تكاثرت المقترحات الاقتصادية لكيفية التعاطي مع الحالة الاقتصادية، وهي ظاهرة صحية، للجميع النظر فيما يهم وطنهم وطرح الرأي، ولطالما طالب ولي الأمر بضرورة سماع هذا الرأي أو النقد والتعاطي معه، وهذا مكسب شعبي أعطاه ولي الأمر حكم القانون، وأتمنى المحافظة عليه بحسن استخدامه والنصح فيه بترك الهوى. أستغرب تسليم البعض بحصانة وحصافة المقترحات الخارجية والدفاع المستميت عنها درجة تسفيه ناقديها، ولعل آخر هذه المقترحات ما قدمه متعهد الاستشارات معهد ماكينزي. ماكينزي لم يكتشف ضعف نسبة نمونا ولا انخفاض نسبة القيمة المضافة للعامل أو حتى الموظف السعودي، هذه معلومات يعرفها طلبة السنة الأولى اقتصاد، ما لم يعرفه ماكينزي تهالك قطاعنا الخاص العالة على القطاع العام، وعدم قدرته على توليد، فضلا عن استثمار، ربع المبلغ الذي توقعه ماكينزي، وحتى لو أضفنا كل احتياطنا لن يصل لذلك المبلغ، وكذلك تدني نسبة جذب استثمارات أجنبية، فهل اللوم على من قدم «الإحصاءات» لماكنزي (للمهتم مراجعة مقالة الأستاذ برجس البرجس، الوطن، 15 ديسمبر الجاري، وغيره ممن راجع خطة ماكينزي)، الانبهار بالقبعة وعقدة الخواجة يجب ألا يحجبا المجهودات المحلية، والقضية ليست كرافتة أم غترة بل أفكار تتحاجج، المأساة أن كثيرا من المكاتب الاستشارية العالمية تستخدم خبراء محليين مقابل فتات مما يستلمونه ممن كلفهم بالدراسة واستشارهم. السؤال، ما الذي دفع وزارة الاقتصاد لاستشارة ماكينزي ليضع لها خطة خيالية درجة تغيير استراتيجيتها المعلنة للخطة العاشرة بالتحول لاقتصاد المعرفة إلى التحول للقطاع الخاص، ما الذي، تحديدا، حدث لتقرير لجنة الاقتصاد والطاقة الذي أجرى تعديلات جذرية على خطة «اقتصاد المعرفة» وناقشه مجلس الشورى بداية هذا العام الهجري، وحوى أرقاما أقرب للواقعية والعقلانية (عكاظ، 22 محرم، 1437ه) كيف سيجيب وزير الاقتصاد فيما لو سأله مجلس الشورى لم عدلت عن تقريرنا، ولم استشرت معهدا أجنبيا لا يعلم بتضارب أرقام وزاراتي العمل والاقتصاد سواء في نسب البطالة والإنتاجية والعمالة الأجنبية أو حتى قيم إنتاج النفط ومدخولاته وقيمة الاحتياط، أم تراه علم أنه لن يسأل، فغير وبدل. جميعنا يشجع القطاع الخاص، ولكن ليس درجة تحميله فوق طاقته، وليس قبل تنظيم عمله لإخراج نباتات طفيلية كثيرة نمت حوله، ومازال لبعضهم إشكالاتهم مع هيئات الرقابة، جميعنا يريد لهذا القطاع أن يصبح رائدا للعمل التنموي الوطني، ولا شك أنه قادر لوجود كثير من النبلاء داخله ممن يهمهم الوطن ورفعته قبل الكسب المادي، وجميعنا ارتضينا علاقة باتجاه مزدوج لمصلحة الجانبين.