الذي لقيه من الناس، ورأى أن "القصيبي" وكل تجاربه تؤكد أنه كان مجموعة من المواهب التي وجدت في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وكتب عنه "العقل السيامي"، كونه مجموعة إبداعات فرضت نفسها.
واستعرض "الدوسري" في الحلقة أياماً من حياة القصيبي.. يوم فاز برئاسة نادي الطلاب العرب في أمريكا أثناء دراسته للماجستير وبالانتخاب، وفي العام 1391 ه، تولى منصب عميد كلية العلوم الإدارية في جامعة الملك سعود.
وذكر "الخشيبان" مزايا الراحل ووصفه بالصادق في نواياه وفيما يريد، عندما عاد إلى السعودية نقل التجربة التي تتناسب مع مجتمعه، ويمكن أن تطبق في الداخل السعودي، وهذه أحد الأسباب الرئيسية الفكرية لنجاحه، لذلك كانت كل صراعات القصيبي سواء على المستوى الاجتماعي أو الإداري أو الثقافي تؤكد أن هذا المجتمع ليس استثناءً عن باقي المجتمعات، ويلتزم بقيمه وثقافته وعاداته وتقاليده، ولكن هناك مستجدات يمكن أن تساهم في تطوير هذا المجتمع، واستطاع ببراعة سياسية وإدارية أن يفصل بين تلك الظاهرة التي كانت سائدة في العالم العربي من قوميات وأحزاب وبين دوره الوطني.
وفي تقرير خاص، تحدث الصحفي والكاتب جهاد الخازن عن معرفته بالدكتور غازي القصيبي في البحرين، ووصفه بالرجل الوطني والظريف والمثقف، وتذكر العديد من المواقف السياسية والثقافية، وذكره أن عقله حاد، واشتغل حتى في مراحل مرضه الأخيرة.
وفي مرحلة تالية ذكر سعود الدوسري أياماً مفصلية في حياة "القصيبي"، ومنها: عام 1393ه حين تولى منصب مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية، وفي العام 1396ه حين عُيّن وزيراً للصناعة والكهرباء، وفي العام 1402ه يوم عُيّن وزيراً للصحة.
وتحدث "الشريف" عن فترة تعيين د. غازي وزيراً للصناعة والكهرباء واختاره من بين المرشحين ليكون مدير مكتبه بالتكليف، وانتقل معه إلى وزارة الصحة، وكان في ذهنه أفكار في مجالات عمله.
أما الدكتور علي فتحدث عن مواجهة الراحل القصيبي لتيارات مختلفة، والغرابة أنه فاجأ المجتمع بأنه يملك من المعلومات والمعرفة ما يتجاوز ما كان يعتاد عليه وزير يملك خبرة في مجال وزارته، وكان أول من طرح آراء من مذاهب مختلفة ونبش في تاريخ الفكر الديني وجمع آراء وطرح في عدة كتب، ومنها كتابه "حتى لا تكون فتنة". وأفكاره جعلته في مواجهة مع بعض الرموز، وعندما قرأ المجتمع أفكاره بدأ يتعاطف معه، وكان فذاً استثناءً في حياته ومماته.
وتحدثت الشاعرة د. أشجان الهندي التي اعتبرت نفسها محظوظة بأنها عاشت في زمن غازي القصيبي وحضر لها أمسية شعرية مما حقق لها نوعاً كبيراً من الدعم، وتابعت بأنه كان داعماً للمرأة السعودية طالبة أو أديبة وفي أي مجال آخر، كان يدعمها أيضاً بآرائه.
وفي اتصال مع د. إبراهيم المنيف الذي عمل تحت إدارته في شركة الكهرباء، حيث واجه صعوبات وعوائق في هذا المجال، كما ذكر، ووصف علاقته مع د. غازي القصيبي في كتابه "الطفرة والنفط والتنمية" بأنه صاحب رؤية نافذة بمشروع دمج شركات الكهرباء، وكان محفزاً للغاية وممثلاً للعاملين معه، وكان لديه وسائل إقناع.
وفي نقاط أخرى استعرض "الدوسري" ثلاث محطات إضافية في حياة د. غازي القصيبي هي: عام 1404 ه. عُيِّن سفيراً لدى مملكة البحرين، وفي عام 1412 ه، عُيِّن سفيراً بريطانيا، وفي عام 1423ه، عُيِّن وزيراً للمياه والكهرباء، وتحدثت الصحفية بارعة علم الدين التي أجرت معه آخر لقاء في البحرين، ولم يكن معداً للنشر، ولكن بعد وفاته نشرته، حيث تحدث في السياسة العالمية، ورأت أنه نشر الفكر والوجه الحقيقي للسعودية، ورأت فيه قبولاً لما أصابه، وهو لم يخسر المعركة، بل لم يعد يرغب في استمرار الحرب.
وفي السياق نفسه، تابع "الخشيبان" بأنه لم يواجه التيارات، بل هم من فتحوا معه المعركة لأنهم لم يفهموه، وهو من انتصر عليه وانهزموا وعادوا للأفكار التي كان يطالبهم بأن يتبنوها، وكانت معركته من أجل المجتمع والوطن.
وعرضت شهادة من حمد القاضي، عضو الهيئة الاستشارية لكرسي غازي القصيبي، وقال إنه عمل كثيراً لمصلحة وزارته، وتحدث عن تواضعه إذ بعد توليه منصب سفير المملكة في البحرين دعاه مستخدم في وزارة الكهرباء إلى زفاف ابنه، فوجئ المستخدم أن القصيبي جاء إلى المملكة لحضور زفاف ابنه، وعندما شكرته على خطوته قال لي إن مناسبة هذا المستخدم أحب من مناسبة وزير أن أي شخص آخر.
وفي القسم الأخير ذكر آخر يومين في حياة د. غازي القصيبي، وهما: عام 1425ه، عُيِّن وزيراً للعمل، وفي عام 1431 ه، كانت وفاته في الخامس من رمضان. وتحدث الضيوف عن أيامه الأخيرة، وفي اتصال مع مدير مكتبه هزاع العاصمي، وقال إنه لم يكن يريد أن يشرك أصحابه فيما يعانيه من حالته الصحية، ولم يكن يرد على الاتصالات إلا قليلاً، ومنها اتصال كل فترة من خادم الحرمين الشريفين، ويتحدث معه عشر دقائق، وكانت هذه المكالمة تعيد إليه الأمل.
ووصف الضيوف غياب د. غازي القصيبي بالخسارة للجانب الثقافي وفقد رمز من الرموز الوطنية ذات الأهداف التنموية والتطويرية على الجوانب الفكرية والاجتماعية، ومن الصعب أن يُملأ فراغ في المكان الذي كان يملؤه.
وفي ختام الحلقة تلقى "الدوسري" اتصالاً مع سهيل القصيبي ابن د. غازي القصيبي وصف فيه مشاعر الحب تجاه الفقيد بالمشاعر الطيبة.