في السنوات الأخيرة بدأ الناس يدركون شيئًا جوهريًا في حياتهم النفسية: أن الضياع ليس شعورًا غامضًا كما يبدو، بل هو نتيجة غياب اتجاه واضح يقود الإنسان نحو معنى يعيش من أجله. هذا الاكتشاف البسيط كان جوهر مدرسة ألفرد أدلر منذ أكثر من مئة عام، حين قال إن (...)
في زمنٍ تتسارع فيه الحياة وتتداخل فيه الضغوط النفسية مع تفاصيل الإنسان اليومية، يصبح وجود المعالج النفسي ضرورة لا ترفًا. لكن ما يغيب عن كثيرين هو أن هذه المهنة ليست مجرد أدوات علاجية أو جلسات منظمة أو بروتوكولات علمية جاهزة؛ بل هي مهنة أخلاقية قبل (...)
في كل وزارة هناك خلل يمكن ملاحظته لا يؤثر في المستفيدين، لكن في وزارة الصحة تحديدًا، الخلل له أثر مباشر في الإنسان ذاته، في نبضه، صحته، ومكانته حين يطلب الخدمة. إحدى المشكلات المزمنة التي لم تُطرح بالجرأة الكافية هي تحول الأطباء إلى وظائف إدارية، (...)
في زمن أصبحت فيه العقلية أهم من القدم، لم يعد الطريق إلى النجومية في الملاعب يمر فقط عبر التدريبات اليومية أو المهارة الفطرية، بل عبر ما هو أعمق وأدق: العقل والنفس. نحن نعيش اليوم عصرًا تتقاطع فيه الرياضة مع علم النفس أكثر من أي وقت مضى، وأصبح (...)
من السهل أن نملأ الرفوف بالكتب، لكن من الصعب أن نملأ العقول بالفكر. هذه هي مأساة الإنتاج الأدبي العربي اليوم: هشاشة ظاهرة، وادعاء متقن. كأننا أمام جيل من المؤلفين الذين يكتبون لا ليقولوا شيئًا، بل ليُقال عنهم إنهم قالوا شيئًا.
حين تتأمل المشهد (...)
لطالما قيل إن القراءة تفتح العقول، وتُهذّب النفوس، وتُنير الطريق. لكن قلّما يتحدث أحد عن الجانب الآخر، عن ذلك الظل الذي يرافق القارئ حين يتجاوز الحدّ الفاصل بين الوعي والإنهاك. ليس كل ما يُنيرُنا يُريحنا، فالمعرفة في لحظاتٍ كثيرة تُثقل الكتف أكثر (...)
في كل خريف من أعوامنا الأخيرة، تنبض الرياض بشيءٍ يشبه «الوعي الجمعي» أكثر من كونه مجرد مهرجان للكتب. حين تفتح أبواب معرض الرياض الدولي للكتاب، فإنك لا تدخل قاعة بيعٍ وشراء، بل تدخل ذاكرة أمةٍ تعيد تعريف نفسها عبر الحرف والفكرة والسؤال. في هذه الأيام (...)
حين نسمع كلمة «التوحّد»، يقفز إلى أذهان كثيرين مشهد طفل صامت، غارق في عزلته، لا يتواصل مع العالم. الصورة مؤلمة، لكنها ناقصة. الحقيقة أن التوحّد ليس نهاية المسار، بل بداية لطريق يحتاج فقط إلى عين ترى الإمكانات لا العوائق، وإلى تدخل مبكر يفتح الأبواب (...)
في زحمة الشعارات الإنسانية التي ترفعها بعض المؤسسات التعليمية، نجد واقعًا أكثر قسوة مما يُعرض في الصور الدعائية. الحديث هنا عن مدارس الرعاية النهارية المخصصة لذوي الإعاقة الذهنية، وطيف التوحد، ومتلازمة داون. مؤسسات يُفترض أن تكون حاضنةً للرحمة (...)
في جازان، حيث تنبض الأرواح بالحب لكرة القدم، وحيث تكاد الأزقة الصغيرة تتحوّل إلى ملاعب شعبية لا تنطفئ أنوارها حتى بعد منتصف الليل، يظل المشهد ناقصًا: لا ملعب جماهيري يليق بشغف أهل المنطقة ولا منشأة رياضية تحتضن هذا العطش المزمن للرياضة. مفارقة مؤلمة (...)
لا يمكن أن نغضّ الطرف عن مشكلة تتنامى في صمت داخل مدارسنا وجامعاتنا: الاحتراق الوظيفي لدى المعلمين. تلك الحالة النفسية التي تجعل المعلّم، الذي كان يومًا مشرق الوجه، متحمسًا لنقل المعرفة، يتحوّل إلى شخص مرهق، فاقد للحماس، يؤدي واجبه كأنه روتين ثقيل (...)
لم يكن الإنسان في تاريخه الحديث أكثر اتصالًا بالعالم كهذا العصر. لكنه في المقابل، لم يكن أكثر قلقًا، أو أكثر شعورًا بالنقص كما هو اليوم. شيء ما تغير في تركيبة الدماغ البشري. وكأن التقنية لم توسّع إدراكنا، بل زادت من جوعنا. صارت العين لا تكتفي، (...)
في زاوية من زوايا الإدارات التعليمية، ثمة أوراق جامدة تقرر مصير بشر. أوراق تقول إن اللغة العربية ليست مؤهلة لتُدرَّس في المرحلة الابتدائية، أو أن خريجات «عربي 2» غير مؤهلات لتعليم النحو والإملاء للأطفال، رغم أنهن أمضين أربع سنوات في قاعات جامعية (...)
ثمة حساسية غريبة بل عجيبة باتت تلازم العقل العربي المعاصر حين يُذكر التراث، وكأن في الأمر استدعاء لأشباح الماضي أو نكوصًا عن المستقبل. تثار هذه الحساسية تحديدًا في الأوساط المثقفة والفكرية، حيث نجد أصواتًا تعلو بحدة كلما طُرحت فكرة التفاعل مع التراث (...)
عندما نقرأ تاريخ العلم-التجريبي عبر التاريخ، نلاحظ أن هناك تجاهلًا للتاريخ العلمي عند العرب. نجد قفزة من اليونان إلى عصر النهضة دون أي ذكر لتحولات العلم-التجريبي في التاريخ العلمي عند العرب. في هذا المقام، عندما نذكر مصطلح «العلم» نقصد بهِ المعرفة (...)
قبل عدة أيام عدت إلى أرض المملكة العزيزة عن طريق مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، انبهرت بسرعة الإجراءات التي لم أصادف مثلها في المطارات التي زرتها والتي تفوق العشرين مطارًا في جميع أنحاء العالم. عندما وصلت إلى صالة القدوم، واجهت جهاز الجوازات (...)
أشعر أحيانًا أن هناك يدًا غير مرئية تسحبنا بلطف من واقعنا، تسرق منّا انتباهنا دون أن نشعر. نكون في وسط لحظة حقيقية، مع من نحب، أو ربما في عزلة نحتاجها، ثم فجأة، نجد أنفسنا غارقين في بحر لا نهائي من الفيديوهات، الصور، والتعليقات. هذه ليست مجرد عادة (...)
بعض العيادات النفسية لا تخبر العميل بحقوقه الأساسية في العلاج، رغم أنه واجب أخلاقي من العيادة تجاه العميل. إذ إن العيادة عليها أن تخبر العميل النفسي بكامل حقوقه حتى يتسنى له البدء في العلاج بشكل آمن وواعٍ ومطمئن. وعي العميل النفسي بحقوقه وبالصورة (...)
في بلادنا منظومة أخلاقية رائعة متفق عليها غير مدونة. تجد التواصل بين أفراد المجتمع مبنيًّا على أخلاقيات عربية مترسخة في نفوسهم. الذي شدني أكثر هو أخلاقيات رجال الأمن السعوديين، عندما تجدهم يُقَدِّمون الرحمة في التعامل مع المواطنين. هناك تفاهم أخلاقي (...)
لأول مرة أشاهد عملًا سعوديًا يحمل كثافة مشاعرية، تأخذنا إلى عمق أرواح الشخصيات وإلى حقبة زمنية من داخل الثقافة. هذه المشاعر المكثفة هي جوهر الدراما التلفزيونية، ومن يصل إلى هذا الحد من الشعور العميق فقد وصل إلى المشاهد. حتى إن بعض الممثلين لم (...)
ابن تيمية، رغم حدته الشديدة وتعصبه في الفهم الديني والقيم الإسلامية النظرية، فإنه واقعي ونسبي في التطبيق. على سبيل المثال: كان ابن تيمية يرى أن أمر الخلافة واجبٌ شرعي «من الناحية النظرية»، لكنه لم يطالب يومًا بإسقاط الحكام والخروج عليهم من أجل تحقيق (...)
الأخلاق منظومة عقلية يتبناها الإنسان لتنظيم سلوكه، وجعله كائنًا عاقلًا ذا معنى في الحياة. تنتظم حياة الفرد بالأخلاق التي يحملها، بحيث يكون تعامله مع الآخرين وفق هذه المنظومة المتفق عليها بين أفراد المجتمع. وبناءً على ذلك، يكون تعامل الآخرين نتيجة (...)
الإيمان حالة وجودية لا حدود لها، وهو مفهوم يتجاوز القيود المذهبية والطائفية والفقهية. الإيمان حر بقدر حرية الإنسان الجوهرية التي اختصه الله بها من بين سائر المخلوقات. الإيمان يستوطن روح الإنسان الأبدية المطلقة، التي لا تحدها قيود ولا يسعها الكون (...)
الإيمان حالة وجودية لا حدود لها، وهو مفهوم يتجاوز القيود المذهبية والطائفية والفقهية. الإيمان حر بقدر حرية الإنسان الجوهرية التي اختصه الله بها من بين سائر المخلوقات. الإيمان يستوطن روح الإنسان الأبدية المطلقة، التي لا تحدها قيود ولا يسعها الكون (...)
حضرت دورة تدريبية نفسية عن بعد، في أحد المراكز النفسية الكبرى على مستوى المملكة. مقدم الدورة دكتور نفسي صاحب خبرة كبيرة في المجال. تفاجأت عندما بدأ بالحديث عن أحد عملائه بشكل حاد تجاه مشكلته النفسية التي كانت «اضطرابًا في الهوية الجنسية»، وبدأ يسخر (...)